عام حكم »الإخوان« شكّل نقطة تحوّل في مسار الإرهاب

سيناء تختبر تصميم مصر على الانتصار

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

تهديدات واسعة تشهدها مصر عبر بوابتها الشرقية، مع انتشار وتفشي العناصر والجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، خاصة في الجزء الشمالي، الذي تستوطن فيه العديد من الجماعات الإرهابية، التي نفذّت العديد من العمليات الواسعة، لاسيّما خلال الفترة التي تلت ثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتي أسقطت حكم الإخوان المسلمين، كان آخر تلك العمليات، العملية التي وقعت مساء الخميس الماضي، وخلفت نحو 30 ضحية، غالبيتهم من العسكريين.

وشكّل العام الذي حكم فيه الإخوان مصر، في الفترة من يونيو 2012 وحتى 3 يوليو 2013، تناميا ملحوظا في خطر تلك التنظيمات الإرهابية في سيناء، عقب أن أفسح الرئيس الأسبق محمد مرسي، المجال، لتلك الجماعات، للعمل ومواصلة نشاطها، عقب أن أفرج عن الكثير منهم، انطلاقا مع التقارب الإخواني مع تلك الجماعات، سواء التقارب الفكري والأيدلوجي أو التقارب التنظيمي.

ويثار المزيد من الجدل بالشارع المصري في الوقت الحالي، حول تعداد تلك العناصر الإرهابية بسيناء، ومدى قوتهم، لاسيّما أن العملية الأخيرة أظهرت تطوراً ملحوظاً ونوعياً في آليات تنفيذ العمليات الإرهابية، في الوقت الذي تواصل فيه القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع الشرطة المدنية، دورها في مكافحة الإرهاب، ودك البؤر الإرهابية في سيناء، في عمليات عسكرية واسعة.

القوات تسيطر

وفي البداية، يوضح مصدر عسكري مصري رفيع المستوى لـ «البيان»، أن القوات المسلحة المصرية مسيطرة على الأمور في سيناء، و«لا يوجد شبر واحد من الأرض خارج سيطرة القوات المسلحة»، في الوقت الذي يشير فيه إلى أن ما تقوم به الجماعات الإرهابية هناك من عمليات إرهابية ما هي «الأنفاس الأخيرة التي تلفظها هذه الجماعات؛ ردا على تلك النجاحات التي تحققها القوات المسلحة هناك».

ويضيف المصدر العسكري البارز: «القوات المسلحة قادرة على حسم الأوضاع في سيناء لصالحها، في أيام معدودة، لكن ما يقف حائلا دون تنفيذ ذلك هو وجود الأهالي هناك، وهو ما يجعل القوات المسلحة تستخدم ما يسمى بالقوة المحسوبة وليست القوة القاهرة؛ حفاظا على أرواح هؤلاء الأبرياء».

ويُشدد المصدر على أن «القوات المسلحة مازالت عند وعدها وعزمها على أن يشهد العام 2015، إنهاء الحرب في سيناء وتسليمها للحكومة، عقب القضاء على هذه الجماعات كاملة وتطهير أرض سيناء منها».

عهد مرسي

واختلف وضع الجماعات والتنظيمات الإرهابية في سيناء خلال العصور التي شهدتها مصر، فكان عصر مرسي هو نقطة التحول في حجم تلك الجماعات، لاسيما مع قراراته الخاصة بالإفراج عن العديد من العناصر الإرهابية والجهادية، من منطلق مخططات تنظيم الإخوان الإرهابي.

وفي هذا الإطار، وحول طبيعة تواجد الجماعات الجهادية الإرهابية في سيناء، يتحدث الباحث في شؤون الجماعات المتشدّدة مدير مركز مراجعات الإسلام السياسي خالد الزعفراني، مؤكداً أن «الجماعات الجهادية المتطرفة ظلت ضعيفة ومتناثرة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وكان تواجدها متفرقاً ما بين سيناء وغزة، لكن بانفراط العقد الأمني عقب ثورة 25 يناير 2011، التي أسقطت نظام مبارك، وعقب الإفراج عن عددٍ كبير من الجهاديين والتكفيريين بعد ذلك، زاد عدد هؤلاء الجهاديين وتمركزوا في سيناء، ليصبح عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي نقطة تحول حيث أصبحت التدريبات العسكرية لهذه الجماعات على العيان، وبدأت هذه الجماعات في الانتشار في سيناء وتجنيد عدد من أبناء القبائل السيناوية».

