بات تقليداً سنوياً للاحتفاء برموز التراث المحلي

مهرجان قصر الحصن منصة فخر تربط الحاضر بالماضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها عودة إلى الماضي القريب، استطاع مهرجان قصر الحصن استحضارها، من خلال ما عرضه عبر مساحاته من مكونات، احتفل في أيامها برموز التراث المحلي، فكان منصة تاريخ وفخر ربطت بين الماضي والحاضر، فالمهرجان الذي اختتم دورته الرابعة أمس أصبح تقليداً سنوياً، يجذب الجمهور كي يعيشوا تجارب مختلفة عن ممارستهم اليومية المعتادة. كما يدعوهم للتعرف على قصة بناء وترميم قصر الحصن الذي يفتتح للزوار خلال أيام المهرجان فقط.

بيئات محلية

استطاعت كل منطقة في المهرجان، التعريف ببيئة محلية تتميز بها الإمارات، فمن خلال منطقة البحر تمكن الزوار من التعرف على صناعة الأشرعة، والقوارب التي يطلق عليها «الشاشة» باللهجة المحلية، وصناعة المجاديف، وشباك الصيد، رمي شباك الصيد، وسماع القصص الشعبية التي عاشها البحارة في رحلة بحثهم عن اللؤلؤ، والاحتفالات الجماعية وأناشيد البحر، إلى جانب معرض اللؤلؤ.

تنوع تراثي

أما في منطقة الصحراء فيمكن للزوار تجربة القهوة الإماراتية والتعرف على تقاليد تقديمها، والاستماع إلى العزف على الربابة، والاطلاع على الطرق التقليدية لغزل الصوف، وصناعة الزبد، والسدو، والطهي الشعبي، وتقاليد الصقارة، وتجربة ركوب الجمال، إلى جانب الاستماع إلى القصص الشعبية، ومشاهدة رقصة «اليولة» وقافلة الإبل التي تشبه تلك القوافل القديمة، وهو تنوع ملحوظ في هذا المنطقة، لم يغب أيضاً عن منطقة الواحة التي شملت بيت العريش، والحديقة التقليدية، ونادي المزارع الصغير، وعرض التمور، وصناعة الخوص من سعف النخيل، وصناعة الحبال، إلى جانب الاحتفالات الشعبية الجماعية.

عالم الصغار

في منطقة جزيرة أبوظبي، يمكن مشاهدة كيف كانت شرطة أبوظبي في الزمن القديم، ويمكن التعرف على مكونات البيت الشعبي، إلى جانب دروس الطهي الإماراتي والتعرف على عدد من أنواع الصناعات مثل الحدادة، صناعة الفخار، الدكان، المقهى، والأسواق الشعبية، ونموذج المدرسة القديمة، وهي عبارة عن صف استحضرت فيه الطريقة القديمة في التدريس، إذ يجلس الطلاب الصغار على مقاعد الدراسة، ليحاولوا من خلال هذا الدرس الخاص استعادة مشاعر أجيال قديمة.

أول المدارس

عن تلك المرحلة من تاريخ التعليم قبل قيام دولة الاتحاد قال عبدالله بوعابد الذي يعلم الصغار في المدرسة بذات الأساليب القديمة: إن أول مدرسة أقيمت في أبوظبي هي مدرسة العتيبات في العام 1911 وساهم فيها خلف العتيبة ومجموعة من المتبرعين. وأضاف: في العام 1940 بنيت ثاني مدرسة في أبوظبي، وأطلق عليها «المدرسة الأهلية» وبناها «درويش بن كرم». وفي العام 1958 بينت المدرسة الفلاحية، ومن ثم المدرسة النهيانية، لتبدأ من بعدها المدارس النظامية بالنشوء.

أساليب التعليم

وأشار بوعابد إلى أن المناهج القديمة تتكون من ثلاث مواد وهي التاريخ والحساب والنحو. وأضاف: عندما تولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحكم في أبوظبي في العام 1966 تطورت أساليب التعليم وأصبحت المدارس تبنى بالأسمنت، بعد أن بنيت بالمواد التقليدية، إلى أن تطورت ووصلت إلى ما هي عليه الآن مواكبة النهضة العلمية والتكنولوجية.

ألعاب تقليدية

وتجربة الأطفال لا تقتصر على الصفوف المدرسية القديمة إذ يمكنهم تجربة اللعب في قسم ألعاب الأطفال، ليعيشوا أجواء من البساطة والانطلاق عبر ألعاب تقليدية مثل لعبة شد الحبل، ولعبة «الكرابي» حيث يقوم اللاعبون بالوقوف على الرجل اليمنى، بينما تكون اليسرى مرفوعة عن الأرض، ويمسك كل لاعب برجله اليسرى المرفوعة، ويقفزون على الرجل اليمنى ويدفع اللاعب خصمه باليد اليمنى فإن وقع على الأرض فهذا يعني الخسارة.

