الدمار يقلص آمال عودة المدنيين

دعوات إلى إعادة إعمار عين العرب

مقاتل كردي يجلس وسط الدمار في عين العرب أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعا مسؤولون في مدينة عين العرب السورية المجتمع الدولي إلى المساعدة في إعادة بناء المدينة التي تقع بالقرب من الحدود التركية بعد دحر إرهابيي تنظيم داعش منها، في وقتٍ يبرز الدمار كعائق يقلص آمال عودة المدنيين إليها.

وقال رئيس الحكومة الإقليمية التي نصبت نفسها أنور مسلم للصحافيين الذين يزورون المنطقة: «كل المنظمات الإنسانية موضع ترحيب». وأوضح: «تعرضت نسبة تصل إلى 50 في المئة على الأقل من المدينة للدمار الكامل». بدوره، قال الناطق باسم الحكومة إدريس نعسان إنه «من المستحيل أن يعود نحو 15 ألف نسمة من مواطني كوباني إلى ديارهم في أي وقت قريب». وأضاف نعسان: «ليس هناك غذاء ولا كساء ولا دواء». ولحق الدمار بأجزاء كبيرة من المدينة وسويت بالأرض بسبب القتال ضد تنظيم داعش.

مدنيون ودمار

وقال مقاتل يحرس ميداناً في الوقت الذي تقوم فيه مجموعة من زملائه بدوريات في الشوارع المحيطة على دراجات نارية: «ما زالت قذائف المورتر تسقط هنا.

لا تتجولوا في المنطقة فالوضع خطير». وما زالت الملاءات التي كان السكان يختبئون وراءها من أعين القناصة معلقة في شوارع عين العرب التي توحي مبانيها المحطمة وطرقها ذات الحفر بأن من فروا من المدينة لن يعودوا على الأرجح إليها سريعاً. وبإعلان القوات الكردية انتصارها برفع الأعلام الكردية لتحل محل رايات «داعش»، عمت الاحتفالات وسط أكثر من 200 ألف لاجئ فروا إلى تركيا منذ بدء الهجوم على البلدة في سبتمبر الماضي. وولدت برودة الجو والفقر والجوع رغبة لدى الكثيرين للعودة إلى ديارهم ومحاولة استعادة حياتهم المعيشية.

لكن شهوراً من المعارك دمرت البلدة، حيث تقف سيارات محطمة بجوار مبان تحولت إلى ركام كما أن الطرق مليئة بحفر عميقة. وتجوب دوريات المقاتلين الأكراد ممن يشعرون بالإرهاق والتوتر الشوارع، كما أن خطر وجود عبوات ناسفة لم تنفجر يشعر المدنيين بالخوف من المكان الذي يمكن أن تطأه أقدامهم. وقال مقاتل من «وحدات حماية الشعب» الكردية وهو يمسك بسلاحه الآلي ويقف أمام أنقاض مبنى: «العودة إلى كوباني ستكون أصعب من مغادرتها».

وأضاف وهو يشير إلى كومة من الأنقاض بنفس ارتفاع المبنى المؤلف من طابق واحد المجاور لها: «تحتاج المدينة إلى أن يعاد بناؤها من جديد». وأصبحت عين العرب، الواقعة وسط التلال ولا يفصلها عن تركيا سوى خط مهجور للسكك الحديدية، نقطة محورية للصراع الدولي ضد «داعش»، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأسلحة الثقيلة وعدد المقاتلين الذين دفع بهم التنظيم إلى ساحة القتال.

وبمساعدة الضربات الجوية اليومية التي توجهها القوات بقيادة الولايات المتحدة والأسلحة والذخيرة ووصول مقاتلين من إقليم كردستان العراق، تمكن المدافعون عن عين العرب من إعلان تحقيق انتصار مبدئي الاثنين الماضي. واستمرت المعارك في القرى إلى الجنوب الشرقي والجنوب الغربي من عين العرب منذ أن أعلن الأكراد انتصارهم.

تعقب المتطرفين في تركيا

 

يقف رجلا شرطة بزيهما المدني في مطار تركي كبير في نهاية الممر المؤدي إلى الطائرة القادمة من بلد شرق أوسطي للتدقيق في الركاب الراغبين في التوجه إلى سوريا للقتال هناك. ومنذ أشهر عدة، تواجه الحكومة التركية انتقادات شديدة من حلفائها الذين يأخذون عليها رقتها لكيلا يقال تواطؤها، في محاربة الشبكات التي تزود تنظيم داعش بالمقاتلين. لكن أنقرة ترد قائلة إنها تبذل «أقصى» جهودها لاعتراض الأجانب المتوجهين إلى سوريا.

ونظراً للانتقادات الحادة، فتحت الباب جزئياً أمام وكالة «فرانس برس» بشكل استثنائي، وبموجب شروط، لتدخل عالم استعداداتها الأمنية. واليوم، فإن الهدف هو طائرة بمحركين وصلت مباشرة من بلد عربي.

ولفت نظر الشرطة اثنان من الركاب الذكور. وبدأت الأسئلة الأولى.. لديهم بطاقات للعودة وسيتوجهان إلى أضنة غير البعيدة عن الحدود مع سوريا، وتم اقتياد «المشتبه بهما» إلى المركز بمرافقة أمنية.

ويتوجه غالبية الذين يتم تجنيدهم إلى سوريا عبر تركيا التي تتشارك حدوداً طولها 1300 كيلومتراً مع العراق وسوريا. ويصل هؤلاء إلى إسطنبول ثم يستقلون الطائرة أو حافلة ركاب إلى إحدى مدن الجنوب للانتقال إلى سوريا بشكل غير شرعي. ومع أنه ينفي ذلك بشدة، يتهم النظام التركي، بغض النظر عن تدفق المتطرفين، بأنه يدعم تنظيم داعش منذ وقت طويل، اقتناعاً منه بأنه قادر على إسقاط عدوه اللدود الرئيس السوري بشار الأسد. لكن الأميركيين والأوروبيين عبروا عن انزعاجهم من الحكومة التركية.

تحليل المخاطر

وفي المنافذ الحدودية الرئيسة، أقامت السلطات التركية «مراكز تحليل المخاطر»، المكلفة رصد الأصوليين، حيث تم اقتياد المشتبه بهما إلى مركز مماثل. وقال ضابط شرطة، مشترطاً عدم ذكر اسمه: «نلاحظ الناس منذ وصولهم وندقق في هوياتهم، وإذا كان ذلك ضرورياً نقودهم إلى مركز تحليل المخاطر».

ويضيف: «سمحت هذه المراكز منذ بدء العمل بها بعزل نحو 1500 من المشتبه بهم، وتم إبعاد ثلثهم إلى بلادهم». وبالإضافة إلى هذه الرقابة العشوائية، تؤكد أجهزة الأمن التركية أن بحوزتها لوائح تتضمن عشرة آلاف شخص من متطرفين مفترضين يعتبرون أشخاصاً غير مرغوب فيهم.

وعلى الرغم من تضييق الخناق، لا تزال هناك فجوات تسمح بعبور بعض الأشخاص الخطرين على غرار حياة بو مدين رفيقة أحد منفذي الاعتداءات التي أوقعت 17 قتيلاً في باريس، حيث تمكنت من التوجه إلى سوريا في الثامن من الشهر الماضي عبر الحدود التركية، من دون أدنى قلق. وعلى الرغم من الأسئلة الملحة التي وجهتها «فرانس برس»، رفضت السلطات التركية توضيح مصير المشتبه بهما.

Email