كتاب ـ أسرار المخابرات السوفييتية في أمريكا ـ الحلقة السادسة ـ إدارة في المخابرات البريطانية تتجسس على واشنطن، القاهرة تتحول إلى ساحة لحركة اليوغسلاف بتوجيه أمريكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الظروف العادية يتمثل أصعب الأهداف بالنسبة لأي إدارة مخابرات في اختراق إدارة المخابرات المنافسة في دولة أخرى، تلك قاعدة عامة باستثناء الحد الأعلى لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهو مكتب الخدمات الاستراتيجية، الذي كان يدير أنشطة المخابرات الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد أنشئ هذا المكتب في 11 يوليو 1941 عندما قرر الرئيس روزفلت تعيين وليام دونوفان منسقاً للمعلومات، وكان ذلك أول محاولة لتكوين مخابرات مركزية، ولكنها كانت تفتقر إلى الخبرة وتعاني من عدم القدرة على فهم النوايا السوفييتية. تكشف وثائق برنامج فينونا كيف استطاعت المخابرات الخارجية السوفييتية اختراق مكتب الخدمات الاستراتيجية بسهولة، ولم تكن الولايات المتحدة قد دخلت الحرب بعد عندما كلف دونوفان بمهامه المتمثلة في جمع المعلومات للرئيس الأمريكي، وفي إسقاط الأشخاص خلف خطوط العدو في حالة الحرب لجمع المعلومات والقيام بأعمال تخريبية وكان دونوفان معروفاً باسم «بيل المتوحش» نظراً لاشتراكه في معارك الحرب العالمية الأولى ومنحه وسام الشرف، وقبل أن يستطيع جواسيس مكتب الخدمات الاستراتيجية نشر الدمار داخل دولة الرايخ الثالث خلال الحرب العالمية الثانية، كان لابد من تحويل المكتب إلى ادارة ذات مستوى عالمي بحيث يستطيع جمع المعلومات وتفسيرها في جميع مراحل الحرب العسكرية والاقتصادية والسياسية. وقد وافق دونوفان وكبار مساعديه على ذلك مثل رئيس محطة لندن دافيد بروس والجاسوس الرئيسي المقيم في سويسرا آلان دالاس، واتفق الجميع على التعامل حتى مع الشيطان لكي يصبح المكتب مصدراً رئيسياً للرئيس روزفلت في التخطيط الاستراتيجي ولكن المخابرات العسكرية التابعة لادارة الحرب كانت تكره تلك الفكرة، غير ان مكتب الخدمات الاستراتيجية ظل ينمو على الرغم من جميع الخطط الأصلية الخاصة به. وحتى قبل إرسال عملاء المكتب لأول مرة ليتلقوا التدريب على يد الكوماندوز البريطانية في معسكر سري أقيم على عجل في كندا لجأ دونوفان إلى توظيف أفضل العقول من الجامعات الأمريكية وأذكاها ومن مجتمع المهاجرين الكبير من المثقفين الأوروبيين الذين هربوا من بطش هتلر، ولم يكن يهتم بأن بعض من وظفهم في قسم البحوث والتحليل التابع للمكتب من اليساريين، كما ان جانباً كبيراً منهم كانوا بالفعل أعضاء في الحزب الشيوعي في بلادهم الأصلية، ومع وجود أوربيين لا يخفون مشاعرهم اليسارية، في مناصب عليا داخل مكتب الخدمات الاستراتيجية أصبح من السهل على الشيوعيين الامريكيين ـ مثل رئيس خبراء التحليل موريس هالبرين الأمريكي اللاتيني ـ الاستمرار في التغطية، تحت ستار أنهم معادون للفاشية، بينما أخذوا يجمعون الأسرار لصالح الاتحاد السوفييتي. اختراق مكتب الخدمات في نوفمبر 1941 قرر وليام دونوفان ان من المفيد وجود