الحريري يطوي صفحات الترشيح لرئاسة الجمهورية:

عون مرشّحنا وسيكون حارساً لخيارات الإجماع

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، تأييده رسمياً ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

وهذا الترشيح، بحسب تأكيد مصادر متابعة لـ«البيان»، سيفتح البلد على مرحلة جديدة ليس في الإمكان تحديد معالمها، لما يكتنفها من ضبابية وغموض. ذلك أن ظاهر الأمور قد يَشي بأنّ هذا الترشيح وضع عون فعلياً على سكّة الرئاسة، وجلسة الانتخاب في 31 من الجاري هي المحطة التي ستقلّه إلى قصر بعبدا، على اعتبارها جلسة جدّية وفاصلة وإمكانية تعطيلها واردة إنّما هي صعبة، بحسب أجواء فريق الترشيح. أما الأجواء السائدة حول استحقاق الترشيح، فتشي بدورها بإمكان دخول البلد في مرحلة من الأخذ والردّ السياسي، قد يقصر أمدها أو يطول تبعاً لليونة أو صعوبة الجبهات السياسية، وكذلك لحجم العقبات التي تعترض طريق عون حتى الآن.

وهكذا، دخل لبنان منذ مساء أمس في مرحلة العدّ التنازلي، وتحديداً لجهة رئاسته المعلّقة منذ 25 مايو 2014، بعدما اتخذ الحريري قراره القاضي بترشيح عون لرئاسة الجمهورية. إلّا أنّ السؤال: ماذا بعد هذا الإعلان؟ وتحديداً، كيف ستتفاعل القوى السياسية مع إعلان الحريري، وهل سيكون حقاً للبنان رئيس للجمهورية قبل بداية شهر نوفمبر المقبل؟ وبحسب مصادر متابعة، فإنّ البلد سيدخل في مرحلة جديدة من الأخذ والردّ، في ظلّ ارتفاع المتاريس السياسية بين ضفّتَي المؤيّدين والمعارضين لترشيح عون، لا سيما أن الرئيس نبيه برّي قد بدأ فعلاً بتجميع الأوراق الاعتراضية لما تسمّيها أوساطه «معركة المواجهة» ضدّ هذا الترشيح. علماً أن الرئيس برّي حسم موقفه علناً بأنّه لن يصوّت لعون، مؤكّداً أنّه سيحضر هو وكتلته جلسة الانتخاب، ولن يقاطع، بل سيهنّئ من يفوز وسيُعدّ خطاباً للتهنئة.

الحريري: مخاطرة سياسية

وخلال كلمة ألقاها من «بيت الوسط»، مساء أمس، شدّد الحريري على أهمية «مواجهة الأمور بكل واقعية وصراحة، والتحرّك المبادر لإنقاذ بلدنا ومستقبلنا، عوضاً عن الاستسلام لمخاطر الجمود والفراغ والمكوث في أسر الماضي»، مشيراً إلى أن «استمرار الفراغ ليس خياراً، وأن الدخول في صدام أهلي ليس خياراً، وأن الخيار الوحيد هو انتخاب رئيس للجمهورية»، أما الخيارات اليوم فـ«ليست كثيرة».

كما استعرض الحريري خياراته السابقة، في شأن الرئاسة، إذ قال: «مرشحنا الأول الدكتور سمير جعجع أو فخامة الرئيس أمين الجميل أو أي ممثل لـ14 آذار، لم يأتِ برئيس. خيارنا الثاني: مرشح توافقي، وسطي، أيضاً لم يأتِ برئيس. خيارنا الثالث: الوزير الصديق سليمان بك فرنجية، أيضاً لم يأتِ برئيس، فلا نصاب ولا أي محاولة حقيقية جرت من أي طرف غيرنا لانتخابه»، ليخلص إلى القول: «بقي خيار واحد، العماد ميشال عون، خصوصاً منذ أن تبنّى حلفاؤنا في القوات اللبنانية ترشيحه، لكن الأهم أننا نحن والعماد ميشال عون وصلنا في حوارنا أخيراً إلى مكان مشترك، اسمه الدولة والنظام، فهو لا يريد للدولة والنظام أن يسقطا، ولا نحن نريد لهما ذلك. واتفقنا بصراحة أن أحداً لن يطرح أي تعديل على النظام قبل إجماع وطني من كل اللبنانيين على هذا الطرح. وهذا كلام ينطلق من إجماعنا الذي كتبناه في دستورنا، دستور الطائف، على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء، وأن كل اللبنانيين يرفضون التجزئة والتقسيم والتوطين».

وأضاف الحريري: «في حوارنا، وصلنا إلى اتفاق لإعادة إطلاق عجلة الدولة والمؤسّسات ولإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد والخدمات الأساسية وفرص العمل، وفرصة الحياة الطبيعية للبنان واللبنانيين واللبنانيات. كما توصلنا إلى اتفاق على تحييد دولتنا بالكامل عن الأزمة في سوريا».

وبناءً على نقاط الاتفاق التي توصل إليها مع النائب عون، أعلن الحريري قراره القاضي بتأييد ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، لافتاً إلى أن هذا القرار نابع من «ضرورة حماية لبنان وحماية النظام وحماية الدولة وحماية الناس».

وأضاف: «بعد انتخاب رئيس الجمهورية، سنتمكّن من إعادة شبك أيدينا معاً، لنقوم بإنجازات يستفيد منها كل مواطن ومواطنة، ولنعزّز أمننا الداخلي ووحدتنا الوطنية في وجه كل الحرائق المشتعلة حولنا، ونعود لنجعل من لبنان نموذجاً للدولة الناجحة والعيش الواحد الحقيقي في منطقتنا والعالم».

وواصفاً ما جرى، أمس، بأنه «مخاطرة سياسية كبرى»، أعلن الحريري استعداده لأن يخاطر بنفسه وبشعبيته وبمستقبله السياسي «ألف مرة» ليحمي الجميع، خاتماً كلامه بعبارة للرئيس الشهيد رفيق الحريري: «مش مهمّ مين بيجي ومين بيروح، المهم يبقى البلد».

Email