التنظيم يخطط لتطويق الجزيرة تمهيداً للسيطرة على حقولها

»داعش« والكرد.. صراع ثنائية النفط والوجود

صهريج لنقل النفط الذي يبيعه تنظيم داعش لرجال أعمال أكراد في شمالي العراق أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

"جرافيك"

تنشطر مادة النفط والغاز المنتشرة في شمال شرقي سوريا مناصفة اليوم بين نفوذ تنظيم داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب، ليتعمق هذا الانقسام المناطقي المرتبط بالسيطرة النفطية، على شكل معارك طاحنة تدار تحت مسميات الإيديولوجية الدينية والعلمانية والمرتبطة بشكل واضح مع خطوط إنتاج الطاقة.

وتنظيم داعش، الذي يصل إجمالي ناتجه المالي من مخزون النفط إلى مليار و300 مليون دولار حسب الأرقام المتداولة، بات من المشكوك فيه أن يحافظ على عائدات هذا القطاع الاستراتيجي عقب ضربات التحالف، وهو ما قد يحد من قدراته وأحلامه التوسعية، ويضعه في حالة من الضيق ما لم ينجح في إيجاد المخارج الإسعافية البديلة.

خيار وحيد

وتبدو المناطق الكردية في شمال شرقي البلاد وخاصة منطقة الجزيرة، التي تحتوي على النصف الباقي من حجم الطاقة في البلاد بمثابة الخيار الوحيد الذي يلوح في الأفق أمام تنظيم »البغدادي« لتجنب سيناريو الموت السريري. غير أن طبيعة المعارك الدائرة بين الطرفين في الآونة الأخيرة لا سيما في محيط محافظة الحسكة، أثبتت أن مهمة »داعش« تبدو عسيرة للغاية بسبب ترجيح النتائج الميدانية لصالح القوات الكردية. في ضوء هذا الأمر، وبطريقة غير متوقعة، وضع »داعش« كل ثقله العسكري والتقني منذ شهر تقريباً في اختراق مدينة عين العرب، والتي لا تحمل أبعاداً اقتصادية مغرية، في محاولة منه لخلط الأوراق على الاستراتيجية الكردية الدفاعية.

اختلاط المسببات

وفي الحقيقة، اختلطت المسببات المباشرة على الخبراء حول الأهداف التي سيجنيها تنظيم داعش من وراء هذا الهجوم الذي يكلفه يومياً خسائر باهظة جراء تمحور وتيرة ضربات التحالف على نقاط تمركزه داخل المدينة ومحيطها من جهة، ونجاح قوات وحدات حماية الشعب في الوقوف بوجهه إلى هذه اللحظة من جهة أخرى، في الوقت الذي كثفت الغارات اليومية على مواقع إنتاج النفط والغاز في المناطق المتفرقة التي تشكل اللبنة الرئيسية في تمويل عملياته المسلحة.

وتبدو الرواية الأكثر واقعية لفهم دوافع تمركز داعش صوب مدينة عين العرب دون غيرها من المدن الكردية، أن أحد أسبابها الرئيسية الهيمنة على المصادر النفطية في منطقة الجزيرة السورية على المدى البعيد، ومن أجل تحقيق هذا المبتغى الحيوي، راهن »التنظيم« حسبما تقول مصادر مقربة منه على أن مسار كسر القوة العسكرية الكردية يبدأ من ضرب مدينة عين العرب وفصلها عن منطقة الجزيرة، كونها المنطقة الأكثر رخاوة وهشاشة كما كان يعتقد.

تطويق الجزيرة

ووفق هذا المنحى ستتيح السيطرة على عين العرب للتنظيم تطويق منطقة الجزيرة وتشديد الخناق عليها من المحاور المتعددة، خاصة أن التنظيم يدرك أن جميع المواقع النفطية الواقعة تحت نفوذه في الرقة ودير الزور والحسكة ستطالها ضربات التحالف التي جمعت معلومات دقيقة ومحكمة عن مصادر انتشارها وسبل توزيعها، حيث شيدت وفق ذلك خططاً استراتيجية تحدد مسار الضربات الجوية المراد منها شل قدراته وتجفيف منابعه المالية الذاتية.

وعليه، تبدو السيطرة على الجزيرة من بوابة عين العرب، خياراً واقعياً ينسجم مع تحركات »داعش« الأخيرة لتعويض ما يخسره من المحزون النفطي في المناطق الجديدة، حيث يقدر بعض الخبراء عدد الآبار النفطية التابعة لحقول رميلان في الجزيرة بقرابة 1322 بئراً، إضافة إلى وجود قرابة 25 بئراً من الغاز في حقل السويدية بالقرب من حقل رميلان، فضلاً على أن هذه المناطق المحاذية للحدود التركية ستوفر له في فتح القنوات التسويقية لتصدير النفط الخام إلى تركيا عبر شبكة من المهربين.

خسائر كبيرة

غير أن المعلومات الميدانية الواردة من ساحة القتال داخل عين العرب لا تبشر بتحقيق رغبات تنظيم البغدادي بسبب الخسائر الكبيرة التي مني بها معطوفاً عليها، فشل التنظيم في شق ثغرات محورية في جبهة الجزيرة بسبب اصطدامه بالترسانة العسكرية والبشرية العائدة لوحدات حماية الشعب.

فالقوات الكردية التي تسيطر على كامل حقول رميلان في أقصى شمال شرق إن كانت تستفيد حالياً من عائدات الطاقة التي تعاني شحاً في الإنتاج بسبب هجرة الشركات الأجنبية النافذة، إلا أنه لا تعتبرها نقطة الارتكاز الحيوي من أجل تعزيز قدراتها المالية والسياسية الذاتية بعيدة عن دمشق، حيث سبق أن ربط سيطرة وحدات حماية الشعب على حقول لنفط من بوابة الحفاظ على القدرات النفطية للبلاد في وجه داعش، وقد تعهدت القيادات السياسية والعسكرية عبر تصريحات عديدة بضرورة إحالة صلاحيات هذا الملف إلى أي جسم سياسي توافقي قد ينتج من الصراع السوري.

 

صراع وجود

الصراع مع داعش وفق ما يؤكده الجانب الكردي قد دخل إلى عتبة الوجود التاريخي لهذا المكون ولم يعد محصوراً في التناحر على العائدات النفطية التي تسيل لعاب داعش، إذ أشار رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم في أحد تصريحاته الإعلامية من أربيل عاصمة إقليم كردستان إلى أن استراتيجية داعش انحصرت في إبادة الكرد، الأمر الذي يكشف زاوية مقارعة أكراد سوريا ضد داعش. البيان

Email