رجال ممن تلقوا تدريباً عسكرياً للقيام بعمليات خلف خطوط العدو في الحرب التي كان يعلم أنها لن تلبث ان تنشب قريبا، وأدى بحثه عن مثل هؤلاء الرجال إلى فتح الباب للتسلل الشيوعي، وكان مئات من الشيوعيين الأمريكيين قد عادوا من الحرب الأهلية الاسبانية بخبراتهم العسكرية ذلك لأن الحزب الشيوعي كان قد أرسل عدداً من أعضائه ومن أعضاء رابطة الشباب الشيوعية إلى اسبانيا، وبلغت نسبتهم 60% من نحو ثلاثة آلاف أمريكي أرسلوا إلى اسبانيا. واتصل دونوفان بشخص يدعى ميلت وولف قائد جنود لواء ابراهام لنكولن وطلب منه قائمة بالرجال المتوفرين، وكان ذلك في نوفمبر 1941، عندما تغير موقف الشيوعيين من النازية، نتيجة قيام هتلر بالهجوم على الاتحاد السوفييتي وخرج ميلت وولف عن انعزاليته ورفضه لدخول أمريكا الحرب، وكتب رسالة إلى محاربي لواء ابراهام لنكولن طالب فيها بقيام الولايات المتحدة بفتح جبهة غربية في أوروبا على الرغم من أن واشنطن لم تكن قد ذهبت إلى الحرب فعلاً. وأخطر وولف شخصا يدعى يوجين دنيس بطلب دونوفان، وكان دنيس عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي وقد عاد لتوه من موسكو ومنح وولف تصريحاً غير نهائي ولكنه طلب تفويضا من موسكو وفي الوقت نفسه ساعد على ايجاد صلة بين وولف والكولونيل البريطاني بيلي المسئول عن تجنيد رجال لمدرسة التدريب البريطانية في المعسكر السري في كندا، الذي عرف باسم معسكر «إكس» وقدم وولف لأول مرة عدداً من محاربي الحرب الأهلية الاسبانية غير الأمريكيين ضم اثني عشر يوغسلافيا وثلاثة تشيكيين وإيطالياً واحداً، وبعد ان دخلت أمريكا الحرب أضاف وولف عشرة أمريكيين ويونانيا واحداً وثلاثة يوغسلافيين. وفي نهايات ديسمبر 1941 كلف الحزب الشيوعي الأمريكي رسمياً يوجين دينس بإقامة صلات مع المخابرات الأمريكية، واستخدم دنيس صلته بالمخابرات الخارجية السوفييتية للسؤال عما إذا كان مسموحاً بنشاط وولف من جانب موسكو، وبعد وقت قصير تحدث دونوفان مباشرة إلى دينس، وطلب منه تعيين وسيط مع المنظمة السرية للحزب الشيوعي في فرنسا، ولكن رئاسة المخابرات الخارجية في موسكو رفضت ذلك، خوفاً من تمكن المخابرات الخارجية في موسكو رفضت ذلك، خوفاً من تمكن المخابرات الأمريكية والبريطانية من اختراق شبكتها في أمريكا عن طريق المحاربين الذين قدمتهم للمعسكر السري «إكس» في كندا، واصلت تحذير الأحزاب الشيوعية في إيطاليا واسبانيا وأمريكا وكندا. وأخبر دينس الرئاسة في موسكو بالموافقة على تجميد نشاط وولف ولكنه اقترح السماح بانضمام عناصر إلى مكتب الخدمات الاستراتيجية بشكل فردي، وكان وولف في السادسة والعشرين من عمره عام 1941، وكان عضواً في رابطة الشباب الشيوعي قبل ذهابه إلى اسبانيا، وهناك انضم إلى الحزب الشيوعي الاسباني ثم إلى الحزب الشيوعي الأمريكي عند عودته إلى الولايات المتحدة. وبعد إغلاق مشروع مكتب الخدمات الاستراتيجية جند وولف في الجيش الأمريكي في يونيو 1942 وكلف بالعمل في ذلك المكتب. وفي ذلك الشهر منح رتبة ملازم ثان، وكما اقترح دنيس انضم عدد من الشيوعيين كأفراد إلى مكتب الخدمات