أزمة إنسانية تعصف بأكثر من نصف الليبيين

■ الحرب تسبّبت في تشريد مئات الآلاف وخلق جيل يتربّص به المرض والعوز | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يجد المواطن الليبي عبد الحكيم بشير الشائبي (39 عاماً)، طريقة ينقذ بها ابنته الوحيدة ساجدة من المرض العضال الذي كاد، أن يفتك بها، في بلد يواجه أزمة خانقة في الخدمات الطبية والسيولة المالية، غير ركوب البحر في قارب بلاستيكي، والاتجاه نحو الضفة الشمالية للمتوسط، متحدياً المخاطر التي كان يمكن أن تعصف بهما في أي لحظة. ومعاناة ساجدة، واحدة من 2.4 حالة مشابهة تحتاج الإنقاذ.

اهتزت ليبيا لقصة الأب الذي غادر مدينته صبراتة، شمال غرب، بحراً، وفي قارب بسيط تتلاطمه الأمواج، للبحث عن علاج لابنته التي تعاني من مرض السرطان، وقبل ذلك، كان الشائبي سافر إلى تركيا، حيث خسر كل مدخراته في إجراء عملية فاشلة لزرع النخاع الشوكي لساجدة، وعند عودته إلى بلاده، أدخلها إلى مركز مكافحة السرطان الفاقد للإمكانات التقنية والدوائية والبشرية.

فدفعت به غريزته الأبوية إلى استنباط حل آخر، وهو أخذ ابنته من المركز والمغامرة بالإبحار بها شمالاً، وبعد رحلة صعبة استمرت 32 ساعة، التقطت دورية إيطالية قاربه، ونقلت الأب وابنه إلى مدينة كاتانيا في جزيرة صقلية، حيث تدخلت السلطات الإيطالية، وأذنت بمعالجة الطفلة الليبية المريضة.

وقصة ساجدة، ليست فريدة من نوعها في بلد تتقاذفه الأزمات، فقد عرفت ليبيا خلال الأعوام الخمسة الماضية، حالات مأساوية، كان الأطفال والنساء في مقدم ضحاياها، من خلال تعرضهم للاختطاف والاحتجاز القسري والتهجير الجماعي من قبل المليشيات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة

وفي هذا السياق، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، أنه يوجد ما يزيد على 2.4 مليون شخص في ليبيا في حاجة إلى مساعدة إنسانية. فهم محرومون من الأدوية واللقاحات، ويعانون من خدمات متردية في المستشفيات. كما يوجد حوالي 300 ألف طفل خارج المدارس، وما يقارب 350 ألف ليبي نازح. إضافة إلى ما يربو على 270 ألف مهاجر عالقين في ليبيا، في محاولتهم الهرب من الأوضاع المزرية في بلادهم، ومعاناة آلاف المحتجزين الذين يواجهون ظروفاً غير إنسانية في مراكز الاحتجاز.

وقال كوبلر: «نحن جميعاً، الليبيون والشركاء في المجتمع الدولي على حد سواء، بحاجة للتركيز أكثر على الاحتياجات الإنسانية المتزايدة على الدوام في البلاد، كما أننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا للتخفيف من معاناة الناس».

كما أضاف قائلاً، إنّ «الاحتياجات الإنسانية التي أوجدتها الأزمة في ليبيا، هي احتياجات مهولة، ويجب أن يكون هذا بمثابة حافز لنا جميعاً للقيام بأقصى ما في وسعنا لإعطاء الأمل للناس، خاصة أولئك الذي هم بحاجة ماسة للمساعدة».

معاناة الأطفال

وفي نفس المنحى، كشف تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أن أكثر من 974 ألف ممن هم دون الـ 18 عاماً، بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة، نتيجة تدهور الوضع الأمني في ليبيا.

وأشار التقرير الذي أعلنت عنه المنظمة الأحد الماضي، إلى أن أكثر من مليونين و400 ألف شخص، منهم أكثر من 425 ألف شخص نازح داخل البلاد، بحاجة إلى مساعدات عاجلة، و28 ألف أجنبي من طالبي اللجوء عالقون داخل البلاد. وأعلنت يونيسيف، عن توفير تسعة ملايين دولار لتمويل برنامج الاحتياجات الإنسانية للعام الجاري في ليبيا، من أصل 19 مليون دولار، هي الكلفة المقدرة للبرنامج.

وبحسب هذه الأرقام، فإن أكثر من نصف الشعب الليبي، الذي يعد قوامه ستة ملايين نسمة، منها مليونا مهجر خارج البلاد، يواجه ظروفاً معيشية، أقل ما يقل ما فيها أنها مأساوية، حيث إن وضعية أغلب الليبيين في الخارج، وخاصة في تونس ومصر، لا تقل سوءاً عن وضعية ليبيي الداخل، ما يزيد من عمق الأزمة الإنسانية في البلد الذي كان أكثر ثراء بين دول الشمال الأفريقي.

2.4

مليون شخص في حاجة

إلى الغوث

435000

نازحون داخل ليبيا

250000

مهاجرين ولاجئين

من الخارج

%97

بحاجة إلى حماية مجتمعية

Email