النظام يتقدّم في المدينة ويعرض على المعارضة «ممراً آمناً»

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف القصف الوحشي على حلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذّر رئيس مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبريان من أن المدنيين في شرقي حلب يواجهون «مستوى من الوحشية يجب ألّا يتعرض له أي إنسان»، فيما تقدمت القوات الحكومية السورية والقوات المتحالفة معها شمالي حلب، مواصلةً حملتها التي بدأت قبل أسبوع، لاستعادة الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة المسلّحة من المدينة، بعد أن استهدفت عشرات الضربات الجوية القطاع الشرقي المحاصر، في وقت طلب الجيش السوري من مقاتلي المعارضة مغادرة المنطقة، عارضاً توفير ممر آمن لهم ومساعدات.

تدمير مرافق صحية

ومع استمرار العمليات العسكرية في حلب، حذّر رئيس مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبريان من أن المدنيين في شرقي حلب يواجهون «مستوى من الوحشية يجب ألّا يتعرض له أي إنسان». وجدّد المطالبة بتخفيف معاناة نحو 250 ألف شخص في شرقي حلب، داعياً إلى «العمل العاجل على إنهاء الجحيم الذي يعيشون فيه».

وأشار أوبريان إلى أن «نظام الرعاية الصحية في شرقي حلب دُمّر بشكل شبه تام». وقال: «المرافق الطبية تُقصف واحداً بعد الآخر»، داعياً الأطراف المتحاربة إلى السماح على الأقل بعمليات إجلاء طبية لمئات المدنيين.

إجلاء طبي

وتابع: «من المرجح أن يزداد عدد من يحتاجون إلى إجلاء طبي كثيراً خلال الأيام المقبلة، في ظل النقص الشديد في المياه النظيفة والغذاء». وألحقت الضربات الجوية أضراراً كبيرة بأكبر مركز للرعاية المركّزة شرقي حلب السبت، فاضطر إلى إغلاق أبوابه. وقُتل اثنان من المرضى.

وقالت الجمعية السورية الأميركية الطبية التي تسهم في دعم المستشفى إنه تعرّض لهجمات قصف سبع مرات منذ يوليو، منها ثلاث هجمات هذا الأسبوع. وقال محمد أبو رجب، وهو مسعف تابع للجمعية في المستشفى: «الوضع في حلب أكثر من مزرٍ.. الناس محاصرون تحت الأنقاض، ولا يمكننا إخراجهم بسبب كثافة القصف. نناشد تقديم المساعدة لوقف القصف».

ووصف وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون القصف الجوي للمستشفيات في سوريا بأنه جريمة حرب، وأنه يجعل من المستحيل استئناف محادثات السلام.

قصف مستشفى

وتعرّض «مستشفى إم10 للقصف ببرميلين متفجرين» على الأقل السبت، وفق ما أعلن المسؤول في الجمعية الطبية السورية الأميركية أدهم سحلول. وأكد المرصد توقف المستشفى عن العمل من جراء استهدافه، مشيراً إلى مقتل شخص على الأقل.

وفي وقت لاحق السبت، نقل مراسل فرانس برس في شرقي حلب عن طبيب في المستشفى قوله إن «برميلاً متفجراً سقط عصراً أمام المشفى، ما أجبر الطاقم الطبي الذي كان لا يزال موجوداً في بعض أقسامه على إخلائه وإجلاء جميع المرضى».

تقدّم

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان والجيش السوري إن الجيش وحلفاءه تقدموا جنوباً من مخيم حندرات للاجئين شمالي مدينة حلب الذي سيطروا عليه قبل أيام إلى منطقة الشقيف الصناعية. وقال المرصد إن الضربات الجوية والقصف استمرت أمس. وأضاف أن اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية على طول الخط الأمامي الذي يفصل المدينة إلى قسمين.

وقال الجيش السوري إن على مقاتلي المعارضة إجلاء شرقي حلب، وإنها ستضمن لهم ممراً آمناً والمساعدة اللازمة. وذكر بيان نقلته وكالة الأنباء السورية عن القيادة العامة للجيش: «ندعو جميع المسلحين إلى مغادرة الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وترك السكان المدنيين يعيشون حياتهم الطبيعية».

تقدّم للنظام

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «حققت قوات النظام تقدماً في شمالي مدينة حلب، بعد تقدمها من منطقة الشقيف إلى تخوم حي الهلك» الذي تسيطر عليه الفصائل والمحاذي لحي بستان القصر، من جهة الشمال.

قصف معارضين

واستهدفت غارات روسية، الأحد، المقر الرئيس لفصيل سوري معارض، يتلقى دعماً أميركياً في منطقة جبلية بمحافظة حماة في وسط البلاد، ما أدى إلى مقتل ستة على الأقل من عناصره.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «قُتل ستة مقاتلين على الأقل من جيش العزة من جراء تنفيذ طائرات روسية أكثر من 13 غارة بصواريخ ارتجاجية استهدفت المقر الرئيس لجيش العزة في المرتفعات الجبلية القريبة من بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي» بوسط سوريا.