الاستراتيجية. وقد كشفت احدى وثائق برنامج فينونا من خلال رسالة في أغسطس 1941 عن أن عميلاً لموسكو اسمه فوتشينتش قدم لأحد عملاء المخابرات العسكرية السوفييتية معلومات من مكتب الخدمات الاستراتيجية الأمريكي مفادها ما يلي: أ ـ تستعد الحكومة اليوغسلافية للتحرك إلى القاهرة، ومن ثم فإنهم يخططون للذهاب إلى يوغسلافيا مع قوات الحلفاء، وكذلك فإن جماعة كبيرة من الرجعيين اليوغسلاف من الولايات المتحدة، تستعد للسفر إلى المكان نفسه، وخاصة عدد كبير من أعضاء نادي «الضباط الملكيين» وجميعهم معادون لحركة الأنصار في يوغسلافيا. ب ـ توجد في القاهرة أيضا وحدات عسكرية تشكلت من أسرى الحرب اليوغسلاف الذين أفرج عنهم الحلفاء في أفريقيا، وهذه الوحدات خاضعة لإشراف القيادة الأمريكية. كذلك كشفت رسالة من أحد العملاء السوفييت إلى المخابرات الخارجية السوفييتية عن أسماء عدد من الجواسيس، وقد تمكن خبراء الشيفرة في برنامج فينونا من فك رموز الرسالة، وكان من بين الأسماء التي وردت فيها تشير إلى عميل يعمل في مكتب الخدمات الاستراتيجية في قسم التصوير اسمه الحركي «كوليجا» ولكن خبراء الشفرة لم يستطعوا معرفة اسمه الحقيقي، وقد عرف فيما بعد أنه منتج الأفلام كارل مارزاني الذي أصبح ناشراً فيما بعد ذلك. وقد أدين بعد الحرب بتهمة اخفاء عضويته في الحزب الشيوعي عند توظيفه في الحكومة، وقضي الفترة ما بين عامي 1949 و 1951 في إصلاحية فيدرالية. وقد افتضح أمر مارزاني في عام 1994 كجاسوس للمخابرات السوفييتية المعروفة باسم «كي. جي. بي» على يد جنرال متقاعد من تلك المخابرات اسمه أوليج كالوجين كتب سيرته الذاتية، وذكر فيها ان كارل مارزاني تلقى أموالاً من المخابرات السوفييتية في أوائل الستينيات لتمويل دار النشر التي يمتلكها والمسماة مارزاني ومونسيل. أشباح بريطانية في أمريكا يتناول المؤلفان جانباً خفياً من نشاط المخابرات البريطانية داخل الولايات المتحدة نفسها، وما أثاره ذلك من خلاف بين المسئولين عن الجاسوسية من الطرفين، وكانت بريطانيا قبل دخول أمريكا الحرب، قد شكلت قسما خاصا للمخابرات عرف باسم الادارة البريطانية للتنسيق الأمني، وكلفت تلك الادارة في البداية بشن حملة دعاية لهزيمة التيار الانعزالي لدى الرأي العام الأمريكي. وبعد الهجوم الياباني على بيرل هاربور عمل عملاء الادارة مع مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكية في نصف الكرة الجنوبي. ووفروا التدريب والمعدات لأولئك الذين كان قد عينهم دونوفان في مكتب الخدمات الاستراتيجية. ومنذ البداية ثبت ان الادارة البريطانية للتنسيق الأمني كانت هدفاً سهل الاختراق من جانب المخابرات السوفييتية، شأن مكتب الخدمات الاستراتيجية، وفي ابريل 1943 ذكرت احدى رسائل فينونا ان عميلاً يدعى سيدريك بلفريدج، وهو موظف في الادارة البريطانية كان مصدراً للمعلومات أرسلت إلى الاتحاد السوفييتي عن الأنصار اليوغسلاف (الشيوعيين) وأنصار الحركة القومية، وكان كلا الفريقين يقاتلان النازيين، وفي الشهر التالي أخبر بلفريدج السوفييتي بأن سير وليام ستيفنسون، مدير الادارة