انطلاق أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثالث

قرقاش: على إيران وقف زعزعة استقرار المنطقة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي د. أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن إيران مطالبة بوقف تمويلها لزعزعة الاستقرار في اليمن والبحرين والعراق وسوريا، معتبراً في الوقت نفسه، أن الإمارات لا ترفض الحوار مع إيران، شريطة أن يكون بنّاءً وحقيقياً، وقائماً على أساس سلسلة مبادئ واضحة، تحترم سيادة الدول العربية.

وأضاف أن الدور الأميركي مهم، وأن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، سيكون له آثار عكسية، ولكنه اعتبر أن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتوقف على الدور الأميركي فقط، لأن أطراف أخرى، مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، لها أيضاً دور مهم، ولذلك، فإن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ترمي لتوثيق وتعزيز العلاقات مع هذه الدول.

وانطلقت أمس في قصر الإمارات بالعاصمة أبوظبي، فعاليات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثالث 2016»، الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات، بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي و«مجلس الأطلسي»، وذلك بحضور أكثر من 400 شخصية مقربة من صنع القرار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي في القارات الخمس، وبأجندة مفعمة بالقضايا السياسية والاستراتيجية الساخنة في المنطقة والعالم.

وقال قرقاش، في كلمته خلال افتتاح الملتقى: إن «أحداث الأسبوع الماضي، أثبتت مجدداً أن السياسة لا يمكن توقعها، وفي ظل النظام الدولي الجديد الدور الأميركي أساسي، والاتجاهات المستقبلية للسياسة الخارجية الأميركية، تثير الكثير من التكهنات والقلق، ويتبع ذلك، بروز الشعور الشعبوي لمناطق العالم، إذ لم يتم تقدير أبعاد وعمق حجم هذا الشعور».

نظام عالمي مسالم

وأضاف «نحن نواجه نظاماً دولياً متغيراً، يحتاج لقيادة حكيمة، ولاستقرار العالم الذي نعيش فيه، تزداد الشكوك فيه في المجالات الاقتصادية والسياسية، وتأثير هذه التطورات، نشعر به بشكل حاد في الدول العربية والشرق الأوسط، وهذا ليس بالأمر الغريب، بينما لا نعرف كيف ستتم صياغة السياسة الخارجية للإدارة الأميركية، وتأثير ذلك في منطقتنا، لكننا متأكدون من أن على الدور الأميركي أن يظل حاسماً، من أجل ضمان نظام عالمي مسالم ومستقر، ويمكن التنبؤ به».

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، إنه «على الرغم من أننا نعيش في عالم متعدد الأقطاب، فإن وزن واشنطن وتأثيرها، يظلان أكثر أهمية من أي وقت مضى، بعد ثماني سنوات من ضعف الدور الأميركي في المنطقة، رأى البعض أن ذلك أدى إلى هذا الفراغ، ويبدو أننا سننتظر فترة أطول، حتى يتم تحديد ملامح السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن الأهمية بمكان، وجود استراتيجية شاملة، بدلاً من المواقف المنعزلة تجاه القضايا الإقليمية».

وأكد أن «الدور الأميركي مهم، وانسحاب الولايات المتحدة له آثار عكسية، ولكن في عالمنا اليوم، استقرار المنطقة لا يمكن أن يتوقف على الدور الأميركي فقط، لأن أطراف أخرى، مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، لها أيضاً دور مهم، ولذلك، فإن السياسة الخارجية ترمي لتوثيق وتعزيز العلاقات مع هذه الدول».

وأشار إلى أن حل المشاكل الإقليمية، يتطلب دوراً مهماً من الولايات المتحدة الأميركية «بمعنى أن المجتمع الدولي يجب أن يعكس الإخفاقات التي شهدناها في السنوات الأخيرة، لتوفير دور أكثر نشاطاً وفعالية، بدلاً من عكس التوترات الإقليمية، ويجب أن نسعى معاً لتمكين الأمين العام المنتخب الجديد لعكس هذه الانتكاسات، ودولة الإمارات العربية المتحدة، تدرك أنه يجب العمل مع شركائنا وأصدقائنا لخفض التوتر في المنطقة، وهذا برأينا، سينتج نتائج إيجابية من أجل السلام والاستقرار العالميين».

الإمارات استقرار المنطقة

وأكد قرقاش، أن دولة الإمارات يعتريها شعور بالفخر، إزاء ما تم تحقيقه «من خلال الاستثمار على المدى البعيد في شعبنا، والتزامنا تجاه الاقتصاد المفتوح، وهكذا، أصبحت الإمارات مركزاً مفتوحاً للتجارة والاقتصاد ورائداً إقليمياً».

مشيراً إلى أن النموذج الإماراتي ليس وحيداً وفريداً من نوعه، إذ الشرق الأوسط لديه إمكانات هائلة لتجاوز التحديات الراهنة، وبما أن الولايات المتحدة، ليست من أكبر دول المنطقة، نعتقد أن نجاح نموذجنا، يمكن أن يكون مصدر إلهام في منطقة تواجه القلاقل.

وأضاف «ولتمكين المنطقة من تحقيق أهدافها، ستواصل الإمارات السعي للدفع باتجاه التسامح، وتمكين المرأة، وتوفير الفرص للشباب، وهذه القيم، هي أساس التنمية في الإمارات، وفي صلب السياسة الخارجية المعتدلة للإمارات، وهذا مهم، وبشكل خاص.

بينما نسعى لتحقيق استقرار المنطقة، والسعي نحو تجاوز الوضع الراهن، بدلاً من النظر والتركيز على الداخل، فإن الدولة ستواصل النظر إلى الخارج، لأنها تأمل في رؤية جيرانها العرب يزدهرون بطريقة يستفيدون منها جميعاً.

