الانقلاب على مشروع الرئيس أعطى الزخم للحراك نحو الانفصال

الحوثيون يوحدون الجنوب في مواجهتهم

أنصار الحراك الجنوبي يغلقون الطريق بالحجارة في مدينة عدن جنوبي اليمن رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوال تاريخه، مثّل جنوب اليمن الصخرة التي تصطدم بها المشاريع التوسعية لنظام حكم الأئمة، وشكّل طوال العقود الماضية الحاضنة للحراكات السياسية والثقافية المتطلعة للدولة الحديثة، وهو اليوم ينتفض في مواجهة الانقلاب الذي نفذه الحوثيون ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي.

ومع الإقرار بمرارة التجربة الوحدوية مع الشمال بفعل الممارسات التي انتهجها نظام حكم الرئيس السابق تجاه الجنوب والجنوبيين، إلا أن هؤلاء لم يقطعوا خيط الأمل في إمكانية معالجة الظلم والإجحاف الذي أصابهم، ولهذا شاركت أطياف سياسية جنوبية في مؤتمر الحوار، وعلقت آمالاً كبيرة على قيام دولة اتحادية، تعيد ثقة سكان الجنوب بهذه التجربة المتعثرة،

وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة والتقدم جنوباً حتى وصلوا مشارف مدينة تعز، استنفر الجنوبيون ضد هذا التمدد، وتمكنوا حتى اللحظة من إيقافه، وزاد من تعقيد الموقف، الانقلاب الذي استهدف شخص رئيس الدولة، وهو أحد أبناء الجنوب في 22 الشهر الجاري.

إغلاق المنافذ

اللجنة الأمنية في إقليم عدن، الذي يضم أربع محافظات، هي: عدن وأبين ولحج والضالع، أغلقت المنافذ البرية والجوية والبحرية للإقليم، وأعقبت ذلك بقطع أي علاقة للإقليم بالسلطة المركزية، وأعقبها خطوات مماثلة في محافظة شبوة.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي غازي المفلحي، إنّ الذين استعجلوا سقوط الرئيس هادي لن يكسبوا من تشفيهم سوى راحة يوم أو يومين، ثم يعودون إلى تجرع مرارة العيش في واقعهم الأليم الذي حاول هادي بكل ما أوتي من عزم وقوة أن ينقذهم من براثنه.

وخاطب المفلحي من تشفوا بالانقلاب الحوثي، وقال، ضعوا في اعتباركم أن القاسم المشترك الذي ربط قِسماً كبيراً من الجنوبيين بالمضطَهدين والمستَلبين في الشمال ووحد مصيرهم معهم، كان أملهم ورجاؤهم في إمكانية نجاح مشروع هادي لبناء الدولة اليمنية الديمقراطية الاتحادية الحديثة. ويؤكد أن سقوط الرئيس هادي ومشروعه، سيوحد الجنوبيون جميعاً بكل انتماءاتهم وأطيافهم وقناعاتهم خلف هدف استعادة دولتهم، وعندما يستعيدونها، سيمضون في بنائها على أسس الديمقراطية والمساواة وسيادة القانون التي يحلمون ويؤمنون بها.

تحرك موازٍ

ويرى محللون أن الانقلاب على مشروع الرئيس هادي في بناء دولة اتحادية تصون حقوق كل أبنائها، أعطى الزخم الذي يحتاجه الشارع الجنوبي لاستكمال المسعى باتجاه الانفصال، ولن يكون باستطاعة أي قوة أن تمنعه من تحقيق مبتغاه.

أما الكاتب سامي غالب، فيجزم أن رفض الحوثيين للأقلمة هو أخطر على اليمنيين من الأقلمة ذاتها، وأن هذا الموقف لا يمكنه أن يعطل مخطط تمزيق اليمن من موقع عصبوي، بل إن أي رفض للأقاليم الستة باسم الإقليمين، سيعني حروباً في كل أرجاء اليمن.

وأضاف غالب أنّ «الفيدرالية المستحيلة لن تتنزل في اليمن إلا في صورة مذاهب ومناطق وقبائل تخوض حروباً على بئر الماء، وحقل البترول، وعلى الحدود بين الدويلات، الست أو الثلاث أو الاثنتين، وعلى حقوق الأقليات في كل إقليم، وعلى المجالات الحيوية لحكومات الأقاليم.

أما الباحث نجيب غلاب، فيذهب نحو التأكيد على أن الحركة الحوثية لن تتمكن من الاستيلاء على الحكم، إلا إذا كانت تنفذ مخططات تقسيم اليمن، وتريد أن تدخل اليمن في حصار تام من العالم. ويضيف أنّ أي محاولة للسيطرة على اليمن ستدخل الحوثيين في حروب إنهاك طويلة، وهذا كفيل بتوقف كل ممكنات التنمية في اليمن، وقد تدخل اليمن في صراعات كثيرة مع الداخل والخارج.

غياب الإجماع الوطني

وذكر غلاب أن «الإجماع الوطني لا يمكن أن يتم بناؤه بالسلاح الحوثي، ولا يمكن للجيش والأمن اليمني أن يصبح تابعاً لمرشد أعلى يحكم الدولة من خارجها، ولن تحتمل اليمن أن تكون دولة شاذة عن محيطها وعن العالم».

وفي ظل تجاهل الحوثيين للمعطيات الواقع السياسي والاجتماعي في اليمن، استناداً على نشوة القوة، فإن اليمن يخسر اليوم قاطعاً مهماً من الجنوبيين المؤيدين لاستمرار الوحدة مع الشمال، وفق صيغة اتحادية تضمن إعادة الحقوق وإزالة المظالم، وتمنع حدوثها في المستقل.

Email