«اتفاق هعفارا».. الصهيونية مرآة النازية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتشارك الصهيونية والنازية إلى حد كبير يجعل إحداهما مرآة للآخر في الشكل والمضمون والأسلوب وحتى النشأة، إلى جانب تحقيق إحداهما مصلحة للأخرى، نظراً لتشاركهما الفكرة ذاتها «نقاء العرق» الأمر الذي أشعل صراعاً دامياً بينهما في البداية انتهى بتحالف وثيق قائم على المصالح بدعم إحداهما للأخرى، الأمر الذي زاد من القواسم المشتركة التي تجمع بينهما حتى باتا وجهان لعملة واحدة.

النشأة

وبالعودة إلى السرد التاريخي للحركتين نجد أن هتلر آمن بنظرية تفوق العرق الآري على غيره من الأعراق، ومنع اندماج العناصر غير الآرية بالعنصر الآري، وانعكست هذه النظرية على اليهود الألمان حينما دبر هتلر الانقلاب على الديمقراطية الألمانية، واستولى على الحكم، وشكل حكومة خاضــعة كلياً للنازيين، وأخذت ألمانيا النازية تعـــمل على عزل اليهود.

ومقاومة اندماجهم ومقاطعتهم وقذفهم بسجل حافل بالعداء للسامية وبالتحريض، غير أن الصهيونية اليهودية نجحت في استغلال صــعود النازيين للحكم وقلبت العداء تحالفاً بإقناع الدولة الألمانية بتبني مشروع إقامة دولة لليهود في فلسطين.

حيث بدأت المفاوضات بين المنظمات الصهيونية من جهة، والسلطات الألمانية، من جهة أخـــرى في مرحلة مبكرة من حكم النازية، ما أسفر عن اتفاق بين الجهتين على تسهيل هـــــجرة اليهود الألمان إلى فلسطين دعي بـ«اتفاق هعفارا»، ما ساعد على إضفاء مصداقية على المشروع الصهيوني.

فكرتان أوروبيتان

وفي ذات السياق كتب د.غازي حسين يقول: ظهرت الصهيونية والنازية في أوروبا، فهما حركتان عنصريتان أوربيتا الأصل والمنشأ وانطلقتا من نظرية التفوق والنقاء العرقي، وعملتا على مقاومة اندماج اليهود وعزلهم وتهجيرهم إلى فلسطين، وإقامة الكيان الإسرائيلي فيها لحماية مصالح الدول الاستعمارية واليهودية العالمية ومحاربة العروبة والإسلام ومنع تحقيق الوحدة العربية، وزعزعة الاستقرار، وعرقلة التنمية والتطور والهيمنة على المنطقة وعلى العالم.

أسس شبيهة

ولا يمكن للصهيونية أن تنكر أنها قامت على أسس شبيهة بالأسس التي قامت عليها النازية، التي نادت بسيادة العرق الآري على الشعوب والأعراق كافة، بينما الصهيونية تقوم على أساس أن اليهود هم شعب الله المختار ويتفوقون على بقية البشر بالنقاء والذكاء.

ويعتبر ما أكده فيلسوف النازية الفريد روزنبيرغ في كتابه «محاكمة اليهود في العصور المتغيرة» خير دليل على هذه الحقيقة التاريخية إذ كتب يقول: يجب تقديم العون الفعال للصهيونية حتى يمكن نقل أكبر عدد من اليهود الألمان سنوياً إلى فلسطين.

ومن باب التوافق والقواسم المشتركة بين النازية والصهيونية ما أعلنه حاييم كوهين، الذي كان قاضياً في محكمة العدل العليا الإسرائيلية في قوله إن سخرية القدر أرادت أن تكون الطروحات العرقية والبيولوجية التي يتبناها النازيون وكانت وراء قوانين نورنبيرغ، هي نفسها التي يبنى عليها تحديد صفة اليهودية في «إسرائيل».

 ويرى المراقبون أن التشابه الفكري بين النازية والصهيونية لاسيما فيما يتعلق بـ«الاعتقاد بالتفوق والنقاء العرقي» أدى إلى التعاون بين الحركتين العنصريتين في المجالات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية لحل المسألة اليهودية بتهجير اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة إسرائيل فيها وعلى أثر ذلك أصبحت القواسم المشتركة بين الحركتين أقوى.

ومن بين هذه القواسم المشتركة الرئيسة يذكر أستاذ التاريخ ريان الريان في حديثه لـ«البيان» أن النازية خططت للسيطرة على أوروبا تماماً كالصهيونية التي خططت وتعمل للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بتغيير النظم السياسية.

وتنصيب الرؤساء والقيادات السياسية ومسح هويتها العربية والإسلامية والطابع الحضاري للمنطقة وصهينتها، مضيفاً أن الصهيونية تتحالف اليوم مع أميركا لصهينة وأمركة المنطقة، فـــــبعد أن بادت النازية الألمانية استبدلت الصهيونية اليهودية تعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا الاتحادية.

أساليب مشتركة

ويشير أستاذ التاريخ إلى أن بقوله: استخدمت ألمانيا النازية القوة العسكرية والحروب المفاجئة الوقائية والاستباقية والعدوانية والإبادة الجماعية ومعسكرات الاعتقال لتؤكد سيطرة العرق الآري، وتستخدم الصهيونية الحروب العدوانية والإبادة الجماعية والإرهاب والعنصرية لتؤكد تفوق اليهود وهيمنتهم وحقهم «كشعب الله المختار» بالسيطرة على الآخرين.

Email