من التساهل إلى الرفض المزخرف بخطوات رمزية

اليمن وزئبقية الموقف الأميركي

يمنية من الحراك الجنوبي المناهض للحوثيين تحمل قاذفاً في أحد شوارع عدن - أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين ليلة وضحاها انقلب موقف الإدارة الأميركية تجاه الحوثيين، من التساهل وتدوير الزوايا إلى الرفض. لكن الرفض اللفظي المزخرف بخطوات رمزية. ويبدو أنه انقلب، إذا صحّ التعبير، ليتماشى مع الأمر الواقع الذي تمثل في تدخل التحالف الخليجي – العربي لوقف الزحف الحوثي. أو ربما في ذات الوقت، للضغط على الحوثيين وإيران من ورائهم. على الأقل في اللحظة الراهنة.

لم تدخل عبارة إدانة على الموقف الأميركي من هذا الزحف منذ بدايته في سبتمبر الماضي، إلاّ أمس في تصريح الناطقة باسم المكتب الصحافي في البيت الأبيض. سقطت صنعاء من دون أن تنطق الإدارة بكلمة من هذا النوع. رفضت وضع عملية الانقضاض واحتلال القصر الجمهوري والإطاحة بالرئيس عبدربه منصور هادي، في خانة الانقلاب. ا

كتفت بتكرار الدعوة إلى الحوار بين المتنازعين. وفي ذات الوقت، دأبت على القول بأن الرئيس هادي هو الرئيس الشرعي لليمن. هو شرعي في خطابها، لكن من دون إدانة اقتلاعه من القصر. اليوم تغيرت أبجدية قاموسها. صار انتزاع السلطة بالقوة العسكرية عملية «غير مقبولة ومدانة بقوة». فجأة تبدّلت المقاييس.

نهار أمس كانت الإدارة الأميركية في جوّ آخر. استبعدت ضمناً، أو بالأحرى أرادت الإيحاء بأنها لا تريد أي تدخل عسكري في اليمن. بسؤالها عن احتمال تدخل قوة عربية، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض بأنه ليس لديها معلومات في هذا الخصوص. وأضافت: «للسعودية قلقها لكننا لا نعرف ماذا ينوون عمله، كما ليس لدي علم بأي عمل يمكن أن نقوم به نحن». الفحوى، أننا لسنا في صدد الحديث عن عمل ما في اليمن. لا نحبّذ ذلك.

موقف جديد

اليوم اختلفت الصورة. البيت الأبيض يدين الاقتحام الحوثي. يدعو الحوثيين إلى «الوقف الفوري لعملياتهم العسكرية والعودة إلى المفاوضات». دعوة غابت عن الخطاب الأميركي منذ أواخر الصيف الماضي. الخارجية الأميركية كانت أكثر وضوحاً. ففي اللقاء الصحافي أمس، شدّد الناطق باسم الخارجية على أن واشنطن دعمت التدخل الخليجي التحالفي لأنها «تتفهم القلق» الذي حمل أصحابه على اتخاذ القرار.

لكنه سارع إلى التأكيد على أن القرار «العسكري كان سعودياً». يعني أو واشنطن غير موافقة. وهذا كلام موجه على ما يبدو إلى إيران. ثم حرص الناطق على أن لا يفوته التشديد على مركزية «الهدف النهائي الذي يجب أن يتمثل بالتوصل إلى حلّ سياسي لأن لا حلّ عسكري للأزمة في اليمن». ا

للافت أن الإدارة لم تشدد على هذه النقطة بما فيه الكفاية والوضوح، خلال الأشهر الماضية التي تلت الهجوم الحوثي على العاصمة ومصادرة مواقع السلطة ومؤسسات الدولة فيها. وكأنه كان متروكاً لها المجال لمراكمة المكاسب قبل الحديث عن مشاركتها في الحكم.

أو ربما في مصادرة الحكم. كما حرص الناطق على التذكير بأن «هدفنا الأخير هو الحلّ السياسي». أي الحل الذي يشارك فيه الحوثيون. هدف لا اعتراض عليه من حيث المبدأ إلا إذا كان المقصود مشاركة الموكّل الواقف وراءهم ولو غير مباشرة.

وصلت الأزمة اليمنية إلى مفترق حرج وخطير، مفتوح على مساومات كبيرة. كما على أخطار أكبر. واشنطن تعتمد سياسة ملتبسة. ويعود ذلك في الأساس إلى مراهنتها على حل ولو مؤقت لحل ملف النووي الإيراني. اقتضى ذلك إدارة أزمات المنطقة بما لا ينعكس سلباً على هذا التوجه، قدر الإمكان. وكأن هذا التوجه بمثابة البوصلة التي تهتدي بها سياسات الإدارة في المنطقة. ومن هنا زئبقيتها خاصة في الأزمة اليمنية الراهنة.

اجتماع

عقد وزراء خارجية دول الخليج اجتماعاً عبر الدائرة المغلقة مع نظيرهم الأميركي جون كيري أول من أمس، والذي أكد دعم واشنطن لوجستياً واستخباراتياً لـ«عاصفة الحزم» التي أعلنت فرنسا وتركيا عن تأييدهما لها.

Email