وأوضح عبد الرحمن أن «50 قيادياً وعنصراً من جيش العزة كانوا داخل المركز لحظة استهدافه ولا يعرف حتى اللحظة مصيرهم»، لافتاً إلى أن المركز «عبارة عن مغارة كبيرة تضم مقرات ومستودعات أسلحة».

مجلس الأمن

تأمل فرنسا أن تقدم اليوم مشروع قرار إلى مجلس الأمن حول الوضع في حلب، يدعو إلى إعادة العمل بوقف إطلاق النار، وفقاً للاتفاق الأميركي الروسي، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في شرقي حلب، ووقف الطلعات الجوية للطيران الحربي فوق المدينة.

والد يروي كيف أنقذ طفلته من تحت الركام

أمسكت الرضيعة وحيدة إصبع والدها يحيى معتوق حين عثر عليها بعد ساعتين من البحث تحت أنقاض منزله في مدينة إدلب، قبل أن ينقلها عنصر من الدفاع المدني وعيناه مغرورقتان بالدموع إلى سيارة الإسعاف.

ويقول يحيى (32 عاماً) وهو يقف أمام أنقاض المبنى حيث كان منزله في الطبقة الثانية «كنت في المحل حيث أعمل حين بدأت طائرة بتنفيذ غارات (..) ذهبت فوراً إلى المنزل ووجدت الحارة كلها مقلوبة على بعضها».

ويضيف وهو يبحث بين الركام عن مقتنيات منزله في المدينة «دخلت إلى المنزل.. ووجدت دماراً كاملاً. سمعت صوت زوجتي في البدء وبدأت أبحث عنها حتى لمست حجراً ورفعته ورأيت وجهها والحمدلله كانت بخير».

واستهدفت غارة جوية عصر الخميس الماضي مبنى سكنياً في إدلب، ما أدى إلى تدميره فوق رؤوس قاطنيه، ومقتل ستة أشخاص على الأقل بينهم أربعة أطفال، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

غارات متتالية

وتتعرض مدينة إدلب مركز محافظة إدلب في شمال غرب سوريا بشكل دوري لغارات سورية وروسية. وباتت هذه المحافظة منذ الصيف الماضي تحت سيطرة جيش الفتح الذي يضم بشكل رئيسي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) وفصائل إسلامية بينها «حركة أحرار الشام».

بعد إنقاذ زوجته، بدأ يحيى وعناصر الدفاع المدني البحث عن ابنتيه وحيدة وسنار (ثلاثة أعوام) تحت الركام. ويقول متأثراً «بدأت الحفر (مكان غرفة النوم) حتى وصلت الحمدلله إلى يد ابنتي وحيدة، وحين لمستها أمسكت بإصبعي.. والحمدلله كانت حيّة» قبل أن ينقلها عناصر الدفاع المدني لتلقي العلاج.

ونشر الدفاع المدني شريط فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة في اليومين الأخيرين، يظهر أحد المتطوعين وهو ينقل الطفلة بعد إنقاذها إلى سيارة إسعاف ويحيط به العشرات وهم يصرخون «الله أكبر».

ويجلس المسعف داخل سيارة الإسعاف وهو يضم وحيدة إلى صدره ويبكي من شدة تأثره بعد جهد مضن لإنقاذها. وتبدو الطفلة بلباس أصفر اللون والغبار يغطي رأسها وعلى جبينها بقع دماء وهي تصرخ.

ويقول المسعف الذي لم يذكر اسمه في شريط الفيديو «عملنا ساعتين لإنقاذها وبإذن الله ستبقى حية» قبل أن يردّد «يا الله».

ليتني لم أخسرها

بعد إنقاذ وحيدة، بدأت عملية البحث عن شقيقتها البكر سنار، ليتبيّن أنها قتلت تحت الأنقاض. ويقول يحيى بحزن «كان الردم قد سقط عليها.. ليتني خسرت كل شيء ولم أخسرها». ولم تقتصر خسارة يحيى على ابنته البكر فحسب، إذ قتلت والدته أيضاً جراء الغارة التي دمرت منزله بالكامل.

ومنذ الخميس، انتقل يحيى وعائلته الصغيرة للإقامة في غرفة يملكها أحد أقاربهم تقع على أطراف مدينة إدلب. وفي مشاهد فيديو التقطها مصور فرانس برس السبت، يظهر يحيى وهو يبحث بين ركام منزله عن مقتنياته وأغراض أسرته، من أحذية وألبسة وأدوات منزلية، يجمعها في شاحنة صغيرة تمهيداً لنقلها.

صورة عمران

في أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطّخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، تأثر أكثر من ثمانين في المئة من الأطفال في سوريا بتداعيات النزاع، داخل البلاد وخارجها. ويحتاج «ستة ملايين طفل إلى مساعدة إنسانية عاجلة في سوريا».

Email