دعا في كلمته أمام مؤتمر في دبي يناقش الظاهرة إلى استكمال بناء قدرات دول المواجهة

عبد الله بن زايد:الإمارات سباقة في مكافحة القرصنة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في قيادة جهود مكافحة القرصنة البحرية، داعياً في كلمة، خلال افتتاحه أعمال الدورة الرابعة لـ»مؤتمر مكافحة القرصنة البحرية« في دبي أمس، إلى استكمال بناء قدرات الدول الواقعة على خطوط المواجهة، كما شدد على وجوب منع المجموعات الإرهابية، مثل »داعش«، من الوصول إلى المنافذ البحرية.

وقال سموه في كلمته أمس، خلال افتتاحه أعمال الدورة الرابعة لـ»مؤتمر مكافحة القرصنة البحرية« في دبي: »يسرني في البداية أن أرحب بكم في ربوع مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة حضوراً كراماً للمؤتمر السنوي الرابع لمكافحة القرصنة البحرية، حيث نتشرف مجدداً باستضافة هذه المجموعة المتميزة من خيرة المشاركين والخبراء من مختلف أنحاء العالم«. وأضاف: »لا شك أننا نعيش أسبوعاً حافلاً.

حيث تشهد دولة الإمارات ولادة عدة مبادرات قيمة ومعنية بمكافحة القرصنة البحرية، حيث كنا قد استضفنا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي الاجتماع العام السابع عشر لمجموعة الاتصال لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال التي تشكلت بموجب القرار رقم 1851 الصادر عن مجلس الأمن«. وأردف: »تعتبر المجموعة بمثابة اتفاق دولي على طرق مكافحة القرصنة. وضمن مجموعة الاتصال، فإننا نفتخر برئاسة دولة الإمارات لمجموعة العمل الثالثة جنباً إلى جنب مع كل من اليابان وسيشل، ونحن على ثقة بأن الاجتماع شهد تداول الكثير من الأفكار القيمة التي ستشكل أساساً لمواضيع جلساتنا«.

ثناء وشكر

وقال سموه: »وقبل أن نبدأ، أود أن أثني على جهود وزير الشؤون الخارجية الصومالي معالي الدكتور عبدالرحمن دعالي بيلة، وأن أثني كذلك على ما حققته الحكومة الصومالية من تقدم في ضمان السلام والازدهار لشعب الصومال، لا سيما في إطار سعيها لإرساء قواعد العدالة وسيادة القانون بعد فترة من الاضطراب. وكما أود أن أثمن قيام الحكومة الصومالية بدورها على أكمل وجه كشريك رئيس في جهود المجتمع الدولي لمحاربة القرصنة.

إن دولة الإمارات مستمرة في دعم الصومال حتى تتغلب على تلك التحديات«. وتابع: »وأنتهز هذه الفرصة لأشكر سعادة سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية، على جهوده طوال السنين الماضية، ودوره في إنجاح مؤتمرات مكافحة القرصنة البحرية. ولا بد أن ننوه دائماً بأن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تشكّل قوة دافعة وراء مبادرات مكافحة القرصنة، ونذكر في هذا الصدد دبي العالمية للموانئ مثالاً على الريادة في هذا المجال«.

ريادة ورعاية

وأسهب سموه في الحديث قائلاً: »واليوم، وبينما نجتمع للسنة الرابعة على التوالي من أجل مكافحة القرصنة، فإننا ننتهز الفرصة لنتوقف برهة، لكي نستعرض ما حققناه من إنجازات حتى الآن. فلا شك أن مؤتمراتنا وجهود مجموعة الاتصال أسهمت في تطوير طرق الاستجابة للتصدي للقرصنة ومكافحتها.