البريطانية للتنسيق الأمني في نيويورك عاد إلى انجلترا مع ونستون تشرشل. وفي تقرير آخر من بلفريدج أشار إلى الخلاف بين الأجهزة الأمريكية والبريطانية حول نشاط الأخيرة. وقال ان مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكية مستاء من «النشاط المدمر» للمخابرات البريطانية داخل الولايات المتحدة. ويرى المؤلفان ان من الواضح ان الرسالة تشير إلى عمليات التجسس الانفرادية التي يقوم بها ستيفنسون ووحدته وعلى الرغم من الاحتجاجات الأمريكية على ذلك، تفيد الوثائق الأمنية البريطانية التي أفرج عنها ان ستيفنسون استمر في عملياته التجسسية السرية ضد أهداف أمريكية، وقام بشن عمليات سرية ضد جماعات أمريكية بارزة تدعو لعزة أمريكا أثناء الحرب. وبالإضافة إلى جمع المعلومات عن المخابرات الأمريكية، كان اختراق مكتب الخدمات الاستراتيجية مفيدا فائدة عظيمة للمخابرات الخارجية السوفييتة لسبب آخر، إذ نتج عن هذا الاختراق توفير معلومات للسوفييت عن حركات المقاومة غير الشيوعية في دول أوروبا التي احتلها النازيون، وقد تم اختراق هذه الحركات نفسها، حيثما اتيح ذلك للسوفييت، وقد استطاعت المخابرات السوفييتية تجنيد بيير كوت الوزير في الحكومتين الفرنسيتين قبل الحرب العالمية وبعدها وهو أيضا شخصية مهمة في حركة فرنسا الحرة بقيادة الجنرال شارل ديجول لمقاومة الاحتلال النازي لفرنسا، وكان مستعداً لعمل أي شيء يطلبه منه الاتحاد السوفييتي. ويقول المؤلفان انه بعد وصوله إلى أمريكا في سبتمبر 1941 وهروبه من فرنسا، كان له سجل طويل في التعاون مع الكومنترن، ولكنه لم يكن عضواً في الحزب الشيوعي، وكان جزء من فرنسا محتلا من قبل القوات النازية، أما الجزء الباقي فكانت تحكمه حكومة فيشي المتعاونة مع الألمان، وقد وصلت معلومات كوت عن حركة المقاومة الفرنسية إلى موسكو من خلال إيرل برودر حتى عام 1943. وبعد ذلك أرادت موسكو ان يكون هناك اتصال مباشر مع كوت، وكلف ضابط في المخابرات الخارجية السوفييتية اسمه فلاديمير برافدين بالمهمة، تحت ستار انه صحافي يعمل بوكالة أنباء «تاس» السوفييتية واتصل ضابط المخابرات بكوت في يونيو 1942، بينما كان يلقي خطبة في احتفال عام، وقد تم تجنيده رسمياً، فيما بعد، عندما وافقت موسكو على ذلك، وأصبح عميلاً للمخابرات الخارجية تحت اسم حركي هو: «ديدالوس» أو «ديدال» باللغة الروسية، وفي الشهر التالي اقترح كوت ان ينتقل إلى الجزائر ليعمل مباشرة مع الجنرال ديجول. وكان هناك أيضاً عميل آخر يعمل لحساب السوفييت منذ زمن طويل في المقاومة الفرنسية، وهو أندريه لا بارت واسمه الحركي «جيروم» وكان مديراً عاماً للأبحاث العلمية والتسليح في حركة ديجول، وقد أظهرت وثائق فينونا انه عميل للمخابرات العسكرية السوفييتية، ويعمل في لندن من أجل المقاومة الفرنسية، وقد ارتبطت به عميلة ارتباطا وثيقاً، وهي ألتا مارتا لوكوتر واسمها الحركي «مارتا» وكانت العشيقة السابقة لكوت وسكرتيرة لأندريه لابارت، وعمل لابارت ولوكوتر لحساب المخابرات العسكرية السوفييتية منذ بداية عام 1940 أثناء التحالف السوفييتي النازي