كما يقوم الأطفال في منطقة «جزيرة أبوظبي» بصناعة وتكوين أي مبنى يتعلق بإمارة أبوظبي، باستخدام الفلين والألواح وغيرها من المواد سهلة الاستخدام لتشكيل المبنى الذي يرغبون بإنشائه.

سوق شعبي

خصصت منطقة جزيرة أبوظبي ركناً خاصاً للتعريف بالمأكولات الشعبية التي تحضر بأيدي خبيرات بأنواع الطهو المحلي، كما وفرت الفرصة للزوار لشراء بعض المنتجات من السوق الشعبي الذي ضم عدداً من الدكاكين الشعبية في إحدى ساحات المهرجان، وأقيمت الدكاكين على شكل صفين متقابلين، وفيها العديد من المنتجات المصنوعة يدوياً، مثل الصناديق الخشبية، والسلال والأطباق، وأنواع كثيرة من البهارات والبخور المصنوعة بأيدي الخبيرات في هذا المجال.

أيادي الصغيرات تتزين بالحناء

في أحد أركان مهرجان قصر الحصن، جلست سيدة لترسم بمهارة نقوش الحناء على أيادي الفتيات الصغيرات، وهو تقليد ما زالت تتبعه الإماراتيات في المناسبات والاحتفالات والتي تعد الأعراس من أهمها. إذ تعتبر الحناء من أهم الأساليب التي تعتمدها المرأة في زينتها، وكانت العروس في الإمارات تضع الحناء على شعرها قبل العرس، لأن الحناء تكسبها إطلالة مختلفة، فهذه النبتة التي تؤخذ من شجرة يطلق عليها ذات الاسم، تستخدم بعد أن تجف، وتتولى النساء عملية طحنها وتنعيمها قبل أن تخلطها مع الماء وتتركها فترة طويلة كي تتخمر، ومن ثم تضعها على اليدين أو الشعر كي يكسبه لمعاناً وحيوية مختلفة.

وتعددت نقوش الحناء المحلية بين ما يسمى «القصة» والغمسة وأبو البيطان والروايب إلا أن أشهرها هو تغطية أطراف الأصابع بالحناء، مع رسم دائرة في وسط الكف، وما زال هذا الأسلوب رائجا لغاية الآن.

أجنحة

منتجات تقليدية تستقطب الزوار

ضمن أجنحة المهرجان عرضت الملابس المزينة بأشغال الزينة المنفذة بطريقة التطريز المحلي والتي تزين بها ملابس النساء عند الأكمام والقبة، إلى جانب عرض الكنادير والجلابيب العربية وأثواب المزري التي ما زالت رائجة حتى الآن.

 كما عرض بعض المشاركين مقتنياتهم القديمة، مثل الساعات والكاميرات وغيرها من أشياء يعود تاريخ صنع بعضها إلى أكثر من 100 عام، واستقطب هذا السوق خلال أيامه العديد من الزوار الإماراتيين والعرب والأجانب، لما احتواه من منتجات تحمل من فنون الماضي الكثير.

وفي ركن مجاور للسوق يمكن التعرف على زهبة العروس ومشاهدة عرس إماراتي تقليدي حي، والتعرف على الصناديق الكاملة التي يطلق عليها المندوس وفيها توضع ملابس العروس.

ورش

قصة نشوء أبوظبي تسرد على جدران الحصن

جاءت بعض الفعاليات متناسبة مع قصة نشوء قصر الحصن، بحيث أتاحت بعض الورش المقامة التعرف على الهندسة المعمارية الإماراتية التقليدية وآثارها خلال ورش العمل والعروض بما في ذلك تجربة التنقيب للبحث عن الآثار القديمة ورؤية أسلوب بناء المنازل والحصون في الماضي.

والتي يشارك الأطفال في العديد من الأنشطة الممتعة خلال التنقيب والحفر بحثاً عن الآثار القديمة. وعند تقديم المقتنيات الأثرية التي عثروا عليها إلى وحدة المعالجة، سيرشدهم موظفون متخصصون إلى خصائصها، وسيشجعونهم على فحصها بدقة، كما سيحصلون على تصديق عليها من مهرجان قصر الحصن.

كما يمكن التعرف على قصة نشوء أبوظبي من خلال عرض ضوئي مدته 15 على جدران قصر الحصن، والذي يسرد أهمية نشوء وتطور هذا المبنى التاريخي.

Email