آلاف الشهداء والجرحى يدفعون ثمن خسائره السياسية المتتالية

الحرب على غزة.. معركة نتانياهو من أجل البقاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرب إسرائيلية مسعورة على قطاع غزة، حشدت لها حكومة الاحتلال عشرات آلاف الجنود الإسرائيليين، وبكلفة ملايين الدولارات، لأهداف عدة، منها ما هو معلن ومنها ما هو طي تحليلات المراقبين للصراع العربي الإسرائيلي، ولكنها تتمحور جميعها في خوض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو معركة للبقاء، كبش فدائها غزة.

آلاف الشهداء والجرحى، وآلاف البيوت هدمت على رؤوس ساكنيها، واقترب عدد النازحين من المئة ألف، بعضهم هُجر للمرة الرابعة في أراضيه، ذائقاً ويلات النكبة وثلاث حروب على غزة.

بالمقابل، دكّت المقاومة العمق الإسرائيلي بمئات الصواريخ، التي وصل بعضها إلى مناطق ظن الإسرائيليون أنها محظورة على سلاح المقاومة، مع محاولات متكررة لإعلان حصيلة متواضعة عن القتلى.

أهداف سياسية

بنيامين نتانياهو، وكما بدا جلياً قبل إعطائه أوامر بشن عدوان على قطاع غزة، ظاهره القضاء على حركة »حماس«، بدأ يتعلق بأي قشة تنقذه من التفكك داخل ائتلافه الحاكم، لاسيما بعد إعلان وزير الخارجية رئيس حزب »إسرائيل بيتنا« أفيغدور ليبرمان فك شراكته مع حزب »الليكود«، وتنتشله كذلك من الحرج أمام المجتمعين الإسرائيلي والدولي.

وبالفعل، وسّعت صواريخ المقاومة والهجمات اليومية الدموية على غزة دائرة الالتفاف حول نتانياهو سياسياً وشعبياً، حتى من قبل المعارضين في اليمين الإسرائيلي. كما حرص نتانياهو خلال ذلك على إبقاء قنوات اتصال مفتوحة مع قادة وزعماء العالم، لإقناعهم بتبني الرواية الإسرائيلية عما يجري.

توسيع أو تحديد عمليات

ويرى محللون أن تل أبيب غيّرت أجندتها العسكرية حيال الحرب على غزة، أو ربما باتت تفصح عن خفاياها، بإعلانها أن هدف عملياتها القضاء تماماً على حكم »حماس« في القطاع، وليس تقويض قدرتها العسكرية كما كان معلناً من قبل.

وتحقيقاً لذلك، يوسع جيش الاحتلال عدوانه على غزة، بشكل أكثر دموية، وأطول أمداً، بما يضعف أو ينهي حكم »حماس«.

بالمقابل، يرى آخرون أن سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها الاحتلال في القطاع، والدفع بآلاف الجنود إلى حرب موسعة غير معلنة الأهداف، يعكسان تخبطاً سياسياً في إسرائيل، حيث لم يعد نتانياهو قادراً على تبرير سفك دماء الفلسطينيين الأبرياء للعالم.

وبغض النظر إن قرر الاحتلال توسيع عدوانه على قطاع غزة، أو حصره في عمليات عسكرية محدودة، فإن اللافت أن دماء مئات الشهداء، وعدد كبير منهم من الأطفال والنساء، لم تحرك مشاعر أو أخلاقيات أو حتى مصالح العالم لتدخل حقيقي يجبر إسرائيل على وقف مجازرها البشعة في غزة.

مقاومة نوعية

وتأتي عملية أسر المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، وقتل العشرات من جنود الاحتلال في عمليات نوعية، منهم ضباط من النخبة في لواء غولاني، رغم عدم اعتراف إسرائيل بذلك، لتضيف وقوداً جديداً على حرب غزة المستعرة، وسط حراك دولي فاق المألوف ليس لإنقاذ أهالي القطاع المنكوب، وإنما لإنقاذ ماء وجه نتانياهو أملاً في التوصل لاتفاق يحرر آرون من الأسر، أو معلومات تنفي صحة عملية أسره، أو خوض عملية عسكرية مختلفة الأبعاد للبحث عنه، رغم أن تجربة الاحتلال السابقة مع سلفه جلعاد شاليط أثبتت قدرة المقاومة الفائقة على إخفاء أسيرها، حتى وإن كانت تحت قنابل الفسفور لأيام ممتدة.

 اعتراف بالفشل

 

اعترف خبراء أمنيون ومحللون إسرائيليون بفشل الهجوم البري على قطاع غزة في تحقيق الهدف الذي أعلنت عنه حكومة الاحتلال، وهو تدمير الأنفاق، لاسيما في ظل الهجمات النوعية التي تشنها المقاومة الفلسطينية خلف خطوط الاحتلال، إلى جانب صد محاولات تقدم الجيش الإسرائيلي برياً شمال غزة. ورغم إنفاق تل أبيب ملايين الدولارات، وجذب عشرات الشركات والمهندسين المتخصصين في القضاء على الأنفاق، واستخدام العديد من الوسائل مثل إغراق الأراضي، ولكنها لم تنجح، ولا يوجد أمامها حل سوى توفير معلومات دقيقة عن أماكن وجود تلك الأنفاق، وذلك بحسب قائد لواء غزة في جيش الاحتلال سابقاً غيورا غبر.

Email