الأزمات الإقليمية

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، إن «الأزمات الإقليمية تعرض وجود الدول للخطر، وتمزق النسيج الهش للكثير من المجتمعات في الشرق الأوسط، والسياسات الطائفية تقوّض النماذج الوطنية، ومن الأهمية بمكان على دول الشرق الأوسط، التعاون مع أصدقائنا وشركائنا في المجتمع الدولي، لتعزيز الحلول الإقليمية، من أجل حل تلك المشكلات».

وفي هذا الإطار، تحدث قرقاش عن عدد من بعض النقاط، تخص سياسة الإمارات الخارجية، فقال إن المجتمع الدولي لا يمكن له أن يدير فقط الأزمات في الشرق الأوسط، وإنما يجب عليه أن يتحول إلى حل وتسوية هذه الأزمات.

موضحاً أن الإخفاق في علاقات المجتمع، أدى لكوارث مدمرة، وأن الأزمات امتدت لأخرى فرعية، وهو الأمر الذي فرض عبئاً اقتصادياً وإنسانياً كبيراً، واعتبر أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، يوضح «ماذا يحدث حين نخفق في اتخاذ القرارات المناسبة على مدار 60 عاماً».

وأشار إلى أن القضية الفلسطينية، كانت مصدراً لعدم الاستقرار الإقليمي وانتشار التشدد والكثير من الحروب، كما أثرت في الاتفاق الإقليمي والدولي. وأضاف أنه حتى لو كان الحل السياسي متاحاً، فإن هناك عدم إرادة سياسية للقيام بالخطوات الضرورية في اليمن وليبيا.

الفوضى في ليبيا

وأضاف «أفهم أن طريق المستقبل ليس سهلاً، ولكن بالتأكيد هو أفضل من استمرار المواجهة، وفي ليبيا، فإن الخروج من الفوضى الراهنة، هو من خلال الاتفاق الليبي الذي تم توقيعه في سرت، وما تحتاج إليه الأطراف الليبية لتجاوز القضايا العالقة، وتنفيذ عادل للاتفاق».

وفي ما يتعلق بأزمة سوريا، أكد قرقاش أنه لا يمكن للعالم أن يدير ظهره لمسؤولياته تجاهها، و«علينا أن نضاعف جهودنا لإيجاد تسوية للصراع الذي يمتد عنفه».

محاربة الإرهاب

وبشأن جهود مكافحة الإرهاب، أكد قرقاش أنه في إطار جهود الإمارات لإنهاء الأزمات في المنطقة، يكمن التزام الإمارات لمحاربة الإرهاب والتشدد، والإمارات ترى أن الرابط بين أيديولوجيات التطرف والعمل الإرهابي واضح المعالم «لا يمكن أن نواجه أحدهما دون الآخر.

السياسة الخامنئية

ودعا قرقاش، إيران، لإيقاف تدخلها في شؤون الدول العربية، ووقف دعمها وتمويلها لزعزعة الاستقرار في اليمن والبحرين والعراق وسوريا، وقال إن «سياسة إيران الإقليمية، تعكس الانقسام في المجتمع الذي يسيطر على السياسة الخامنئية، وإيران استقوت بالاتفاق النووي الذي أبرم مع مجموعة 5+1، والذي كان فرصة حقيقية وتاريخية لها، للبدء بعمل بنّاء تجاه جيرانها العرب، لكنها اختارت مواصلة توسعها السياسي ودعم الطائفية».

وأضاف «دعوني أغتنم الفرصة لأصحح بعض المفاهيم المتعلقة بحوارنا مع إيران، نحن لا نرفض الحوار معها، شريطة أن يكون بنّاءً وحقيقياً، وقائماً على أساس سلسلة مبادئ واضحة، تحترم سيادة الدول العربية، ويجب عليها أن تتصرف كدولة، بدلاً من أن تتصرف كمصدّر للثورة وعدم الاستقرار».

وأشار إلى أن من بين ما تركز عليه السياسة الخارجية الإماراتية، هي الحاجة لبناء مركز عربي معاصر، وهذا يتطلب مساهمة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية فيه، كونهما يمثلان ركيزة للاستقرار، والمجتمع الدولي بحاجة لإشراك هذين البلدين، ويجب أن نفكر بطريقة مبتكرة ومبدعة، لتطوير المنظومة العربية، من أجل الخروج من الفوضى الراهنة.

ملتقى للعقول

من جهتها، قالت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، د.ابتسام الكتبي، خلال افتتاح الملتقى، إن الغاية من تنظيم الملتقى، ليس أن يكون تظاهرةً إعلامية أو حملة علاقات عامة، بل ملتقى للعقول والخبرات من كل الحضارات والتجارب المختلفة، وأن من الأهداف التي يسعى الملتقى لتحقيقها، استشراف خريطة تحولات القوة وتوزيعها في النظام الدولي المتغير، واستثمار حضور النخب المؤثِّرة في توجيه السياسات على المستويَين الإقليمي والدولي، لإفادة صناع القرار في أبوظبي مما تطرحه من مبادرات ومشروعات وأفكار، وقراءة المستجدات الإقليمية والدولية على المستويين السياسي - الأمني، والاقتصادي - التنموي.

نماذج جديدة

أكد الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، عمرو موسى، أن هناك نماذج جديدة في العالم لدول وقوى إقليمية، بدأت تقول «كفى، لقد طفح الكيل»، ضارباً مثلاً على ذلك بالفلبين، وموقفها تجاه العلاقات مع أميركا في بحر الصين. وقال إن هنالك «مراجعات آسيوية تجاه العلاقات مع أميركا، وقد تعلمت هذه الدول من تجربتنا في الشرق الأوسط، بعدما أصبحت لديهم شكوك حيال التزام أميركا طويل الأمد».

Email