ولقد تجسد ذلك على وجه الخصوص في مجالي بناء القدرات المحلية ووضع المبادرات. ولقد تمكنا من إبراز أهمية العمل مع الصومال، من أجل بناء قدراتها على الصمود أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها«. واستطرد: »ولقد كانت دولة الإمارات سباقة في قيادة جهود مكافحة القرصنة البحرية في هذه المنطقة«. وأضاف: »نجحنا كذلك في التقريب بين القطاعين العام والخاص، فبتنا نرى اجتماعات بين المؤسسات الحكومية والعسكرية والتجارية الخاصة، من أجل تحديد مراحل الاستجابة وطرقها، ما قد أدى إلى رفع مستوى الممارسات في مجال الأمن البحري.

إضافة إلى زيادة عملية تبادل المعلومات«. وشرح: »وأخيراً، فلقد نجحنا في تركيز اهتمامنا على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية لمن يعيشون محنة الأسر لدى القراصنة وتقديم الرعاية لهم ولأسرهم، بل والاهتمام بالأسرى الذين أطلق سراحهم، لكنهم لا يزالون تحت وطأة تبعات فترة الأسر. وعلينا ألا ننسى أيضاً أن هناك 37 بحاراً لا يزالون أسرى لدى القراصنة، ومن أجل أولئك البحارة وأسرهم، فإننا سنواصل جهودنا لمكافحة القرصنة البحرية«.

جهود وعوامل

ولفت سموه إلى أن الدولة »عقدت أول مؤتمر لها لمكافحة القرصنة البحرية عام 2011، عندما كانت القرصنة مشكلة بارزة وحديث الجميع، حيث وصلت اعتداءات القراصنة آنذاك إلى 176 اعتداء، تم فيها أسر أكثر من 700 بحار و60 سفينة، لكن جهودنا المشتركة أثمرت عن تحقيق تقدم ملموس، حيث تناقصت أعداد اعتداءات القراصنة في السنتين الماضيتين حتى انعدمت كلياً«. وشدد على أنه »ثمة الكثير من العوامل التي أسهمت في تحقيق هذا النجاح، وأبرزها ما شهدناه من تعاون غير مسبوق بين القوات البحرية من مختلف دول العالم، وهو الأمر الذي رفع من مستوى الأمن البحري، وأسهم في ردع القراصنة واعتراض المجرمين وشبكات الجريمة.

وفي الوقت نفسه، أسهم العمل على تطبيق القانون عبر اتباع آليات معتمدة إقليمياً لتقديم الجناة للمحاكمة ونقلهم واعتقالهم، في إرساء دعائم نظام قانوني عادل ومنصف«. وذكّر أيضاً بـ»دور شركات الشحن البحري التي دعمت بأفكارها الممارسات العالمية الجيدة في مجال الحماية البحرية، فضلاً على أنها التزمت بتنفيذ التدابير المطلوبة والخضوع إلى التدريبات الضرورية«.

نجاح وإشارات

وذكر سموه في كلمته أنه »كما حققنا النجاح في البحر لم تكن نجاحاتنا على الأرض بأقل أهمية. ففي الصومال مثلاً، أحرزت الحكومة الاتحادية وقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال انتصارات مهمة ضد مقاتلي حركة الشباب فقطعت شوطاً واسعاً لإعادة السيطرة على المناطق التي ينشط فيها القراصنة«. وأشار إلى قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2182 »الذي يعزز من قدرتنا كمجتمع دولي على تقويض نفوذ حركة الشباب الإرهابية، لكن الدرب لا يزال طويلاً أمامنا.

وأكرر ما أكده معالي الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره لمجلس الأمن هذا الشهر. فمن الممكن أن تجد القرصنة طريق العودة إذا تناقصت جهودنا، حتى إننا بتنا نرى بعض الإشارات المقلقة بين الحين والآخر«. وتابع: »فلقد تقلصت أعداد القوات البحرية العاملة قبالة سواحل الصومال، وقلت أعداد الفرق المسلحة، وصارت السفن تبحر على مقربة من المناطق الخطرة، وكلها عوامل قد تغري القرصنة على العودة من جديد.

ولا بد لنا في هذا الصدد أن نحث أنفسنا على الاستمرار في تطبيق (مدونة جيبوتي) التي تعتبر الدافع الأول لتبادل المعلومات وبناء القدرات، وأن نتوخى الحذر. فهنالك مناطق أخرى باتت الآن في حالة تستدعي القلق، مثل خليج غينيا وإندونيسيا، ولا مكان لدينا لأي تهاون«.

