بسبب دورها المشبوه طيلة السنوات الماضية

لا تراجع عن مطلب إغلاق «الجزيرة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

سلط إدراج مطلب إغلاق قناة الجزيرة القطرية ضمن قائمة المطالب الـ13 التي يتعين على قطر الوفاء بها لرفع المقاطعة عنها الضوء على الدور المحوري الخبيث الذي لعبته القناة في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وترويج أفكار وتوجهات الجهات المتطرفة، وبث الإشاعات والأخبار المفبركة على مدى السنوات الماضية.


وأكد مسؤولون خليجيون أنه لا تراجع عن مطلب إغلاق قناة الجزيرة، أو أي من المطالب الأخرى، لأن القيادة القطرية استخدمت هذه القناة بشكل مكثف لتهييج الرأي العام في العديد من الدول العربية، وإثارة القلاقل فيها، وتقديم دعم غير مسبوق للفكر المتطرف والجماعات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان وحزب الله والقاعدة.


وكان موقع ويكيليكس قد كشف منذ سنوات عن استخدام قطر للجزيرة كأداة مساومة وضغط في مفاوضاتها مع بعض الدول والحكومات، ورأى دبلوماسي أميركي في إحدى المذكرات السرية المسربة أنه بالرغم من تشديد القناة على استقلاليتها إلا أنها «من أهم الأدوات السياسية والدبلوماسية التي تملكها قطر».


وجاء في الوثائق المسربة على نطاق واسع أن قطر تتدخل لتعديل تغطية الجزيرة لإرضاء بعض القادة الأجانب، كما أوحت المذكرة بأن قطر عرضت إلغاء بعض التقارير والبرامج التي تتضمن انتقادات لقاء تنازلات معينة.


وقال محللون خليجيون إنه على الرغم من أن قطر سعت إلى تنفيذ حملة واسعة النطاق تستهدف من خلالها تصوير مطلب غلق «الجزيرة» بأنه يمثل تعدياً على حرية الإعلام والتعبير، فإن كافة المؤشرات تؤكد أن هذا المطلب لا مجال للتنازل عنه، لأن القناة منذ تأسست في العام 1996 قامت بدور تخريبي واسع النطاق في المنطقة العربية، من خلال حملات التحريض المباشر على التطرف والإرهاب وبث الفوضى، وساهمت في بلورة مشروع الدمار الذي أصاب عدداً من الدول والمجتمعات في العالم العربي، وتحولت إلى أداة في أيدي أجهزة المخابرات الأجنبية تمتد بالسوء والعداء إلى الجار والشقيق.


دور متعدد الولاءات
شكلت قناة الجزيرة أحد أبرز المنصات التي اعتمدتها القاعدة لترويج أفكارها، ونشر أخبارها، وهو ما تجسد في احتكار القناة لمختلف اللقاءات والإعلانات الرئيسية للقاعدة على مدى سنوات طويلة.
وارتبطت هذا العلاقة القوية بالقاعدة بفضيحة كبيرة للجزيرة توجت باستقالة المدير العام لشبكة قنوات «الجزيرة» القطرية، الإخواني وضاح خنفر من منصبه، في 19 سبتمبر 2011، بعد 8 سنوات قضاها بالمنصب. وقال خنفر في صفحته على «تويتر»: «بعد 8 سنوات من العمل الرائد في شبكة الجزيرة، أعلن الآن تركي للجزيرة».


وما لم تقله القناة أو مديرها العام المستقيل آنذاك أن استقالة خنفر جاءت بعد تورطه في التعامل مع المخابرات الأميركية، عندما أمر فريق «الجزيرة» بتسليم صور المقابلة الحصرية التي أجرتها القناة مع الملا داد الله أحد أهم الرموز الأفغانية في العام 2007 ما قاد عناصر السي إي إيه في 2007 إلى تحديد مكان إقامته وتنقله، وتنفيذ عملية استخباراتية ضده، انتهت باغتياله، وقد أكد القيادي في «منظمة التحرير الفلسطينية» صائب عريقات الدور المشبوه للقناة ومديرها العام عندما قال: إن «خنفر يتعاون مع جواسيس أميركيين تحت غطاء صحفي».


