«قطر صديقنا الذي يريد بنا شراً»

كتاب فرنسي يفضح الدوحة و«الجزيرة» والقرضاوي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يركّز كتاب قطر: صديقنا الذي يريد شراً، للكاتبين الفرنسيين نيكولا بو، وجاك ماري بورجات، على الدور القطري المشبوه في تحريك الربيع العربي، وتسليح المعارضين في بعض الدول التي عرفت احتجاجات شعبية سلمية، سرعان ما تحولت إلى حروب أهلية طاحنة، نتيجة التدخل القطري السافر، الساعي لتمكين ما تسمّى جماعات الإسلام الحليفة لها، من وضع يدها ووأد طموحات وآمال الشعوب في الحرية والانعتاق.

فضلاً عن تعرّض الكتاب لمحور مطول عن تاريخ العلاقات القطرية الإسرائيلية، وتخصيصه محوراً لقناة الجزيرة، وظروف تأسيسها وأهدافها، ومحور آخر عن تخوفات الفرنسيين من دور قطر في المستقبل، وغايته من شراء العقارات والأندية الفرنسية.

ويبحث الكتاب، وبأسلوب استقصائي في ملف ساخن، طالما أثار الرأي العام الفرنسي، وهو المتعلق بتوغل المال القطري في شراء مرافق ومؤسسات، إذ رأى المؤلفان أنه جاء في إطار التقليل من شأن السيادة الفرنسية، والإساءة للثقافة والإرث الحضاري والتاريخي الفرنسي.

لافتين إلى أن القادة القطريين أغروا الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، والسابق فرانسوا هولاند، بتلك الاستثمارات، ووظفوا وزير الخارجية الأسبق دومينيك دوفيلبان، محامياً عندهم، وعرفوا كيف يستقطبون عدداً من الفاعلين السياسيين في البلاد، في وقت بدأت تبرز فيه ملامح الغضب الفرنسي الفعلي من قطر، بسبب اكتشاف شبكات خطيرة من التمويل القطري للإرهابيين في مالي ودول أخرى.

لغز «الجزيرة»

غاص المؤلفان بو وبوجات في أسباب تأسيس قناة الجزيرة، أو التلفزيون الذي يملك دولة، كما يسميانه، قائليْن إنّه، وخلافاً للشائع، فإن فكرة إطلاق قناة الجزيرة لم تكن وليدة عبقرية الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، بل نتيجة طبيعية لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في عام 1995، إذ إنّه، وغداة الاغتيال، قرّر الأخوان ديفيد وجان فريدمان، وهما يهوديان فرنسيان، عمل كل ما في وسعهما لإقامة السلام بين إسرائيل وفلسطين.

واتصلا بأصدقائهما من الأميركيين الأعضاء في لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية أيباك، لإقناع الأمير بالأمر، بعد أن كانوا ساعدوه في الانقلاب على والده في عام 1995، وبالفعل، وجد الشيخ حمد الفكرة مثالية، تخدم عرابيه من جهة، وتفتح أبواب العالم العربي لإسرائيل من جهة ثانية.

ويؤكد الكاتبان أنّ حمد أخذ الفكرة من الشقيقين فريدمان، ثم أبعدهما عن المشروع نهائياً، بعد أن اكتشفت الرياض الأمر، وراحت تتهمه بالتأسيس لقناة يهودية.

كما يشرحان كيف دأبت قطر على استقبال مسؤولين إسرائيليين كبيرين، هما شيمون بيريز وتسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما الإسرائيلي، وكيف كانت علاقاتهما بقطر وبالقصر الأميري، حيث ينقلان أحاديث لرئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، حمد بن جاسم، معهما عن الفلسطينيين، خاصة قوله: «هل سيزعجنا هؤلاء الأغبياء طويلاً؟».

قطر والربيع

ويسرد المؤلفان الفرنسيان، الخطوات العملية لإطلاق ما سمي بثورات الربيع العربي، إذ أسّس المصري هشام مرسي، وهو صهر الإرهابي يوسف القرضاوي، ما تسمّى أكاديمية التغيير بالدوحة، التي ضمت العديد من المدونين، وبدأت نشاطها الفعلي، تزامناً مع الثورة التونسية التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة.

