تضارب التصريحات يكشف عمق أزمة الدوحة

قطر لن تصمد أمام نذر الانهيار الاقتصادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت تقارير صحافية أنَّ قطر في طريقها إلى الانهيار، وذلك بعد أن أثبت عدد من الخبراء أنها ستضطر إلى استيراد ما يقرب من 90 % من المنتجات الغذائية، منها 40 % لن يدخل البلاد بسبب أن حدودها البرية الوحيدة هي السعودية مما يجعل مرور أي سلع عبر تلك الحدود صعباً بسبب المقاطعة، فتجد قطر نفسها فجأة معزولة تماماً عن العالم «في الوقت الذي يكشف فيه تضارب التصريحات من جانب المسؤولين القطريين عن التخبط والارتباك الشديدين وعمق الأزمة الاقتصادية على الدوحة».

وذكرت صحيفة «الفاتو كوديتيانو» الإيطالية في تقرير لها إلى أن قطر ثاني أكبر منتج للهيليوم في العالم، إلا أنها اضطرت إلى إغلاق مصنعيها لإنتاج الهيليوم بسبب المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها عليها بعض الدول العربية، مشيرة إلى أن الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمصنعين تصل إلى ما يقرب من ملياري قدم مكعبة قياسية سنوياً من الهيليوم السائل ويمكنهما تلبية نحو 25 % من إجمالي الطلب العالمي على الهيليوم.

ويستخدم الهيليوم في تبريد الوحدات المغناطيسية الفائقة التوصيل في أجهزة التصوير بأشعة الرنين المغناطيسي ورفع المناطيد والتنفس عند الغوص في المياه العميقة والحفاظ على تبريد معدات الأقمار الصناعية، ويشتق الهيليوم من الغاز الطبيعي أثناء المعالجة، كما يستخدم في تنظيف محركات الصواريخ، وتكثيف الهيدروجين والأكسجين لتصنيع وقود الصواريخ، ودفع الوقود داخل المحركات أثناء إطلاق الصواريخ.

هدف بعيد

وكانت قطر عند افتتاحها لهذا المشروع الضخم قبل 4 سنوات، تطمح في أن تصبح أكبر مصدر للهيليوم في العالم خلال 20 عاماً، لكنها لم تصل لهذا الهدف، والذي أصبح بعيد المنال مع المقاطعة الحالية وتعثر خطوط التصدير.

وكانت مصانع قطر تستهدف تلبية نحو ربع الطلب العالمي من غاز الهيليوم، بتكلفة بلغت نحو 1.53 مليار ريال، ويشتمل مشروع قطر لإنتاج الهيليوم على تقنيات بالغة التعقيد، لاحتجاز واستخلاص وتكرير الهيليوم الخام من 6 خطوط عملاقة لمعالجة الغاز الطبيعي المسال، بطاقة تزيد على 1.3 مليار قدم قياسية مكعبة سنوياً.

مأزق كبير

وأضافت الصحيفة الإيطالية أنَّه من المتوقع أن يشن القطريون حملة ضغط على الحكومة للتفاوض مع الدول العربية، والتعهد بعدم دعم الإرهاب، وذلك في محاولة للخروج من المأزق الذي يجعلهم في ورطة كبيرة، كما على قطر التفاوض مع الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، الذي قال على تويتر بعد مقاطعة الدول العربية لقطر، بداية نهاية الرعب الإرهابي.

حالة ارتباك

من جانب آخر كشف التضارب في التصريحات من جانب المسؤولين الحكوميين عن حالة الارتباك والتخبط لدي حكومة الدوحة ما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية.

وأطلت الدوحة من جديد بتضارب في التصريحات الخاصة بالأزمة التي تشهدها بعد المقاطعة التي فرضتها السعودية ودول خليجية وعربية أخرى، وكان آخرها أول من أمس بشأن إلغاء إجازات الموظفين الأجانب أو منعهم من السفر.

وفي الوقت الذي أكدت شركة قطر للبترول المملوكة لحكومة قطر في بيان، أنها لم «تمنع أي موظف أجنبي أو قطري في قطر للبترول أو شركاتها من أخذ الإجازة السنوية أو من الحصول على تصاريح مغادرة»، إلا أنها استدركت في البيان نفسه،«إنه قد يُطلب من عدد من الموظفين في بعض المناصب الحساسة تأجيل إجازاتهم لأسباب تشغيلية بحتة نظراً للمقاطعة التي تفرضها بعض البلدان»، ما يؤكد تأثرها بالأزمة القائمة.

وتابع البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، أن الأمر يتعلق «بإجراء محدود، وفي حالة استثنائية قد تحدث من وقت لآخر في أي شركة تعمل في مجال النفط والغاز، إذا استدعت الحاجة التشغيلية إلى ضمان إمدادات الطاقة دون انقطاع لعملائنا في جميع أنحاء العالم».

وقال«وقد تقدم الموظفون بطلبات الحصول على إجازاتهم السنوية من خلال اتباع الإجراءات الاعتيادية المتبعة دون أي قيود، إلا في الحالات المذكورة»، على حد زعمه.

ويأتي ذلك بعد أن لجأت شركات قطرية إلى إلغاء إجازات العاملين، خوفاً من سفرهم وعدم عودتهم مرة أخرى إلى البلاد، في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد على وقع المقاطعة مع دول خليجية وعربية وإسلامية. وأكد مغتربون يعملون في قطر للبترول وشركات قطرية أخرى، أن أرباب العمل ألغوا إجازاتهم وطلبوا منهم عدم مغادرة الدوحة.

ورطة الحكومة

ووفقاً لـ «رويترز»، قال مسؤول قطري إن بعض الإجازات ألغيت في قطاعات حكومية أساسية للحفاظ على عدد كاف من العاملين، بعد العزلة التي وضعت الحكومة في ورطة. وأشار مديرون ومهندسون أجانب في مجموعة قطر للبترول إلى أن الأوامر بدأت بعد يوم من قيام السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع روابط التجارة والنقل مع قطر هذا الشهر.

وقال بريطاني يعمل في شركة تابعة لقطر للبترول المملوكة للدولة، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، «طلب مني ألا أسافر. إذن المغادرة والإجازة ألغيتا». وأبلغ أطباء من مستشفى حمد الذي تديره الحكومة عن تلقي مثل هذه الأوامر، وقال آخرون إن الأوامر تؤثر في مئات الأشخاص.

وقال المسؤول القطري الذي طلب عدم نشر اسمه «هيئات حكومية معينة ألغت المغادرة حتى يكون لديها عدد كاف من العاملين للمساعدة في التخطيط الحيوي مثل استئجار خطوط جديدة للشحن البحري وجلب الأغذية إلى البلاد».

مخاطر

ويأتي ذلك في وقت أكد مختصون أن قطر مقبلة على عدة مخاطر اقتصادية قصيرة وطويلة الأجل في حال استمرار تعنتها ودعمها الإرهاب وتمويله.

وأشاروا إلى أن الآثار قصيرة الأجل تمثلت في الخسائر الضخمة التي منيت بها بورصة الدوحة وشح السيولة وانخفاض قيمة الريال القطري وشلل حركة النقل البري وزيادة تكاليف الاستيراد والتصدير، لكن الآثار طويلة الأجل تكمن في إمكانية خسارتها لاستثمارات ضخمة ومزايا منظومة العمل الخليجي المشترك، وذلك بإمكانية إلغاء عضويتها في المجالس المشتركة وإخراجها من اتفاقيات مثل الربط الكهربائي والاتحاد الجمركي وغيرهما.

Email