تحالف القوى يشترط وجود إجراءات فعلية قبيل «التسوية الوطنية»

تعثّر مشروع جديد لـ «تصفير الأزمات» في العراق

نازحون عراقيون يحاولون اقتناص المساعدات الغذائية عبر عازل حديدي في مخيم الخازر ــ رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينشغل الوسط السياسي العراقي بمناقشة ما بعد استعادة الموصل من تنظيم داعش، وتشكيل أقاليم جديدة، أو منح المحافظات المزيد من الصلاحيات، فيما اعتبرت لجنة المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء العراقي أن «التسوية الوطنية» التي طرحت أخيراً «تختلف» عن المبادرات السياسية السابقة بأربع ركائز، مشيرة إلى وجود خطة تنفيذية من خمس مراحل لتنفيذ «التسوية»، مع التأكيد على أنها تتضمن بعداً أممياً، بواسطة الشراكة مع الأمم المتحدة، إلا أن تحالف القوى العراقية (السنّية) اشترط وجود إجراءات فعلية قبل الشروع بتنفيذ بنود التسوية، داعياً إلى تهيئة أرضية لها، على عكس رؤية رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بعدم إشراك معارضيه من القادة السنّة في أية عملية تسوية.

وقال مستشار لجنة التسوية الوزارية حسين درويش العادلي إن «التسوية الوطنية ستكون تاريخية إذا تم توقيعها لأنها تختلف عن كل المبادرات السابقة»، لافتاً إلى أن «تلك المبادرات لا يمكن اعتبارها حقيقية لأنها كانت مجرد إطار».

وأضاف العادلي أن هذه التسوية مختلفة عن سابقاتها بأربع ركائز، هي احتواؤها على مبادئ وأسس، وضمانات، وخطة تنفيذية من خمس مراحل، فضلاً عن وجود شراكة تامة مع بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) من أجل إدخالها في البعد الأممي.

من جانبه، اعتبر رئيس البرلمان سليم الجبوري أن «التسوية التاريخية» من شأنها تحقيق «وئام سياسي»، وأعلن تأييده لأي مشروع سياسي يفضي لتعزيز السلم الأهلي، معتبراً أن الوقت قد حان «لتصفير المشكلات»، فيما أعلن تحالف القوى العراقية السنيّة، عن تشكيل فريق لإعداد رؤية عن البنود التي تتضمنها «التسوية».

مطب المالكي

إلا أن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ينسف مبدأ «التسوية التاريخية» من الأساس، بوضع «ضوابط لتحديد المشمولين بها»، ورفضه إجراء تسوية مع المتسببين بـ«أزمة الاعتصامات» والملطخة أيديهم بدماء العراقيين لـ «منع إعادة إنتاج الإرهاب ومشاريع التقسيم باسم التسوية»، على حد قوله، متجاهلاً دوره الرئيس في الشد الطائفي والعرقي، والتسبب بكارثة سقوط الموصل.

وفي التفاصيل المتسربة، يجري رجل الأعمال خميس الخنجر اتصالات مع مسؤولين وزعماء سياسيين لتسوية ملفات قادة سنّة صدرت بحقهم أحكام قضائية، مثل طارق الهاشمي ورافع العيساوي وأثيل النجيفي، في إطار ما بات يعرف بـ «التسوية التاريخية».

ومع التقدم ميدانياً في معارك تحرير الموصل، رغم بطئها، لأسباب سياسية، أو بسبب المدنيين كما يعزوه العسكريون، فإن الأوساط السياسية تبدو مستمرة في الإعداد لـ «التسوية التاريخية» بعد «داعش» بإشراف بعثة الأمم المتحدة، ويتقدم فريق صوغ التسوية زعيم التحالف الوطني عمّار الحكيم.

 وتتحدث المصادر المقربة من تلك الحوارات عن قضيتين عالقتين: الأولى آلية تحول محافظة أو أكثر إلى إقليم أو الإبقاء على التنظيم الحالي بعد توسيع قانون المحافظات، أما القضية الثانية فهي تسوية الملفات القضائية لقادة سنّة، بعضهم معتقل.

وفي الموضوع الأول، تقول مصادر مطلعة إن سيناريو الأقاليم السبعة يتقدم النقاش، وهو ينص على تشكيل إقليميْن في المناطق الكردية، يضم الأول كردستان الحالية، والثاني كركوك وديالى، أو تقسيم الإقليم الحالي إلى فيدراليتين: تضم الأولى كركوك والسليمانية، والثانية أربيل ودهوك، لكن بارزاني يرفض هذا الطرح.

ويطرح قادة سنة فكرة تشكيل إقليمين سنيين في الشمال والغرب، يضمان الموصل من جهة وصلاح الدين والأنبار من جهة ثانية، إضافة إلى ثلاثة أقاليم شيعية تشمل الجنوب والفرات الأوسط وجنوب بغداد وشرقها، وهدفه جمع محافظة غنية بالموارد مع محافظة بموارد أقل، ويقابل هذا التصور طرح آخر يقضي بتحويل كل محافظة إلى إقليم، أو تشكيل ثلاثة أقاليم سنية وشيعية وكردية.

عوائق

ويرى المراقبون أن هناك عوائق كبيرة تقف أمام كل هذه التصورات، بينها ما يتعلق بعدم الانسجام بين المدن المقترح ضمها في إقليم، وتمسك المحافظة الغنية مثل البصرة بالتحول إلى إقليم، بالإضافة إلى إشكالات تتعلق بمستقبل الموصل في حال تم تقسيمها إلى محافظات جديدة.

وفي الخلاصة، فإن ملف «التسوية» يبدو شائكاً جداً في تشعباته، لأنه يتناول في جزء كبير منه موضوع المتسببين في تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها، في العراق، والفشل الحكومي في إدارة معظم مفاصل الدولة.

اتصالات

أُجريت خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة اتصالات لتسوية ملفات القادة السنّة القضائية، مثل رافع العيساوي وطارق الهاشمي وأحمد العلواني، بالإضافة إلى أثيل النجيفي الذي صدرت في حقه أخيراً مذكرة اعتقال بتهمة التخابر مع تركيا، وآخرين في هيئة علماء المسلمين.

ويقود هذه المفاوضات خميس الخنجر، الذي سبق أن دعم القائمة العراقية في انتخابات 2010، وهو بدوره كان مدرجاً على قائمة المطلوبين، وتمت تسوية ملفه.

Email