تقرير

الحرب تخلق جيلاً جديداً من السوريين بدون جنسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش نور التي لا يتجاوز عمرها سبعة شهور في خيمة من القماش وسط أراض موحلة في سهل البقاع اللبناني، والخيمة هي واحدة من عشرات غيرها في مخيم صغير للاجئين السوريين، ولا يوجد بها سوى موقد معدني وسجادة صلاة وأبسطة مهترئة تغطي الأرض.

ونور هي الأولى بين أشقائها التي تولد كلاجئة. وفرت أسرتها من محافظة حمص السورية في بداية الحرب الأهلية. وتكدسوا في مقاعد إحدى الحافلات وقطعوا مسافة 112 كيلومترا إلى لبنان، حيث ولدت نور.

تحد جديد

والآن يواجه أبوها وأمها تحديا جديدا. وهما يحتاجان لتسجيل نور بمكتب تابع للإدارة المحلية في لبنان في موعد أقصاه عيد ميلادها الأول الذي يحل في أوائل سبتمبر المقبل. وتمثل شهادة الميلاد أول خطوة مهمة لضمان الحصول على الجنسية السورية.

قالت الأم «الطفل غير المسجل يبقى مقطوعا من القيد في لبنان وسوريا. إذا سجلناه في لبنان مشكلة. إذا ذهبنا لسوريا الطفل غير معترف فيه. إذا حدا مسكه مثلاً على الطريق بيقولوا لمين هذا، وما في شيء يثبت أنه ابننا».

ويخشى الساسة أن يخلق تسجيل المواليد السورية سابقة للسوريين من أجل الاستقرار في البلاد.

50 ألف طفل

وتشير دراسات أجرتها وكالة الأمم المتحدة للاجئين ومجلس اللاجئين النرويجي إلى أن عدد الأطفال الذين لم تسجل ولاداتهم في لبنان قد يصل إلى 50 ألفا. وترى وكالات الإغاثة صعوبات مماثلة في تسجيل الأطفال في الأردن والعراق وتركيا التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين.

وهؤلاء الأطفال الذين لا يحملون جنسية دولة هم أحد الطرق التي تُعيد بها الحرب في سوريا والعراق تشكيل الشرق الأوسط.

وذكرت الأمم المتحدة أن الأطفال غير المقيدين قد يحرمون من حقوقهم الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، ويمكنهم أن يواجهوا صعوبات في الحصول على فرصة عمل أو التعرض لانتهاكات وقد يصل الأمر لسقوطهم في أيدي عصابات الاتجار في البشر.

ويواجه الوالدان احتمال الانفصال عن طفلتهما الوليدة إذا لم يتم تسجيلها بأوراق رسمية لعدم وجود ما يثبت انتماءها للأسرة.

3 خطوات

وتنصح الأمم المتحدة ومجلس اللاجئين النرويجي وهو منظمة إغاثة إنسانية اللاجئين بتنفيذ ثلاث خطوات مهمة لتسجيل المواليد في لبنان. وهذه الخطوات ليست هي كل الخطوات البيروقراطية المطلوبة للحصول على الجنسية السورية بالكامل للطفل، لكنها الأكثر أهمية وخاصة فيما يتعلق بالوقت.

فعلى الأبوين أولاً الحصول على إخطار بالولادة من المستشفى الذي وُلد فيه الطفل أو من القابلة التي تولت توليد الأم.

والخطوة التالية هي أخذ الإخطار وأوراق الهوية الخاصة بهما وشهادة الميلاد إلى أقرب موثق محلي لتسجيل الطفل الوليد. ثم يصدر الموثق شهادة ميلاد ويتقاضى في العادة رسما يصل إلى 20 دولارا.

وأخيرا يسجل الوالدان الشهادة لدى أقرب مكتب حكومي محلي للتسجيل في لبنان.

ويجب استكمال هذه الخطوات قبل أن يكمل الطفل عامه الأول وإلا ستصبح هذه العملية مكلفة للغاية ومعقدة وتستلزم اللجوء للقضاء ومحامين واختبارات الحمض النووي (دي.إن.ايه).

صعوبة التنقل

وقد أتم الأبوان الخطوتين الأولى والثانية خلال 10 أيام من ولادة نور في 12 سبتمبر الماضي. والآن أصبحا عاجزين عن التحرك.

فقد ازدادت صعوبة تنقل اللاجئين السوريين بسبب القيود المفروضة عليهم بما في ذلك شرط حمل وثائق معينة والمجازفة بالقبض عليهم في حالة مخالفة ذلك.

وترغم اللوائح السوريين المسجلين كلاجئين على سداد مبلغ 200 دولار سنويا مقابل حق البقاء في لبنان لكنها تمنعهم من مزاولة أي عمل رسمياً. وانتهت صلاحية أوراق والدي نور في يناير من العام الماضي في الوقت نفسه الذي أصبحت فيه اللوائح الجديدة سارية.

وقال والد نور «من أجل تسجيل الطفل الجديد علينا أولاً أن نجدد أوراقنا، والآن مرت سنة دون أن أجدد إقامتي والآن نحن في سنة جديدة، صار علي دفع 400 دولار لي و400 دولار للطفلة يعني ألف دولار».

Email