تقارير البيان

موسكو تلتزم الصمت حيال منظومة »إس 300« لدمشق

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

باستثناء ردود أفعال لخبراء روس لا يعكسون الموقف الرسمي لموسكو من تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم نهاية الأسبوع الماضي، حول نية روسيا تسليم صواريخ «إس 300» لسوريا، فقد التزمت الأوساط الروسية الرسمية الصمت حيال ما قاله المعلم لصحيفة «الأخبار» اللبنانية.

الصمت الروسي يبدو مغايراً لما حدث في مايو من عام 2013، حين ردت موسكو، وبلسان رئيسها فلاديمير بوتين، على إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده تسلمت الدفعة الأولى من تلك الصواريخ، لتنفي بعبارات مختصرة أنها لم تسلم دمشق تلك الصواريخ، من دون مراعاة للحرج الذي قد يسببه هذا النفي لحليف روسيا الأبرز في الشرق الأوسط، والذي استخدمت من أجله أكثر من مرة حق النقض في مجلس الأمن الدولي.

وبحسب رأي نائب رئيس أكاديمية العلوم الجيوسياسية في موسكو فلاديمير أنوخين، فإنه لا وجود لأي أسس قانونية تمنع موسكو من تسليم تلك الصواريخ لدمشق، وفق العقود المبرمة بين البلدين.

 ويضيف قائلاً: «لقد نفذت موسكو صفقة للسلاح سبق أن أبرمتها مع العراق بقيمة أربعة مليارات دولار، وأعتقد أن بيع هذه الصواريخ لدمشق سيجبر الولايات المتحدة على تغيير موقفها وطريقة عملها في منطقة الشرق الأوسط.. ومن حق دمشق شراء أنظمة الصواريخ».

الصواريخ والحرب الباردة

لكن ما لا يستطيع الخبير الروسي قوله، هو أن التزام موسكو للصمت حيال تصريحات المعلم، يكمن في أن ما قاله المعلم يصب في مصلحة السياسة الخارجية الروسية، والتي تكثر حالياً من التحذير من مخاطر حرب باردة يحاول الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، فرضها على موسكو، تحت ذريعة التدخل الروسي في شرقي أوكرانيا.

ويرى مراقبون روس، أن روسيا لن تسلم في الوقت الحالي، ولا في المستقبل القريب، هذه المنظومة الصاروخية المتطورة لدمشق، وإنما ستقوم بتقديم الصواريخ والطائرات وقطع الغيار للدبابات والمدافع، وبما يمكن الأسد من مواجهة مجموعات المعارضة السورية المسلحة، والتي تطالب برحيله.

ويشير هؤلاء إلى أن موسكو تنطلق في سلوكها هذا من مخاوفها بوصول تلك الأنظمة الصاروخية المتطورة إلى الجماعات المسلحة كـ «داعش»، وكذلك من عدم رغبتها بدفع الصراع إلى نهاياته مع البيت الأبيض، الذي لم يحسم بعد الحدود التي رسمها للتدخل العسكري الأميركي في سوريا، وفيما إذا كانت ضربات التحالف الدولي ستطال في مرحلة مقبلة الجيش السوري والميليشيات المتحالفة مع الأسد داخل الأراضي السورية.

مراعاة ومخاوف

وثمة من يرى أيضاً أن موسكو ستكرر ما فعلته سابقاً، حين امتنعت عن تسليم إيران للصواريخ نفسها، تجاوباً مع العقوبات التي يفرضها الغرب على طهران في مجالات اقتصادية وعسكرية، إضافة إلى أخذ موسكو بعين الاعتبار المطالب الإسرائيلية التي رأت حينها أن حصول الإيرانيين على تلك الأنظمة يهدد الأمن الإسرائيلي، وهو الموقف ذاته الذي تراعيه موسكو، حين تتريث وتؤجل المرة تلو المرة تنفيذ صفقة بيع تلك الصواريخ لدمشق.

رسائل

لا يخفى على الكرملين، الذي آثر الصمت وعدم الرد على تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم الأخيرة، أن أقواله هي رسائل للغرب، بأن موسكو مستمرة في التزامها بدعم وجود الأسد في السلطة، وفي مواجهة التحالف الدولي، إذا ما قرر الأخير توجيه ضرباته إلى نظام الأسد، بالإضافة إلى التنظيمات المتطرفة كـ «داعش» و«النصرة» وجماعة «خراسان».

Email