تقارير «البيان»

غزة مُرشحة لحرب استنزاف

سويسريون يتظاهرون في زيوريخ دعماً للقطاع المنكوب رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

في البيان الذي ألقاه وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمام الصحافيين في مبنى وزارة الخارجية، قدّم كيري صورة تفيد بأن حرب غزة والمساعي لوقفها في مأزق. المطالب والشروط المتقابلة استعصت على التوفيق بينها. مع ذلك سيتابع الجهود في هذا الخصوص. ترجمة ذلك: أن الطريق غير سالكة الآن في هذا الاتجاه وحتى إشعار آخر.

العقبة الأساسية، على ما بدا من كلامه، تتمثل في «تجريد حماس من السلاح». هذا بيت القصيد الذي حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد الماضي تسويقه في مقابلاته مع شبكات التلفزة الأميركية الخمس، من خلال التركيز على قضية «الأنفاق ومنصات صواريخ «حماس».

بذلك تبدو أفاق الوضع وكأنها باتت محكومة بالقفز بين الساخن والفاتر، تقطع بينهما فواصل على شكل وقف نار مؤقت لاعتبارات «إنسانية». وكأن هذه الاعتبارات يصح تجاهلها في أوقات صبّ النار فوق رؤوس المدنيين بذريعة الأنفاق والصواريخ ومخازن السلاح. بعبارة أخرى، تبدو المواجهة وكأنها بدأت تتحوّل إلى ما يشبه حرب استنزاف. ولا يستبعد البعض في واشنطن أن تنتهي الأمور إلى شكل من أشكال احتلال غزة من جديد.

لا منتصر

أجواء واشنطن مضطربة. «فلا منتصر حتى الآن». يعني أن إسرائيل لم تقو حتى الآن على تحقيق أغراضها العسكرية. هناك قلق من تعثر وكلفة عملياتها ووصول صواريخ غزة إلى تخوم مطار بن غوريون. ويزيد من القلق استمرار تدفق صور مجازر القصف الإسرائيلي على الشاشة الصغيرة، خاصة مشاهد الأطفال والنساء التي تركت وقعها الملموس وهزت صورة إسرائيل. ويتجلى التخوف من هذه الناحية في حملات الرد التي يقوم بها أنصار إسرائيل على كافة الجبهات، في الكونغرس وبعض الإعلام والشبكات التي يرعاها ويوجهها اللوبي الإسرائيلي الذي يلجأ إلى مختلف الأساليب للتخفيف من هذا الوقع، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي.

وبموازاته يواصل المتشددون في واشنطن خطابهم المحرّض على استمرار الانقضاض العسكري الإسرائيلي بل تعنيفه، «لتدمير حماس» على ما يقول آموس يادلين مدير الاستخبارات الإسرائيلية السابق في مقالته المنشورة في «نيويورك تايمز».

خطاب تشارك فيه رموز المحافظين في الحقلين السياسي والإعلامي، لكنه ليس الخطاب الطاغي ولو أن مسحة التعاطف مع إسرائيل لا تخفى إجمالاً، في التغطية والردود الأميركية. بل ثمة من حذر من أن هذه المواجهة ليس لها مخرج عسكري.

حديث التوتر

إدارة أوباما شاركت بداية في هذا التحذير. ثم وافقت على العملية العسكرية الإسرائيلية. عملت من خلالها على تسويق شروط حكومة نتانياهو. مع كل ذلك، تتهم جماعات إسرائيل في واشنطن بأن كيري «منحاز » ضد إسرائيل!.

فالحديث في واشنطن عن «التوتر» بين الإدارة ونتانياهو، ما عاد سرّاً. بدايته كانت في مشروع كيري المستند على المبادرة المصرية بوقف النار لأسبوع.

التهمة الإسرائيلية أنه «أخذ ببعض مطالب حماس». الحقيقة أن النقمة عليه تعود إلى وضع تصور تعود معه غزة إلى حضن السلطة الفلسطينية وبالتالي توضع قواتها تحت سيطرة حكومة الائتلاف التي تشكلت مؤخراً.

ومن هذا المدخل يتحقق نزع سلاحها. ما لا تطيقه إسرائيل هو وحدة الضفة وغزة. ومن هنا نفور حكومة نتانياهو من كيري.

وهو موقف أثار خلافات في صفوف اليهود الأميركيين الذين وقف بعضهم، مثل مارتن انديك المبعوث الأميركي إلى المفاوضات التي انتهت في ابريل الماضي، ضدّ التهويش الإسرائيلي على كيري.

وكان قرار مصلحة الطيران المدني الأميركي وتجديده بمنع الطائرات الأميركية من الهبوط في مطار إسرائيل الدولي عزّز التوتر. قيل بإيحاءات إسرائيلية أنه كان قراراً مسيساً. الإدارة نفت بقوة.

«الواضح أن الإدارة ونتانياهو ليسا في نفس الصفحة . حصلت احتكاكات ولو بسيطة بينهما»، على ما يقول النائب الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي.

 التأزم بينهما حديث واشنطن الذي يفيد بأن الوضع متروك للميدان ولغاية أن تنفتح كوّة في جداره تسمح بالعودة إلى المخارج المطروحة.

نزع سلاح

أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل يومين أن جميع الجهود الدولية الرامية إلى عقد هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، يجب أن تقود إلى نزع سلاح الحركة.

وفي تصريح صحافي أدلى به في واشنطن بعد فشل محاولته بوقف إطلاق النار، قال كيري إن «أي عملية تهدف إلى إيجاد حل راسخ وجدي لأزمة غزة ينبغي أن تقود إلى نزع سلاح حماس وجميع الجماعات الإرهابية»، على حد قوله.

Email