تقسيم »الأقصى« ينذر بحرب دينية

قوات الاحتلال تستبيح المسجد الأقصى وقبة الصخرة يوميا أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلوح في الأفق حرب دينية يفجرها الاحتلال الإسرائيلي بقراره طرح مشروع قانون تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً للتصويت الشهر المقبل، تحت ذريعة «مساواة الحق» في العبادة للمسلمين واليهود بتخصيص مكان ومواعيد محدّدة لصلواتهم وشعائرهم إلى جانب حظر تنظيم المظاهرات والاحتجاجات الفلسطينية، الأمر الذي ينذر بمذبحة مرتقبة في المدينة المقدسة إذا ما صودق على مشروع القرار.

هدف بعيد

وحول المشروع الإسرائيلي المبيت للمسجد الأقصى، والذي يجري تنفيذه بالتدريج يوضح قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس د. محمود الهباش لـ«البيان» أن الهدف البعيد لإسرائيل هو الاستيلاء الكامل على المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، لأن الحلم الأسطوري للمستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين هو هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، وفي سبيل الوصول إلى هذا الهدف البعيد بدأوا بمحاولة تنفيذ ما يسمى التقسيم الزماني الذي يقضي بتحديد فترة زمانية يومية خاصة باليهود تغلق فيها جميع أبواب «الأقصى» أمام المسلمين واستباحة المسجد بشكل تام في الفترة الصباحية المقررة من الساعة 7 حتى 11 صباحاً من جانب المستوطنين، لفرض سيطرة يومية على «الأقصى».

ثلاث مراحل

أما التقسيم المكاني فيشير الهباش إلى أنه يعد الخطوة الثانية في المخطط الإسرائيلي وهي الاستيلاء على جزء من المسجد وفرض وجود يهودي عليه والاستئثار به، ومنع الفلسطينيين من دخوله نهائياً على مدى 24 ساعة يومياً، وتخصيصه لليهود، ولاحقاً يحاولون بالتدريج فرض سيطرة كاملة على المسجد الأقصى.

وينتهي المشروع الإسرائيلي في المرحلة الأخيرة التي يؤكد الهباش حلم إسرائيل بالوصول إليها بعد فرضهم السيطرة خلال فترة زمنية قصيرة، ثم فترة أطول، والاستيلاء على جزء من المسجد الأقصى بشكل دائم، ومواصلة الزحف وتوسيع رقعة المكان الذي سيطروا عليه، يصلون إلى الهدف البعيد بالاستيلاء على كامل المسجد وهدمه وبناء الهيكل مكانه .

وفي معرض تعليقه على هذا المخطط قال الهباش «هذه الخطة التي يريدون تنفيذها عبر طرحهم لمشروع التقسيم على الكنيست لإقراره، ونحن نعتبر مجرد طرح الفكرة هو إعلان حرب على الشعب الفلسطيني وتفجير لحرب دينية بيننا وبين الإسرائيليين يمكن أن تأكل الأخضر واليابس، وهذا يعد أخطر من كونه تفجيراً لساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما هو تفجير لحرب دينية تجتاح المنطقة بأسرها وليست الأراضي الفلسطينية فحسب، وفي هذه الحالة العالم كله سيدفع ثمن هذه الحرب وهذه المغامرة الحمقاء».

مخطط قديم

وفي ذات السياق أوضح الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية د. حنا عيسى لـ«البيان» أن إسرائيل منذ العام 1967 تعمل جاهدة من أجل تهويد المسجد الأقصى من خلال تقسيمه زمانيا ومكانيا على غرار الحرم الإبراهيمي الشريف.

مضيفا «يجري الآن تنفيذ مخطط صهيوني لإقامة مجسم للهيكل المزعوم أمام المصلى المرواني، وإسرائيل أعدت خطتها بهذا الاتجاه»، مشدداً على أن إسرائيل الآن استباحت المسجد الأقصى من خلال الإغلاق اليومي ومنع المصلين الفلسطينيين من الوصول إليه. وتابع «كل هذا يأتي في سياق مشروع القرار الذي سيقر في الكنيست الشهر المقبل، وعلى إثر ذلك سيقومون بتحديد الزمان والمكان لإقامة الصلوات التلمودية والتوراتية لليهود المتطرفين وهو ما كانوا يسعون إلى تحقيقه منذ العام 67».

أساطير تلمودية

وتطرق عيسى إلى البعد الديني لخطط الاحتلال من أجل السيطرة على المسجد الأقصى قائلاً «إسرائيل تعتبر أن المسجد الأقصى هو الهيكل الذي يزعم الصهاينة أنه كان قائماً في زمن سليمان قبل 1000 سنة قبل الميلاد وهي مملكة داوود وسليمان التي استمرت 73 سنة، ولكن العلماء الإسرائيليين أنفسهم قالوا إنهم لم يجدوا أي أثر يهودي في المنطقة، وهذا يفند الرواية الإسرائيلية، بالإضافة إلى أن إسرائيل بحسب التلمود – وهو ما لم يرد في التوراة – وإنما هي اجتهاد الحاخامات الإسرائيليين ولا يؤخذ بها، تعتبر أن مكان المسجد الأقصى هو الهيكل الثالث المزعوم».

التصويت

وأعرب عيسى عن اعتقاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لن يجرؤ على طرح مشروع تقسيم المسجد الأقصى على الكنيست الشهر المقبل لأن إقرار مثل هذا المشروع يعني إشعال حرب دينية، مؤكداً أن نتانياهو بإعلانه عن نيته طرح المشروع يغازل المستوطنين المتطرفين والحاخامات اليهودية والأحزاب الدينية والحركات والجمعيات الإسرائيلية المتطرفة لكسب أصواتهم الانتخابية في الربيع المقبل».

جهود أردنية

أكد السفير الأردني في فلسطين خالد الشوابكة، أن الملك عبد الله الثاني يقوم بجهود حثيثة عربية ودولية لوقف تمرير قانون تقسيم المسجد الأقصى، مشدداً على أن المسجد الأقصى والقدس خط أحمر، وما يحدث في القدس ليس مقبولاً.

وقال الشوابكة إن الملك عبد الله الثاني وجه الحكومة للتحرك على جميع الصعد القانونية والسياسية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، حيث قام وزير الخارجية الأردني بإرسال رسائل إلى وزراء الخارجية الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة، لوقف الاعتداءات الممنهجة على «الأقصى» والمصلين وترهيب موظفي الأوقاف الأردنيين.

Email