ووفق الكتاب، اتخذت واشنطن قراراً بتغيير الوطن العربي عبر الثورات الناعمة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وفي سبتمبر 2010، نظم محرك غوغل في بودابست «منتدى حرية الإنترنت»، وأطلقت بعده وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت «شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط»، وفي الأثناء، كانت قطر تحتضن سلسلة من الأنشطة، بعنوان «منتدى الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة».

وشارك الرئيس السابق بيل كلينتون وابنته ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس في إحداهما، في فبراير 2006، حيث تمّ آنذاك، الاتفاق على وثيقة سرية باسم مشاريع للتغيير في العالم العربي، وكان من نتائج ذلك، أن أسّس المصري هشام مرسي صهر الإرهابي يوسف القرضاوي «أكاديمية التغيير»، والتي ضمّت عدداً من المدونين والقراصنة الذي شاركوا بدور بارز في بث الفوضى بالمنطقة العربية، تحت شعارات ما يسمي «ثورات الربيع العربي».

ليبيا وسوريا

إلى ذلك، يخصّص الكتاب معلومات خطيرة عن كيفية التدخل المباشر في ليبيا، وقتل العقيد معمر القذافي، وأسئلة مشككة بمقتل ثلاثة شخصيات من العارفين بأسرار الدور القطري، وكرم القذافي مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وغيره، وبينهم وزير النفط السابق، شكري غانم، الذي قيل إنه مات غرقاً في سويسرا.

ووفق الكتاب، فإن مصالح هائلة، كانت وراء ضرب ليبيا، وبينها الودائع المالية الكبيرة للقذافي في الدوحة، ورغبة قطر في احتلال مواقع القذافي في أفريقيا، حيث مدت خيوطها المالية والسياسية والأمنية، تحت ذرائع المساعدات.

واهتم الكتاب بدور قطر في عسكرة الثورة السورية، ودعم الإرهابيين، مشيراً إلى أنه مع بداية الاحتجاجات في سوريا، غضت الأسرة الدولية الطرف عن البواخر المحملة بالسلاح من قطر وليبيا عبر لبنان إلى سوريا، إلا أنّ عمليات التهريب ازدادت على نحو أقلق الموساد الإسرائيلي، فأسرع إلى إبلاغ قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني.

وتمّ توقيف باخرة في 2012 في البحر، وكان ذلك إنذاراً للدوحة، لكي تكون أكثر سرية، ولتخفف من دعمها للمتطرفين. كما اكتشف الجميع أنّ قطر ساعدت هؤلاء الإرهابيين أيضاً بمستشارين، وبينهم الإرهابي عبد الكريم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة.

زيارة سرية

وتضمّن الكتاب، شهادات موثّقة مع عشرات المسؤولين الفرنسيين والأميركيين والعرب، من بينهم أسماء بالقادة طليقة القرضاوي، والتي شغلت منصب نائب في البرلمان الجزائري، وتحدثت عن القرضاوي بالقول: «بالنسبة لي، فإنه وسيلة ضغط، وزار سراً إسرائيل مطلع عام 2010، وحصل على شهادة تقدير من الكونغرس الأميركي». ما يؤكد طبيعة الدور الذي كان يؤديه، في ظل الخيمة القطرية المرتبطة بشكل كبير باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وخارجها.

وأبرز الكاتبان أن ما تنقله الجزيرة من تضخيم للأحداث عن الوضع في مصر، ما هو إلا عقدة نقص، وطموح قطري فاشل في تبوؤ دور أكبر من حجمها وسط العالم العربي، مشيريْن إلى أنّ دور القرضاوي في القناة، ظل ومنذ لحظة الإطلاق الأولى الورقة المعدة للعب دور أكبر من دوره، حيث إنّ الحديث كان يصور القرضاوي وعودته لميدان التحرير عقب ثورة 25 يناير، على أنها عودة الخميني عام 1979 إلى طهران.

Email