وفي 2011 وفي ظل عاصفة الربيع العربي، كشف «ويكيليكس» أن المخابرات العسكرية الأميركية كانت تقدم لخنفر تقريراً شهرياً عن رؤيتها لأدائها وأداء القناة، ونشر الموقع برقية تكشف تفاصيل لقاء خنفر بمسؤول الشؤون العامة في المخابرات العسكرية في السفارة الأميركية في الدوحة يوم 19 أكتوبر 2005، لمناقشة أحدث تقرير المخابرات عن «الجزيرة» وعن المواضيع المقلقة للإدارة الأميركية المنشورة في موقعها الإلكتروني، ووعد خنفر في رد مكتوب على نقاط التقرير بأن المواضيع المقلقة في موقع القناة «تم تهذيبها وتهدئة لهجتها وأنه سوف يزيلها من الموقع في خلال يومين أو ثلاثة»، وأن خنفر أبلغ العاملين على الموقع أنه في المستقبل حين يريدون إضافة مادة إلى قسم «تغطية خاصة» ينبغي أن يرسلوا مسودة الفكرة إلى مكتبه أولاً.


لعبة مخابرات
في غضون ذلك، أشارت برقية دبلوماسية صادرة في نوفمبر 2009 إلى إمكانية استخدام القناة «كوسيلة مساومة لتحسين العلاقات مع بعض الدول وعلى الأخص الدول المستاءة من تقارير الجزيرة، بما فيها الولايات المتحدة». وأكد دبلوماسيون أميركيون سيطرة حكومة قطر على الخط التحريري للقناة حتى إن برامج الجزيرة أصبحت جزءاً من محادثاتنا الثنائية، وفق البرقية.


وفي دليل آخر على استخدام القناة لأهداف سياسية، لفتت السفارة الأميركية في الدوحة إلى أن رئيس وزراء قطر آنذاك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني عرض صفقة على الرئيس المصري حسني مبارك، حيث إن بن جاسم قال للسناتور الأميركي جون كيري إنه عرض على الرئيس المصري صفقة تتضمن وقف البرامج المعادية لمصر على «الجزيرة» بشرط أن تبدل القاهرة موقفها من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وأشار السفير إلى أن «مبارك لم يرد بحسب رئيس الوزراء القطري».


فتنة في مصر
وتحدثت الوثيقة عن اللقاء الذي استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وفريق قناة «الجزيرة» والذي أسهب فيه بن جاسم في الحديث عن السياسة الخارجية القطرية في عدد من الملفات بما فيها المصالحة الفلسطينية وعملية السلام، ولم يدّخر جهدًا في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر، وقد قام السفير الأميركي لاحقاً بتحليل اللقاء ليستنتج أن «الجزيرة» أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاؤون لخدمة مصالحهم.


وبحسب الوثيقة رقم 677 بتاريخ 19 نوفمبر 2009 تم التأكيد على جزئية تكليف بن جاسم لقناة «الجزيرة» بعد اجتماعه بعدد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، ببث كل ما يذكي نار الفتنة في الشارع المصري، وليس الأهم هو ما بين الشعب والنظام، لكن ما بين المصريين أنفسهم.


منصة إرهاب
هاجم المذيع الأميركي الشهير جو سكاربورو قناة الجزيرة متهماً قطر باستغلالها لدعم الإرهاب ونشر الفوضى. المذيع الأميركي اتهم في حلقة من برنامج مورنينغ جو الشبكة الإخبارية القطرية بالدعاية ونشر التضليل ودعم الإرهاب. وأثناء مناقشة الأزمة الخليجية في برنامجه، وجه سكاربورو اللوم لقناة الجزيرة، التي أصبحت، وفق تعبيره، منصة لدعم ومساعدة المنظمات الإرهابية.

وقال سكاربورو: إن «قطر تمول منظمات إرهابية، مثل حزب الله، وجماعة الإخوان، وتعمل على نشر التضليل». وتساءل سكاربورو: «لماذا يضطر أطفالنا لمشاهدة الأفلام الوثائقية التي تمجد أسامة بن لادن، الرجل الذي كان يحاول دائماً قتلنا؟» وقال: إن «الأمر يؤكد صحة اتهامات بلدان مثل السعودية والإمارات للقناة»، مشيراً إلى احتجاجات الدول العربية والخليجية على التمويل القطري للمنظمات الإرهابية.

Email