محللون أردنيون: لا حلول سحرية لسيناريو الفوضى

شعارات تتهم الحوثي بالولاء لإيران خلال تظاهرة في صنعاء أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يعبث باليمن اليوم؟ هل صحيح أن جهات خارجية تعمل بالتوافق مع جهات داخلية على إحداث الفوضى في اليمن بهدف تحقيق جملة من المعطيات من بينها العودة الى انفصال الجنوب؟ وهل صحيح أن ما تعنيه سيطرة الحوثيين على اليمن أن الإيرانيين باتوا يحكمون سيطرتهم على أربع عواصم عربية؟ وهل يمكن تصديق أن واشنطن يمكن أن تسمح لحلفاء ايران أن يقتربوا من مصالحها؟ وأين درجة الحقيقة في تشكيك الرئيس الأميركي باراك أوباما بوجود دور إيراني فيما يحدث في اليمن؟ وهل سنشهد حضور القوات الأميركية في اليمن لقتال الإرهاب؟

كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات، لكن من الصعب تصديق الناطق باسم البيت الابيض جوش ايرنست، وهو يستبعد سيطرة ايران على المتمردين الحوثيين، إذ كيف يمكن أن يستقيم هذا الكلام مع قوله في الوقت ذاته إن الشراكة بين إدارة أوباما و«البنية التحتية للأمن القومي في اليمن» قوية في مجال مكافحة الإرهاب.

محللون أردنيون يصفون الوضع في اليمن اليوم انه بين الفوضى والصوملة.

ويقول الخبير الأردني في الصراعات الدولية عدنان برية إن «الإجابات الأميركية على ما يجري في اليمن تقود إلى الاعتقاد بأن هناك ما تجهز له واشنطن في الخفاء».

ولا يستبعد برية أن تفتح واشنطن خطاً مباشراً مع الحوثيين بموازاة علاقتها «الغامضة» مع إيران، خاصة وأنها تستعد لعقد تفاهمات معها بحلول يوليو المقبل، وصولاً لاتفاق بشأن الملف النووي.

ولا يجد برية إجابة عن سؤال ما إذا كانت واشنطن مطمئنة حيال عدم سيطرة ايران على باب المندب، وآبار النفط هناك. ويقول: حتى الآن يؤكد المشهد صعوبة حدوث ذلك، خاصة وأن «المندب ـ والنفط» يقعان في منطقة جغرافية معادية للحوثيين أولاً، وأن لديها القدرة على صدهم او عدم السماح لهم من الاقتراب ثانياً.

المدقق في تفاصيل ما يجري اليوم في الشارع اليمني يدرك أن جهة كبرى تخطط لما يجري وأن الحوثي مجرد منفّذ، لكنه المنفذ الذي يختلف من حيث الشكل أو الجوهر مع ما دأب البعض على تشبيهه بأمين عام حزب الله حسن نصر الله، بل هو شخصية تقف بالمنتصف بين طهران وأهدافها وواشنطن وما تريد تحقيقه يمنياً، حسب برية.

وعلى حد برية فإن معطيات عدة إضافة إلى الإشاعات تهدف إلى حرف المزاج الشعبي والسيطرة عليه، حيث إن الإشاعات وتضارب المعلومات تشجّع الجنوبيين على تسريع العمل على الانفصال، حتى إذا جاء رئيس جديد لليمن يمكن أن يؤكد للجميع أن انفصال الجنوب لم يكن في عهده، الأمر الذي سيبدو صحيحاً.

الخبير في الصراعات الدولية يرى إن أميركا لن تترك اليمن، خاصة ونحن نتحدث عن باب المندب وعن آبار نفط، إضافة إلى مخزن تاريخي للمتشددين. ويضيف أن الجميع في اليمن «شركاء الفوضى»، وعلى رأسهم الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي، يقول.

سيناريو الفوضى

أما ما يقلق النائب الأردني خليل عطية فهو أن «السيناريو اليمني الوحيد المتاح اليوم هو الفوضى». ويقول: «ليس هناك من حل سحري يمكن أن يجني من خلاله أي من الأطراف هناك». وبينما يصف عطية هذه الفوضى بالغامضة يقول: «عدد من الأطراف اليمنية تعتقد أنها يمكن أن تحقق مكاسب من بينها الحوثيون والجنوب».

أما الكاتب الأردني الخبير في الشأن اليمني حسين الرواشدة فيشبه ما جرى في اليمن بالآلية التي اتبعها حزب الله عندما سيطر على العاصمة اللبنانية بيروت قبل ثماني سنوات، وما فعله تنظيم «داعش» شمال العراق حين داهم الموصل وتقهقر أمامه الآلاف من جنود الجيش العراقي، وكأنه زمن الاجتياحات المفاجئة والسريعة.

على أن الرواشدة يقول إن تجربة الحوثيين في بلد مثل اليمن ستبدو مختلفة نسبياً، وذلك كونهم مجرد فصيل صغير لا يمثلون «الزيديين» الذين يشكلون ثلث سكان البلاد.

وينفي الرواشدة أن تكون المواجهة في اليمن طائفية أو مذهبية رغم أن الأمور تبدو في ظل ما يقوم به الحوثيون تبدو كذلك، مؤكداً أن ما يجري في اليمن إنما هو صراع سياسي.

مجتمع قبلي

بالنسبة إلى الرواشدة، فإن إيران كانت منذ البداية حاضرة، وأنها هي من تحرّك الأحداث عبر وكلائها الحوثيين.لا بل إن الخبير الأردني يعتقد أن عبدالملك الحوثي ابتلع «طعما» سيكون من الصعب عليه هضمه، أو لفظه من دون خسائر ضخمة، على الرغم من صورة المنتصر الذي تبدو عليها الأمور اليوم في الساحة اليمنية.

ويرى الرواشدة أن السيناريو الأقرب لليمن اليوم هو «الصوملة»، ويضيف «لن تقف الأمور عند انفصال الجنوب، بل بحروب ذات عناوين عدة من بينها الطائفية والعشائرية والمناطقية.. والجميع سيغرق».

Email