الحوثيون يستثمرون انهيار المؤسسات

فراغ سياسي في اليمن ينذر بصراع مفتوح

اليمن مفتوح على احتمالات الفوضىأرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتسارع الأحداث السياسية والميدانية في اليمن، والتي يتصدرها اجتياح المسلحين الحوثيين للعاصمة صنعاء وسيطرتهم الكاملة على مفاصل الدولة وأهم مواقعها الحساسة، على وقع فراغ سياسي غير مسبوق نتج عن استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومة خالد بحاح، ما خلق حالة من الشك وعدم اليقين الداخلي والخارجي بشأن ما ستؤول إليه البلاد.

ووسط حالة الفراغ في مؤسسات الحكم بعد الاستقالتين، لاسيما أن مجلس النواب لا يملك أي سلطة دستورية كي يحسم مسألة استقالة رئيس الجمهورية، فإن تصدر جماعة الحوثي الواجهة اليمنية سيجعل اليمن في حالة عزلة، خصوصاً في ما يتعلق بدول الجوار، حيث يستثمر المسلحون الانهيار الكلي لمؤسسات الدولة، غير آبهين للعواقب الخطيرة لذلك على الجميع.

الاستقالة، قد تبدو رد فعل منطقياً على التطورات الكارثية والمتلاحقة في البلاد، ولكنها أعادت وفي نسق تصاعدي زمام المبادرة إلى الشارع اليمني من خلال التظاهرات التي يقمعها الحوثيون بشكل فوضوي وعنيف، ما يضع الشعب والسلطات أمام خيارات محدودة وتحديات جمة، لاسيما في ظل الانقلاب الحوثي على الشرعية وعلى مخرجات الحوار الوطني.

تعجيل صراع

لكن محللين يعتبرون أن تلك الاستقالة المفاجئة عجّلت الصدام بين جماعة الحوثي و«حليفها الأول» صالح، إذ بات التنافس بين الطرفين يدور حول السيطرة على منصب الرئاسة بعد السيطرة الميدانية على الأرض.

ويعتقد أن الخلاف بين صالح والحوثيين بدأ مع سعيهم لتشكيل مجلس رئاسي، ورفضهم شرعية مجلس النواب، بعد أن قدم هادي استقالته إلى رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح.

وبحسب نصوص الدستور اليمني، فإنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية سواء بالوفاة أو الاستقالة أو غيرهما يتولى نائب الرئيس منصب الرئاسة، وفي حالة عدم وجود نائب للرئيس وهو الأمر القائم في اليمن قبيل استقالة هادي يتولى المنصب رئيس مجلس النواب.

وبحسب التسريبات، فإن ثمة سيناريو ثانياً لدى صالح للعودة إلى السلطة عبر تشكيل مجلس عسكري من قادة الجيش، خصوصاً ألوية الحرس الجمهوري التي ظلت على ولائها له ولنجله أحمد، وهو ما يؤكد التنازع مع الحوثيين الذين يريدون تعزيز قبضتهم على الدولة، والأمر الذي كشفته مصادر يمنية قبل حدوث الانقلاب الحوثي، متحدثة عن تخطيط صالح لانقلاب عسكري ضد هادي.

تجميد سلطات

ويرى مراقبون أن استقالة الرئيس اليمني ستفتح صراعاً واسعاً في البلاد، لاسيما بعد تعليق شرعية مجلس النواب بشرعية هادي وفقاً للمبادرة الخليجية التي علقت أيضاً العمل بالدستور اليمني، ما يعني أن العمود الفقري للسلطات في اليمن بات مجمداً، فيما فقدت السلطات التنفيذية قدرتها على الأرض، في ظل ترجيح كفة الصراع لصالح الحوثيين بشكل مفاجئ وصادم.

أزمات شتى يعانيها اليمن وفاقمت من خطورتها التطورات الأخيرة، فالفراغ السياسي يخيم على المشهد، لا رئيس جمهورية ولا حكومة، وبرلمان شبه مجمد، وجيش ضعيف ممزق ومنهار، وأزمة اقتصادية خانقة وفقر مدقع، وانقسام سياسي مرعب، واقتتال بين عدة أطراف على عدة جبهات خارج عن سيطرة الدولة.

موقف فضفاض

تعتبر أحزاب اللقاء المشترك، وعلى لسان القيادي محمد الصبري، أن الحوثيين يقومون بمقاولات «قذرة» لصالح الولايات المتحدة، كما قاموا بذلك لصالح إيران والرئيس السابق علي عبدالله صالح، على تعبيره.

وربط الصبري موقف واشنطن الفضفاض من التطورات الجارية في اليمن بحربها ضد الإرهاب، معتبراً أن الولايات المتحدة تعتقد أن بإمكانها اعتمادهم وكيلاً محلياً لها ضد الإرهاب، لاسيما لجهة محاربة الحوثيين تنظيم القاعدة في اليمن، عدو الطرفين المشترك. وهذا ما أكده رئيس البعثة الأميركية السابق لدى صنعاء نبيل الخوري الذي وصف الموقف الأميركي تجاه اليمن بـ«المتلعثم».

Email