تقارير "البيان"

المالكي أضعف الجيش فسقطت الرمادي

■ السقوط السريع للرمادي يثير تساؤلات عدة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تكاثر الاتهامات حول سقوط الرمادي، وقبلها الموصل، تتكرر حقيقة واضحة للعيان أمام الجميع، وهي أن القوات المسلحة العراقية لم يتم بناؤها بالشكل الصحيح، شأنها شأن العملية السياسية برمتها، التي اعتمدت على العشوائية والتقسيم الطائفي وانعدام الكفاءات في الأماكن المناسبة واستشراء الفساد، وبذلك «يتوزع دم الفشل» والهزائم المتلاحقة بين الكتل لعدم وجود الموضوعية في الأداء والتقويم.

ومن ابرز الذين يقع عليهم اللوم وحتى الاتهام، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي لم يكن يعلم انه سيتم اختياره لتولي الحكومة، خلفاً لرئيسه في الحزب والحكومة إبراهيم الجعفري، بعد أن كان يشغل منصب مدير مكتبه، وهذا الأمر تكرر مع حيدر العبادي، الذي كان يعمل تحت رئاسة المالكي، وهو الذي رشحه لمنصب نائب رئيس البرلمان، ومن هذا المنصب قفز فجأة إلى رئاسة الحكومة.

فقدان المؤهلات

وبحسب المراقبين السياسيين، فإنه «لا المالكي ولا العبادي، وقبلهما الجعفري» يمتلكون أي مؤهل لمنصب قيادة القوات المسلحة، أو حتى لجزء منها، فيما افترض المشرع أن يكون المنصب إشرافياً، بوجود قيادة عامة للقوات المسلحة وهيئة أركان، تضع الخطط وترسم كيفية تنفيذها، وليس التفرد بالقرار والتنفيذ.

ويكمن الخلل في العملية السياسية التي يقودها من لا يؤمنون بها ولا بالديمقراطية، التي هي في مفهومهم صناديق الاقتراع فقط، من دون النظر إلى الجوانب الكثيرة الأخرى، وهذا ما أكده القيادي في حزب الدعوة علي الأديب، بأنهم «يؤمنون بجزء من الديمقراطية، وليس كلها».

جيش عشوائي

ومع هذا الخلل الكبير في تكوين الدولة العراقية، تكوّن جيش من عاطلين رشحتهم الأحزاب السياسية، ومن آخرين دفعوا آلاف الدولارات ليحصلوا على رتبة جندي له راتب شهري، ومبالغ مضاعفة للحصول على رتبة ضابط، من دون قياس الكفاءة والمهنية، ومن ثم أصبحت الولاءات لمن يدفع أكثر، ويمنح امتيازات أكثر، وهو بلا شك من يقف على هرم السلطة، وبيده المال والجاه، فتحول إلى أداة استطاع المالكي الهيمنة على كل مفاصلها.

وقبل هزيمة الموصل، نصح الكثيرون المالكي بكسب ود الشارع السني، إلا انه اقحم الجيش في حرب هناك ضد معارضين لهم مطالب محددة اعترف بأنها مشروعة لكنه قمعها بالرصاص، ما أسهم إلى حد كبير بوجود تنظيم داعش.

لا جدوى للترقيع

وتكررت العملية في الأنبار، حيث أراد المالكي بمساندة قيادات عسكرية إثبات أن الجيش غير قادر على مواجهة داعش، وأن سياسة العبادي لا فرق بينها وبين سياسته، وأن هذا الجيش الذي أشرف عليه المالكي بنفسه طيلة ثماني سنوات، لا حول له ولا قوة أمام التنظيم، الذي يتطلب قتاله وجود قوات الحشد الشعبي، التي يشرف عليها قادة ومستشارون إيرانيون، ليكون هذا الحشد بديلاً للجيش، الذي يحاول العبادي إجراء ترقيع فيه، لكن ولاءات فرق كاملة بقيت مع المالكي، ومنها القوات الخاصة، التي قال الرئيس فؤاد معصوم قبل أيام، في حديث متلفز، إنها طوقت منزله عندما كلف العبادي بتشكيل الحكومة، ولكن لم يُتخذ أي إجراء بحقها، وتم نقل معظمها إلى الرمادي، حيث أكد قائد الفرقة العاشرة في الجيش العراقي الفريق سفين عبد المجيد، أنه أبلغ العبادي بأن آليات ومركبات تلك القوات، كانت تستعدّ للانسحاب من الرمادي قبل سقوط المدينة بأيام، مشيراً إلى أن طائرات مسيرة من دون طيار زودت القائد العام للقوات المسلحة بصور تؤكد ذلك.

مفارقة

الحشد الشعبي الذي يريده نوري المالكي وصحبه بديلاً للجيش، تم تشكيله بعد دعوة المرجع الديني علي السيستاني لـ«الجهاد الكفائي» إثر سقوط الموصل، ويتكون الآن من ميليشيات معظمها متعارضة مع فكرعلي السيستاني، الذي لا يحبذ ولاية الفقيه، بينما هي تؤمن بتلك الولاية للمرشد الإيراني علي خامنئي، في حين تتبع فصائل أخرى فتاوى السيستاني ومقتدى الصدر ومحمد اليعقوبي، بينما اختار حزب الدعوة محمود الشاهرودي مرجعاً له، إلا أن جميع هذه الفصائل جامحة الميل لإيران دون سواها.

Email