الثلاثي الخطير أصبحت أمامه فرصة لاكتساح البلاد وسط غياب ركائزه

انقلاب الحوثيين يعبد الطريق لـ«القاعدة» و«الحراك»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

مع غياب رمز النظام الأول، وفرط عقد الحكومة، وعدم وجود اي دور للمؤسسة الأمنية، ووضع الحوثيون اليد على مراكز القرار في العاصمة والرئاسة، وسعيهم الحثيث لفرض اجندتهم، يمر اليمن بمرحلة عاصفة من تاريخه مع تكالب التحديات، والمعضلات التى يواجهها، حيث بات تنظيم القاعدة والحراك الجنوبي خطرا جديدا على أمن اليمن واستقراره، ويجمع الثلاثي العداء للوطن والعمل على تدمير اليمن وممارسة الوصاية على الأرض.

كان الواقع اليمني منذ سنوات مثخنا بالأزمات التي عبثت بأمنه واستقراره، فهناك الحراك الجنوبي، من جهة، وتنظيم (القاعدة) من جهة أخرى، والحركة الحوثية من جهة ثالثة، إلا أن الدولة رغم ذلك كانت موجودة وسلطتها حاضرة، حتى سقوط الرئاسة في اليمن واستقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، حيث ان الثلاثي الخطير أصبحت أمامه فرصة مواتية لاكتساح هذا البلد في غياب ركائزه.

الأحداث الآنية في اليمن تسير وفق معادلة السياسة القائمة على شمال وجنوب، فتمدد الحوثي في الشمال جاء تمهيدا لانفصال الجنوب، وفق معطيات الواقع، بفرض سيطرته الكاملة على معظم المناطق الشمالية، في حين أن فصائل الحراك الجنوبي رأت في ذلك فرصة سانحة لترفع شعار فك الارتباط والاعتصام بالميادين والساحات.

نهاية الفوضى

ولقد كان البعض يعتقد أن سقوط عاصمة اليمن في يد الحوثيين هو نهاية معركة الفوضى الأمنية، لكنه بالعكس كان بداية دخول اليمن في نفق مظلم، حيث بات شبح التقسيم يخيم على البلاد مع استغلال الحراك الجنوبي الفرصة لممارسة العصيان والعنف وتصعيد تنظيم القاعدة عملياته العسكرية لتحقيق أهدافه، مع العلم أن تنظيم القاعدة في اليمن أحد مكونات التنظيمات المناوئة للحوثيين وضد سيطرتهم على الدولة، مما سيؤدي إلى استمرار الفوضى وعدم الاستقرار باليمن.

منذ حروبهم الست على حكومة علي عبد الله صالح والحوثيون يتحرّكون وفق إرادة أكثر من لاعب يوجّه حركتهم، ما جعل أداءهم في المفاوضات مع الحكومة اليمنية مرتبكا، واتخاذ قراراتهم بشأن ما يتفاوضون فيه بطيئا، حيث ارادوا ربح الوقت لضرب كل مؤسسات الدولة وجعل هذا البلد مفككا وقابلا لأي انقسام داخلي. بعدما استطاعوا تحقيق تمدد واسع بالانتقال من استخدام قوتها العسكرية كوسيلة للدفاع إلى أداة للتوسع.

بعد أقل من شهر من إسقاط مدينة عمران، فرض الحوثيون حصاراً محكماً على مداخل العاصمة صنعاء ومحيطها، لم يكن الهدف هو تقديم السلطة بعض التنازلات بل لمآرب أخرى، ليس أقلها إسقاط العاصمة والتحكم بقرارها. ولم يبق من مظاهر السيادة والدولة سوى البرلمان، الذي رفض البت في استقالة الرئيس هادي. الأمر الذي يعني، ان السلطة التشريعية في هذا البلد رغم انها موجودة، ولم تحل نفسها، غير انها لم تعد قادرة على القيام بمهامها، بسبب سيطرة الحوثيين على زمام الأمور في البلاد.

تأثيرات عميقة

في ضوء نتائج الوضع الراهن في اليمن، فقد توحي المؤشرات الأولية نحو تأثيرات عميقة، قد تصيب الخريطة السياسية الحالية في اليمن، وتهدد مستقبل اليمن، وتستهدف مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تورط جهات خارجية في دعم الحركة الحوثية، يصب في إطار تصفية الحسابات الإقليمية، ومن المؤكد أن الصراع الحاصل ليس صراعاً داخلياً بين أبناء اليمن، بل إن العامل الخارجي هو من أوجد هذا الصراع وغذاه طيلة عقود، وأحدث فراغا ستملؤه الجماعات الجهادية من أجل مقاومة الحوثيين، وستدفع بالأوضاع إلى مزيد من الحرب المحلية والسقوط في مستنقع الفوضى. وتبقى خطورة السلاح بأيدي تلك الجماعات المسلحة كونها تمارس تصفية حسابات شخصية ومذهبية وسياسية باستمرار عائقا في مسيرة استقرار اليمن منذ سنوات وحتى اليوم.

تقاطع المصالح

لكن التساؤل المهم الذي بات يطرح نفسه هو: هل تتقاطع مصالح الحوثيين مع القاعدة الآن، سواء في المواجهة مع دول الإقليم أو الحكم اليمني أو حتى على إضعاف وحدة وقوة اليمن لتكون بؤرة صراع؟ وإلى أي حد تتقاطع مصالح تنظيم القاعدة ـ في هذه المرحلة أيضا ـ مع الحراك الجنوبي الساعي إلى إعادة تقسيم اليمن؟.

يرى الكثير من المحللين أن الانفلات الأمني والقتال المستعر وزيادة حدة التوتر والصراع بين الأطراف المتخاصمة، فضلا عن التأجيج المذهبي في اليمن، جميع هذه الأمور تقود الدولة الى هشاشة على الاصعدة كافة، وقد زادت هذه الأمور من تأزم الأوضاع ورفع حالة الاحتقان السياسي، ويعتقد االبعض أن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، يمتطي الحصان الحوثي، ويستخدمه سلاحا وواجهة سياسية، في محاولة لفرض قيادات عسكرية وسياسية محسوبة عليه لتقود المرحلة الانتقالية، لكن مخططاته قد تصطدم بالهبّة اليمنية لإنقاذ البلا،د حيث تتواصل التظاهرات في كل المحافظات رفضا لسيطرة الحوثيين، ما يمهد لحملة عسكرية لمواجهة تمدد المتمردين دون اللجوء الى لغة الحوار، التي كانت سببا فيما وصل إليه اليمن من فوضى.

Email