ويضيف الزعفراني لـ «البيان»، قائلًا: «الجماعات الإرهابية في سيناء أعدادها أقل من المتصور»، مؤكداً أن «خبرة هذه الجماعات العسكرية والتي حصلوا عليها من التدريب في غزة وسوريا والعراق، والدعم المادي واللوجيستي من أحدث الأسلحة والتي تحصل عليها من دول عدة مجاورة من بينها تركيا، هي التي تمنح هذه الجماعات القوة على الأرض وليس العدد، إضافة لتفوق هذه الجماعات في معرفة الطبيعية السيناوية من دروب وجبال ومغارات».

3 آلاف

وفيما تتواصل العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات الجيش المصري في سيناء، والتي يتم خلالها دك الأوكار والبؤر الإرهابية، يتزايد الجدل حول تعداد العناصر الإرهابية في شمال سيناء، وشكل التنسيق الدائر بينهم وبين جماعات أخرى مثل تنظيم الإخوان الإرهابي وتنظيم داعش، لاسيما أن جماعة أنصار بيت المقدس، وهي أبرز فصائل الإرهاب في سيناء، كانت أعلنت بيعتها للتنظيم، وأطلقت على نفسها «ولاية سيناء».

وبدوره، يشير الخبير العسكري اللواء محمود زاهر، إلى أن «هناك توغلاً إرهابياً للجماعات الإرهابية في سيناء، وذلك في منطقة رفح المصرية والشيخ زويد، وجزء من العريش»، لافتاً إلى أن «حجم تلك الجماعات يصل إلى 3 آلاف شخص فقط، أغلبهم من الجماعات السلفية الجهادية، التي خرجت منها جماعات أخرى مثل أنصار بيت المقدس وأجناد الله، وتتخذ من قبيلة الترابين بشمال سيناء مقرا لها».

ويضيف: «تلك الجماعات تمركز عدد من رجالها في محافظات مصر مثل القليوبية والشرقية، لتكون بعيد عن أعين الدولة، ولتكون في عون تلك الجماعات في أوقات تحتاجها، حيث تذهب إلى سيناء وتعود بعد ذلك»، مؤكدا أن تلك الجماعات تتلقى تمويلاً كبيراً من جهات إقليمية ودولية، ومنها حركة حماس الفلسطينية، حيث تدعمها بالأسلحة، في حين تساهم الولايات المتحدة والدول الغربية بالدعم اللوجيستي والمادي فقط، حتى لا تتورط بصورة مباشرة مع تلك الجماعات».

دعم خارجي

وبحسب خبراء، تتلقى جماعات الإرهاب في سيناء، دعماً واسعاً من العديد من الجهات الخارجية، دولاً ومنظمات وأفراداً، ويقول في هذا الشأن اللواء طلعت مسلم، إن مصر تواجه إرهاباً يعتمد أسلوب حرب العصابات، وليس فقط جماعات إرهابية صغيرة، موضحاً أن مصر تحارب دولاً تحرك جماعات، وتموّلها وتدعمها بالسلاح والمال، وهو السبب في بقائها واستمرارها، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن «ذلك الدعم وتلك التمويلات متورط فيها عدد كبير من الجهات الدولية والإقليمية، فضلا عن الاستخبارات التي تخطط لتلك الجماعات، وهو ما يكشف أن مصر مستهدفة من قبل دول كبرى تسعى إلى هدم مصر وشعبها وجيشها».

ويلفت إلى أن جميع الجماعات الإرهابية الموجودة في سيناء على صلة ببعضها البعض، فضلاً عن صلتها مع الجماعات الإرهابية بالخارج والتي تدعمها وتعمل معا لتنفيذ مخطط غربي واحد، موضحاً أن هناك عناصر من هؤلاء الإرهابيين يعدون من المرتزقة والذين تقوم أعمالهم على الحرب، غير أن الجيش المصري مستعد للمواجهة والوقوف في وجه أي إرهاب يسعى إلى هدم وتهديد مصر.

إخلاء رفح بالكامل

يرى اللواء عبدالمنعم سعيد محافظ شمال سيناء الأسبق ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، أن إخلاء رفح يجب أن يكون بالكامل وليس 15 كيلومترا فقط، مشيراً إلى أن هذه المنطقة مازالت تحتوي على أنفاق تصل إلى غزة ويتم خلالها تسريب الذخائر والمعلومات والإمدادات. وأضاف سعيد في حواره على فضائية المحور الأحد، أن القوات المسلّحة قادرة على دحر الإرهاب في سيناء، وأن التحركات المختلفة لتمويل وتخطيط العمليات للجماعات الإرهابية مرصودة وكذلك الجهات التي تقف وراءها ولكن الصدام الأمني معها حالياً لن يكون في مصلحة مصر رغم كونها مرحلة ستأتي في الوقت المناسب.

Email