غموض يحيط مصير السجينات السوريات ضمن صفقة المخطوفين

احتفاء لبناني بـ «محرري» أعزاز ورسائل شكر لقطر وتركيا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

احتفى لبنان رسمياً وشعبياً أمس بعودة اللبنانيين التسعة بعد رحلة خطف طويلة، دامت 17 شهراً من قبل الجيش الحر، وانتهت بصفقة تقاطعت فيها جهود عدة دول إقليمية، كان أبرزها لدولة قطر التي انهالت عليها عبارات «شكراً قطر» من معظم التيارات السياسية اللبنانية.

وفيما عاد الطياران التركيان إلى إسطنبول ضمن الصفقة، لا يزال الغموض يكتنف مصير أكثر من مئة معتقلة سورية في سجون النظام السوري، حيث إن الإفراج عنهن مدرج ضمن صفقة مخطوفي أعزاز.

وبعد طول انتظار، دام 534 يوماً منذ اختطافهم في 22 مايو من العام الماضي، وإثر فشل وساطات عدّة حيال احتجازهم قسرياً، احتفى لبنان بانتهاء مأساة المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز السورية، إثر صفقة رباعيّة الأطراف، متابعة قطريّة واتصالات فلسطينية، ومساهمة تركية وتجاوب سوري عالي المستوى، وبوساطة لبنانية بالإفراج عنهم، الأمر الذي لقي ترحيباً لبنانياً شاملاً.

شكراً قطر

وأعاد هذا الملف عبارة «شكراً قطر» إلى دائرة التداول السياسي اللبناني، بعدما ردّدها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، شاكراً المساعي والجهود القطرية التي بذلت في هذا الشأن.

وبحسب ما أعلن، شارك في الجهود لإنجاح الصفقة كل من: إيران في اتصالاتها مع النظام السوري لتلبّي طلب الخاطفين، إضافة إلى جهود تركيا وقطر ودور الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اتصالاته مع الجانبين السوري والقطري، فيما مثل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الجانب اللبناني في المفاوضات، بمتابعة من رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وحزب الله ووزير الداخلية مروان شربل.

وخصّ الرئيس اللبناني أمير قطر بالشكر على جهوده التي أدّت إلى الإفراج عن مخطوفي أعزاز، ووجّه رئيس مجلس النواب الشكر الخالص لدولة قطر وللرئيس الفلسطيني، ولتركيا التي تجاوبت مع الجهود المبذولة وأسهمت بإخراج المخطوفين إلى مناطقها الآمنة وعودتهم.

وفيما هنّأ كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة المكلّف تمام سلام أهالي المخطوفين، أمل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بأن تشكّل هذه العملية خطوة على طريق إنهاء معاناة الكثير من الأسرى والمخطوفين والمحاصرين، منوّهاً بــ«الجهود النبيلة لقطر وتركيا، والإدارة المسؤولة للّواء إبراهيم في هذا الشأن».

3 تساؤلات

إلا أن إنهاء هذا الملف، بعد عام ونصف من عملية الخطف، خلّف لدى المراقبين سلسلة تساؤلات تقسم إلى ثلاثة محاور: الأول، الدور القطري ودلالات حراك الدوحة لحلحلة ملف عالق منذ أشهر طويلة، وسبب الضغط القطري في اتجاه الحلحلة، بعدما كانت الدوحة بالمقلب الآخر من الأزمة السورية.

الثاني، مرتبط بالأداء التركي وسبب التجاوب بعد عام ونصف، بعدما كان الأهالي وجّهوا طوال هذه الفترة أصابع الاتهام بالتعطيل إلى حكومة رجب طيب أردوغان حتى بلغ الأمر حدّ الخطف المتبادل من خلال الطيّارَين التركيين.

أما المحور الثالث، فعن مغزى إطالة مدة الخطف والقرار بإطلاقهم أول من أمس، على رغم أن الخاطفين أنفسهم، ومن خلفهم، أدركوا منذ اللحظة الأولى أن استعمال هذه الورقة للضغط على حزب الله وعلى بيئته لا يمكن صرفها، بحسب قول مصدر سياسي معني لـ«البيان»، والدليل أن الإفراج تمّ ولا ثمن سياسياً دفعه الحزب، وفق رأيه.