وقال إن مؤتمرنا اليوم دليل فعلي على التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم الحلول للتحديات التي تفرضها القرصنة في جميع أنحاء العالم وإننا مستمرون في تعزيز جهود جميع شركائنا الدوليين والمحليين والاقليميين في مجال مكافحة القرصنة ولا شك أننا سنستمر في دعم حكومة الصومال في مسيرتها لتحقيق السلام والازدهار لدولتها ولمواطنيها.

خطر »داعش«

ونوه سموه بأن »علينا أيضاً أن نتوخى الحذر من التهديدات الجديدة المتمثلة بالمجموعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش وغيره من التنظيمات القادرة على تمتين علاقاتها مع شبكات الجريمة وشبكات المتاجرة بالأسلحة، إذ يجب أن نوقفهم قبل أن تصل أنشطتهم إلى البحر، وقبل أن تمثل مخاطرهم على أقنية النقل في مضيق هرمز والبحر الأحمر وخليج عدن«. وأضاف: »وعلينا الاستمرار في التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص للتصدي لمشكلة مجموعات الجريمة والتطرف العنيف والدول الضعيفة«.

مساهمات ورضا

وأفاد سموه أنه »لا يزال أمامنا الكثير من العمل والإنجاز، إذ علينا أن نستمر في ما نقدمه من إسهامات لبناء القدرات المؤهلة لمكافحة مخاطر القرصنة في الدول الواقعة على خطوط المواجهة، ولا سيما العمل على تعزيز مجالات تبادل المعلومات وتطبيق القانون والحوكمة، حتى تتمكن تلك الدول من الوقوف على قدميها والاعتماد على نفسها في مواجهة القرصنة.

ولا بد لنا أيضاً من اتخاذ خطوات لمعالجة الأسباب الكامنة وراء القرصنة، وهذا يعني ألا نكتفي بتطوير الحوكمة لتفكيك شبكات القرصنة في المناطق الخارجة عن القانون فحسب، بل أيضاً تعزيز الفرص الاقتصادية، وتقديم سبل عيش بديلة لمن يتم استدراجهم إلى اقتصاد القرصنة«. واستطرد: »واليوم، وبينما يملؤنا الرضا بما حققناه من إنجازات، علينا أن نسعى لمضاعفة جهودنا للتصدي للمهام التي لا تزال أمامنا.

وفي الختام نتمنى كل التوفيق للمشاركين والحاضرين معنا اليوم، آملين أن نحقق المزيد من الإنجازات في الأعوام المقبلة«.

 

.. وسموه يلتقي 5 وزراء مشاركين

التقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، عدداً من الوزراء المشاركين في مؤتمر مكافحة القرصنة البحرية الرابع الذي تنظمه كل من وزارة الخارجية وموانئ دبي العالمية في دبي ويختتم أعماله اليوم الخميس بعد أن افتتح أمس.

والتقى سموه، كلاً على حدة، وزير خارجية بنغلاديش أبوالحسن محمود علي، ووزير النقل والشؤون الداخلية في سيشل جويل مورغان، ووزير خارجية تنزانيا بيرنرد ممبي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالي عبدالرحمن دعالي بيله، ووزير الخارجية اليمني جمال عبدالله السلال.

وجرى خلال اللقاءات مع الوزراء الخمسة مناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة مع تلك الدول. كما تم خلال لقاءات سموه والمسؤولين المشاركين في المؤتمر بحث أبرز الموضوعات المدرجة على جدول أعمال المؤتمر والجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمكافحة ظاهرة القرصنة البحرية.

 

مؤتمر

يحضر المؤتمر الذي يستمر حتى اليوم الخميس نحو 600 مشارك، منهم مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، إلى جانب ممثلي قطاع النقل البحري من جميع أنحاء العالم وأكاديميين، للبحث عن حلول مستدامة في البحر وعلى البر لظاهرة القرصنة البحرية. وام

Email