تحليل إخباري

إدارة أوباما ومشاركة إيران في الحل اليمني

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من المفترض حسب ما أوحى به خطاب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من البداية، أن تثبت إيران مقدماً جدارتها للتعاون معها وأن ذلك يكون من خلال النهوض بشروط هذا التعاون. على رأس هذه الشروط طي المشروع النووي. لكن بالنهاية تبيّن بأن هذه المعادلة باتت مقلوبة.

صار على واشنطن القبول سلفاً بحضور وشروط طهران الإقليمية، كي تبدي هذه الأخيرة الحلحلة المطلوبة للتوصل إلى صفقة نووية مؤقتة. أي كي تقبل بصيغة لترحيل وشراء الوقت لهذا الملف. وقد تبدّى ذلك في الساحتين العراقية والسورية. والآن جاء دور الساحة اليمنية.

البحث عن تسوية

في آخر مقابلة له يوم الثلاثاء الماضي، قال الرئيس أوباما إنه على إيران «المساهمة في حلّ أزمة اليمن». كلامه هذا جاء في سياق تشديد الإدارة على وجوب الانتقال الفوري إلى البحث عن تسوية سياسية تشارك فيها كل الأطراف المعنية. الدعوة إلى المساهمة انطوت على اعتراف بأن إيران طرف أساسي في الأزمة. وبالتالي هي دعوة إلى إشراك طهران في البحث والتفاوض حول مثل هذه التسوية. الإدارة لم تنف ..

ولم تؤكد ما إذا كانت قد تباحثت مع إيران في هذا الخصوص. كل تركيزها الآن يدور على وجوب الخروج الآن من الحرب إلى السلام عبر طاولة الحوار. في خطابها المعلن تقول إنها ما زالت تدعم عملية «استعادة الأمل».

لكن في الوقت ذاته ترسل إشارات تفيد بأنها متضجرة منها. كلام المسؤولين يركّز على أن العملية «باتت غير ذي مفعول، بعد أن حققت أغراضها العسكرية الأساسية، من ضرب سلاح الجو اليمني..

وتدمير قواعد ومستودعات الأسلحة الثقيلة وصواريخ سكود وغير ذلك من العتاد». كما تردِّد بأن الإفراط في القصف من شأنه أن يزيد من تأليب الرأي العام الدولي ضدّه، فضلاً عن أنه يهدد بنقل النزاع إلى خارج ساحته. بالنهاية، يقول الأميركيون، إن للعملية هدفاً سياسياً يتمثل بإرجاع الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء. وهذا ما لا تقوى الحرب الجوية على تحقيقه. وبالتالي لا بدّ من العودة إلى طاولة الحوار.

تجميد النزاع

ما يهم واشنطن في هذه العودة الآن أمرين أساسيين: تجميد النزاع اليمني في الوقت الحاضر من خلال إحالته إلى عملية مفاوضات مديدة ومعقدة تكفل تحاشي أي تعقيد أو توتر ناهيك بالتصادم مع إيران. خاصة وأن طبخة النووي دخلت طورها الأخير. ثانياً، تعويد المنطقة على دور إيراني في التعامل مع قضاياها الشائكة والتي لطهران حضور فيها. فالاعتراف الأميركي بهذا الحضور لم يعد سراً ..

وإن كانت واشنطن تبدي من حين إلى آخر انزعاجها من التدخل الإيراني في شؤون جوارها. لكنه انزعاج سرعان ما يتبخّر عندما تُدعى إيران «للمساهمة» في الحلول.

وفي ردها على سؤال «البيان» بخصوص هذه الدعوة والأسس التي تنهض عليها وما إذا كانت تنطلق «من كون إيران كطرف في الأزمة أو كجار أو كقوة إقليمية؟»، قالت الناطقة الرسمية في الخارجية «ليس لدي معلومات». المهم أن تساهم إيران في العملية السلمية.

وواشنطن تعرف أن مثل هذه المساهمة إذا حصلت لن تكون مجانية وأن الثمن لن يكون أقل من تأسيس أو بالأحرى تطويب لدور صاحبها المتوقع أن يتضاعف ويتصاعد بعد صفقة النووي، حسب تقديرات المراقبين، الذين لا يتحدثون عن احتمالات انهيار مفاوضاتها ولو أنهم لا يسقطون احتمال وصولها إلى عقدة مستعصية تتمثل في موضوع التفتيش ومدى انفتاح الساحة الإيرانية أمامه. خاصة المنشآت العسكرية.

Email