طياران تركيان

في سياق الصفقة، وصل طياران تركيان، كانا مخطوفين في لبنان منذ قرابة ثلاثة شهور، إلى تركيا، بعدما أفرج عنهما خاطفوهما. وأفادت وكالة أنباء الأناضول التركية عن وصول الطيارين مراد أكبينار ومراد أكجا إلى الأراضي التركية، ونقلت عن أحدهما قوله إنهما لم يفقدا الأمل يوماً طوال فترة اختطافهما. وكان في استقبالهما رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وعائلاتهما، إضافة إلى عدد من المسؤولين الأتراك والإعلاميين.

وقال أكبينار: «كنا واثقين بأن حكومتنا تدعمنا ولن تتخلى عنا وتتركنا هناك». وأشار إلى أن الحكومة التركية حلت المسألة عبر الوسائل الدبلوماسية، بدلاً من العمليات الأمنية التي كانت ستخلف مئات القتلى.

وأقر بأن الشهور الأولى من الاختطاف كانت صعبة، لكنه أكد أن الخاطفين لم يعاملوهما بشكل سيئ وإنما احتجزوهما داخل غرفة. وأعلنت مجموعة تطلق عليها سام «زوار الإمام الرضا» مسؤوليتها عن الاختطاف، مؤكدة أنها ستطلق سراحهما عند إطلاق اللبنانيين التسعة.

المعتقلات السوريات

في الأثناء، يحيط الغموض بمصير عشرات السجينات السوريات اللواتي كان يفترض إطلاقهن أول من أمس في إطار صفقة الإفراج عن تسعة لبنانيين، وسط صمت سوري رسمي حول الموضوع.

وكان مسؤولون لبنانيون كرروا مراراً طيلة يومين شكرهم للسلطات السورية للتجاوب مع طلب لبناني بإطلاق نساء معتقلات في سجونها، وردت أسماؤهن في لائحة سلمها خاطفو اللبنانيين إلى الوسطاء في الملف، وتضاربت الأرقام حول أعدادهن وتراوحت بين مئة ومئتين.

وتحدثت مصادر مطلعة على ملف التفاوض، عن وجوب حصول «تزامن» بين انطلاق الطائرة التي تقل اللبنانيين المفرج عنهم من اسطنبول متجهة إلى بيروت، وانطلاق طائرة أخرى تقل المعتقلات من مطار دمشق إلى تركيا، بعد أن اشترط الخاطفون المنتمون إلى «لواء عاصفة الشمال» الذي يقاتل النظام، عدم حصول عملية الافراج على الأراضي السورية.

ويرد أي تأكيد حول الإفراج عنهن. واكتفى المسؤولون اللبنانيون بجواب موحد حول السؤال عن هذا الموضوع، وهو «يفترض انهن اطلقن وغادرن سوريا»، مسرفين في الإشادة بتعاون الرئيس بشار الأسد في هذا الملف.

ونفى الناشطون السوريون رداً على أسئلة وكالة «فرانس برس» معرفتهم بأي شيء عن هذا الموضوع.

 تشكيل الحكومة

 بعد طيّ ملف المخطوفين، وفي انتظار ظهور الإجابات تباعاً، عما تغيّر في تحوّلات المشهد الإقليمي وتبدّلاته، يُنتظر أن تتجدّد الاتصالات، الأسبوع الجاري، نحو حكومة قبل عيد الاستقلال (22 نوفمبر)، وبعدها الشروع في الحوار الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن ما حصل أول من أمس في قضية المخطوفين لم يبدّل من مشهد تمترس كل فريق وراء مطالبه التي لا تلتقي إطلاقاً مع مطالب الفريق الآخر. وبين المشهدين، وبحسب محافل سياسية، فإن المسألة لا تزال طويلة الأمد، وستستمرّ إلى ولوج انفراجات سعودية- أميركية، وظهور نتائج المحاكاة الأميركية- الإيرانية.

Email