قرقاش: جريمة ثقافية تضاف إلى جرائم «التنظيم» بحق الإنسانية

استنكار عالمي لتدمير «داعش» آثار الموصل

زوار في معرض فني ببغداد بعد يوم من بث جريمة "داعش" في الموصل - أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار نشر تنظيم داعش شريطاً مصوراً يظهر تدمير قطع أثرية قيمة في مدينة الموصل استنكاراً عالمياً واسعاً أمس، فيما أكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أن ما حصل جريمة ثقافية تضاف إلى جرائم التنظيم بحق الإنسانية، بينما طالبت منظمة «يونيسكو» بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية تراث العراق.

وأكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تدوينة على موقع «تويتر» أن «تحطيم داعش لتراث العراق بمتحف الموصل جريمة ثقافية تضاف إلى الجرائم الإنسانية التي ميزت التنظيم»، مضيفاً أن «التطرف والإرهاب هجوم على الإنسان وتاريخه».

وقال معاليه إن «مشاهد الهجوم على تراث العراق وتاريخه بمتحف الموصل تذكرنا بإرث طالبان المتخلف في تحطيم تراث أفغانستان، متى نتخلص من التطرف والإرهاب؟».

وفي تدوينة أخرى، أوضح أن «قصة جزار داعش محمد اموازي (جون الجهادي) بيان لأخطبوط شبكة التطرف والتكفير والإرهاب، تشعبات بين حركة الشباب وداعش وبيئة التطرف في بريطانيا». وتابع: «ونحن نرى أين يقود التطرف المجنون لا يسعنا إلا أن ندرك أن الصورة الأشمل في عالمنا العربي تقتضي التصدي للطائفية والتطرف والأفكار التكفيرية».

هولاند والعربي

بدوره، دان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التدمير الهمجي للآثار. وقال في تصريحات إن «الهمجية تطال الأشخاص والتاريخ والذاكرة والثقافة»، مضيفا: «ما يريده هؤلاء الإرهابيون هو تدمير كل اوجه الإنسانية»، ومعتبرا أن «السعي إلى تدمير التراث يعني السعي إلى تدمير كل الذين يحملون رسالة ثقافة».

من جهته، وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ما حصل في الموصل بـ«الجريمة الوحشية التي تفوق الوصف بهمجيتها وبربريتها»، معتبرا أن «هذا الاعتداء الوحشي على التراث الحضاري لشعب العراق يمثل واحدة من ابشع الجرائم التي ارتكبت في هذا العصر بحق تراث الإنسانية جمعاء».

«إيسيسكو» تدين

كما دان المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» عبد العزيز بن عثمان التويجري هجوم مسلحي تنظيم داعش على متحف الموصل وتدمير قطع أثرية داخله واقتحام مكتبة الموصل وإحراق عدد كبير من كتبها ومخطوطاتها النادرة.

وشدد التويجري على أهمية حشد الدعم الدولي لحماية التراث والتنوع الثقافي في العراق وسوريا وإنزال أقسى العقوبات على الأفراد والجهات التي تتاجر بطرق غير شرعية بالتحف والقطع الأثرية والمخطوطات المسلوبة.

اجتماع طارئ

بالتوازي، وجهت مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» ايرينا بوكوفا رسالة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، آملة في «اطلاق تحالف دولي ضد تهريب القطع الأثرية». واعتبرت تدمير القطع «عملية تطهير ثقافي وتدمير متعمد للتراث يستهدف هويات مختلف المجموعات التي تعيش في العراق».

وكانت بوكوفا طالبت بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن. وأفادت في بيان أن «هذا الاعتداء هو اكثر بكثير من مأساة ثقافية، هذا أيضا شأن امني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق». وأضافت: «لهذا تواصلت مع رئيس مجلس الأمن لأطلب منه عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن حول حماية الإرث الثقافي العراقي، كمكون أساسي من امن البلاد».

علماء الآثار يدقون ناقوس الخطر

أبدى علماء وخبراء في الآثار مخاوف على مصير مواقع أثرية في شمال العراق، بعضها على لائحة التراث العالمي، غداة نشر تنظيم داعش شريطاً مصوراً يظهر تدمير آثار وتماثيل تاريخية في الموصل.

وتشمل هذه المواقع مدينة الحضرة التاريخية المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو»، ونمرود.

وتقع المدينتان إلى الجنوب من الموصل، ثاني كبرى مدن العراق، والتي يسيطر عليها التنظيم المتطرف منذ هجوم كاسح شنه في يونيو الماضي. وقال عالم الآثار العراقي في جامعة «ستوني بروك» الأميركية عبد الأمير حمداني: «هذه ليست نهاية القصة، وعلى المجتمع الدولي التدخل»، في إشارة إلى الشريط الذي نشره التنظيم أول من أمس.

وأظهر الشريط قيام الإرهابيين بتدمير آثار يعود تاريخها إلى آلاف السنين في متحف مدينة الموصل. وقام العناصر برمي التماثيل أرضاً وتحطيمها، واستخدام المطرقات لتكسير بعضها.

كما استخدموا آلة ثقب كهربائية لتشويه تمثال آشوري ضخم لثور مجنح، يقع عند بوابة نركال في الموصل. وقال حمداني الذي عمل سابقاً مع دائرة الآثار العراقية، إن عناصر التنظيم الذين شوهوا التمثال عند بوابة نركال «أبلغوا الحراس أنهم سيدمرون نمرود».

وأضاف: «هذه واحدة من أهم العواصم الآشورية، ثمة نقوش وثيران مجنحة هناك. ستكون كارثة حقيقية»، متخوفاً من أن يقوم المتشددون كذلك «بمهاجمة الحضرة وتدميرها. هذه منطقة معزولة جداً في الصحراء». وتقع الحضر ضمن مناطق سيطرة التنظيم في محافظة نينوى، على مسافة 100 كلم جنوب غرب الموصل.

وتقول منظمة اليونيسكو إن «بقايا المدينة (الحضر)، لا سيما المعابد حيث تختلط الهندسة المعمارية الهلنستية والرومانية مع الميزات الزخرفية الشرقية، تشهد على عظمة حضارتها». وأبدى المهندس المعماري العراقي المقيم في عمان إحسان فتحي تخوفه على آثار الحضر ونمرود.

وقال: «أخشى أن المزيد من التدمير قادم»، مضيفاً إن عناصر التنظيم يمكنهم أن «يقوموا بكل شيء. ممكن أن ينتقلوا إلى المعابد (في الحضر)، ممكن أن يقولوا إنها معابد وثنية ويفجرونها بكل سهولة. من سيوقفهم؟ بصراحة ليس هناك أي شيء يقف أمامهم».

Email