برنامج الأغذية العالمي يرى الظروف غير مواتية

الإنزال الجوي الملاذ الأخير لإنقاذ السوريين من الجوع

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش ما بين 400 ألف ومليوني سوري (اعتماداً على من يقوم بالإحصاء) تحت الحصار.

وفرض حصار مضايا محنتهم على الساحة الدولية، ومنذ ذلك الحين، تتعالى الأصوات التي تنادي بإجراء إنزال جوي لإنقاذ المدنيين الذين يتضورون جوعاً.

وجمع التماس ينادي إلى «الشروع في إنزال المساعدات جواً للناس الذين يتضورون جوعاً في سوريا» أكثر من 59,000 توقيع، ما دفع الحكومة البريطانية إلى إصدار الرد الذي يمكن التنبؤ به، وهو أنه «لا يمكن تنفيذ الإنزال الجوي بشكل فعال» في ساحات القتال السورية المعقدة.

لكن هل الأمر بهذه البساطة؟

من المرجح أن تحصل المنظمات الدولية على غطاء للإنزال الجوي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2165، الذي ينص على أنه «يؤذن للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها المنفذين باستخدام الطرق عبر خطوط النزاع» لإيصال المساعدات، مع إخطار السلطات السورية.

مع ذلك، فإن عمليات الإنزال الجوي عادة ما تكون الملاذ الأخير للمنظمات الإنسانية. فهي من الناحية المثالية تتطلب الوصول الآمن إلى المجال الجوي، والبنية التحتية على الأرض لجمع وتوزيع الإمدادات إلى أولئك الذين يحتاجون إليها حقاً.

ولهذا السبب استبعدها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على نحو فعال على اعتبار أنّ الظروف غير مواتية. ويقر البرنامج بأن الوضع الإنساني في المناطق «المحاصرة في سوريا حرج للغاية».

وأضاف البرنامج الأممي أن «ما نحتاج إليه هو الوصول دون عوائق، ولا يمكننا التفكير في إنزال جوي في هذا الوقت. إن الإنزال الجوي يتطلب الموافقة على استخدام المجال الجوي، ووجود الموظفين على الأرض لتنظيم وتوزيع الإمدادات، ومنطقة إنزال خالية من العقبات. ولا تتحقق تلك الشروط في المناطق المحاصرة في سوريا».

والحجة المضادة هي أنك لا تعرف ماذا سيحدث حتى تحاول حقاً. سيكون من الصعب على وجه اليقين الحصول على موافقة لاستخدام المجال الجوي، ولكن قد لا يكون أمراً مستحيلاً. وعلى الرغم من أن الأوضاع على الأرض ليست مثالية للتوزيع، ولكن حتى تدفق السلع إلى السوق السوداء من المفترض أن يؤدي إلى تخفيض الأسعار، وبالتالي يكون مفيداً للمدنيين إلى حد ما.

وإذا كان الإنزال الجوي محفوفاً بمخاطر هائلة بالنسبة للأمم المتحدة، فهل يمكن أن تقوم به بدلاً منها البلدان التي تقصف أهدافاً في سوريا؟

جميع الخيارات

بالتأكيد لا يبدو أن رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين يعارض الفكرة. ففي رسالة بعث بها أخيراً للرد على وزير في الحكومة البريطانية، قال إن بريطانيا يجب ألا تشعر بأنها مقيدة بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة - الحصول على إذن من دمشق - إذا كانت تدرس القيام بمثل هذه الخطوة. ويوصي أوبراين بـ «دراسة جميع الخيارات، لأننا يجب أن نجد وسيلة لكسر هذا الجمود».

ولعل أقوى حجة تؤيد دراسة أكثر جدية لخيار الإنزال الجوي للمساعدات هي أنه يحدث بالفعل، ولكن ليس على أساس عادل.

ففي مخــــــتلف أنحاء سوريا، تستخدم قوات الرئيس بشار الأسد الطائرات لتوصــــيل المساعدات إلى حيث تريدها أن تذهب، مما يساعد المدنيين في المجـــــتمعات المــــوالية له دون غيرهم.

أقوال روسية

من جانبــــها، تقـــول روسيا إنها أيضاً تقوم بإنزال المساعــــدات جواً إلى مدينة دير الزور المحاصرة، حيث يقوم تنظيم داعش بحصار جــــزء من المدينة، وتمنع قوات الأسد إيصال المساعدات إلى حوالي 180 ألف شخـــص. ويـــشير النقاد إلى أن هذه تبدو كخطوة علاقات عامة حيث ذكرت مجمـــوعة ناشطة محلية أنه يتم جمـــع الإمدادات الروسية من قبل القوات المـــــوالية للحكومة فقط.

سياسة الأرض المحروقة في حلب تفاقم الأزمة

قال مبعوث بريطانيا إلى سوريا غاريث بايلي: إن الضربات التي يشنها كل من النظام وروسيا على حلب تنصب في خانة سياسة الأرض المحروقة وتفاقم الكارثة الإنسانية في سوريا والمنطقة، لاسيما أن قصف حلب ومحاولة حصارها سوف يؤدي إلى المزيد من النازحين واللاجئين والضحايا في ظل ظروف قاسية تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة.

وقال غاريث بايلي إن روسيا شنت ما يزيد عن 300 ضربة جوية في حلب قتلت أفراداً من قوات المعارضة المسلحة التي كانت ممثلة في محادثات جنيف، وهي بذلك تتبع سياسة الأرض المحروقة من أجل القضاء على المعارضة المعتدلة وتعزيز موقف الأسد في المفاوضات.

Email