وربما وجدت المعلومات التي أرسلاها عن حركة المقاومة الفرنسية آنذاك طريقها إلى النازيين عبر السوفييت، وفي يوليو 1940 أخبرت لوكوتر المخابرات العسكرية السوفييتية بأن لابارت يعمل بالتعاون الوثيق مع صناعة الحرب البريطانية وأعضاء في الحكومة البريطانية. وقد أشارت وثائق فينونا إلى أن لوكوتر هي عضو سابق في الحزب الشيوعي الألماني، ولكن لابارت لم يكن عضواً في الحزب الشيوعي غير انه متعاطف مع الشيوعيين، وخدم في الألوية الدولية في اسبانيا، وقد استطاع جمع معلومات لحساب السوفييت بحجة انه يؤلف كتاباً عن هزيمة ألمانيا. وقد نقل إلى موسكو عبر محطة المخابرات العسكرية السوفييتية في لندن، معلومات تفيد بأن مهندساً فرنسيا قدم اختراعاً لتحسين عملية القصف، وأن ذلك الاختراع سوف يسلم إلى البريطانيين، وقد صور لابارت المواد الخاصة بذلك الاختراع مع الرسومات المصاحبة. وفي احدى رسائل فينونا في أغسطس 1942 تخبر محطة المخابرات المقيمة في لندن موسكو بأن لابارت أفاد بأن البريطانيين يخططون لارسال قوات من حركة فرنسا الحرة إلى داكار في أفريقيا الغربية الفرنسية، ولكن الجنرال ديجول عارض الخطة لأن قواته كانت فقيرة التسلح، ولأنها قد تقاتل ضد جنود فرنسيين آخرين، وبناء على تعليمات موسكو أمرت المخابرات العسكرية السوفييتية ببقاء لابارت في لندن مع ديجول، كذلك اقترح لابارت ان يمد المخابرات بجوازات سفر فرنسية مزورة. ويقول مؤلفا الكتاب ان ذلك العميل الفرنسي ارسل تقريراً إلى موسكو يفيد بأن ديجول وقواته موجودون في سيراليون استعدادا للهجوم على داكار من البر، وكانت تلك المعلومات بالغة الأهمية بالنسبة للنازيين، لو أن حلفاءهم السوفييت أشركوهم في الاطلاع عليها، ويقول المؤلفان: على الرغم من علمنا بأن السوفييت كانوا يمدون النازيين بالنفط والمواد الحربية الأخرى، إلا اننا لا نعرف مدى الشراكة الاستخباراتية بين الدولتين الشموليتين. الاختراق المزدوج كانت حركات المقاومة عبر أوروبا المحتلة بالقوات النازية بما فيها فرنسا تمثل أساس عمل مكتب الخدمات الاستراتيجية والمخابرات البريطانية، لاختراق الرايخ الألماني، وكانت هذه المنظمات السرية أيضاً هدفاً للاختراق الشيوعي، مما كان يمثل مشكلة خطيرة لم يستطع أحد في الغرب فهمها بالكامل. وكان الاتجاه السائد بين زعماء التحالف الانجلو أمريكي هو ان يخوضوا حرباً واحدة في الوقت الواحد، وكان هناك أيضاً انقسام في الرأي حول السياسات التي يجب تبنيها تجاه الاتحاد السوفييتي في حالة تأكد الانتصار على النازية ولكن أغلب الزعماء بمن فيهم تشرشل كانوا يأملون في إمكان إلهاء ستالين إذا عرف طريقه إلى الثقة في الحلفاء، ولم تكن القيادة السوفييتية مهتمة بهذا الوهم، بل كانت موسكو منذ البداية تتطلع مباشرة إلى ما وراء أهداف الحرب، أي إلى تقدم القضية الشيوعية على المدى الطويل، وكان النشاط السوفييتي واسع النطاق في جميع المعلومات الاستخباراتية عن القوى العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وأنشطة مخابراتها، أمراً بالغ الخطورة أثناء الحرب العالمية الثانية.

Email