ضمن فعاليات اليوم الثاني لـ«بطولة دبي العالمية للضيافة»

«الضيافة الإماراتية».. عادات أصيلة وتقاليد راسخة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلقت «ضيافة قصر زعبيل»، على هامش فعاليات بطولة دبي العالمية للضيافة، كتاباً يوثق التراث المحلي في مجال الضيافة، تحت عنوان «الضيافة الإماراتية.. عادات وتقاليد». ويوضح الإصدار أصول الضيافة الإماراتية، منذ بداية الترحيب، على طريقة البدو، وصولاً إلى التعريف بالمشروبات الصحراوية وأدوات الطهي وملابس الزفاف، وغيرها من العادات الإماراتية الأصيلة.

وحظيت فعاليات حفل إصدار الكتاب ضمن البطولة، بتوقيع سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم على الإصدار الأول من كتاب «الضيافة عادات وتقاليد» الذي يحتوي حقبة متنوعة من الموروث الإماراتي الشعبي.

وبمناسبة إطلاق الكتاب الأول من نوعه، قال أحمد بن حارب، المدير العام لضيافة قصر زعبيل، ورئيس بطولة دبي العالمية للضيافة، «إن تقاليد الضيافة الفريدة لدولة الإمارات تناقلتها أفراد المجتمع على امتداد القرون، ومن جيل إلى آخر، كما توارثنا الأعراف الراسخة في الذهن إلى جانب وصفات الطعام الخاصة بالعائلات، شفوياً، ذلك بهدف حفظها عن ظهر قلب.

ووثقنا هذه الجوانب الحيوية من التراث المحلي، من خلال إصدار كتاب «الضيافة الإماراتية عادات وتقاليد»، لنرصد ونصور معه جوهر الضيافة الإماراتية الأصيلة، بحيث يكون وثيقة عن تراثنا في المجال، ووسيلة تعريف وتثقيف للجمهور الدولي ومن المنطقة، حول تراثنا وعاداتنا في الضيافة والترحيب».

وبين بن حارب «أن «بطولة دبي العالمية للضيافة» التي أطلقت برعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، أسِّست للاحتفال بتقاليدنا العريقة وللحفاظ عليها، وكذلك، في الوقت نفسه، لتعزيز الابتكار في قطاع الضيافة، ونأمل أن يساعد هذا الكتاب الجديد الذي تغتني صفحاته بالنصوص والصور الفوتوغرافية والرسوم التوضيحية والمعلوماتية في الخصوص، إضافة إلى وصفات الطعام، على تحقيق هدف توثيق أصول الضيافة في الإمارات».

وأكد المدير العام لضيافة قصر زعبيل أنه بفضل تضافر جهود قطاع الضيافة في دولة الإمارات، تحقق الكثير بالفعل، إذ إن عدداً متزايداً من الطهاة والمطاعم والفنادق، يتنافس على الضيافة الإماراتية. وجميعها يحرص على خوض تجربة تقديم النكهات والمذاقات الفريدة من المطبخ الإماراتي، للناس، ليستمتعوا بدفء وكرم الضيافة الإماراتية.

أهمية

ومن جهتها، لفتت علياء راشد الشنقيطي، مديرة فعاليات في بطولة دبي العالمية للضيافة، إلى أن هذا الكتاب بمنزلة مرجع للأجيال الشابة الصاعدة، يمكن الاستعانة به لمعرفة عادات أجدادنا، ومن ثم إحيائها في نفوس تلك الأجيال، وخاصة مع التطورات السريعة التي يشهدها قطاع الضيافة تحديداً. كما استعرضت علياء راشد الشنقيطي محتويات إصدار «الضيافة الإماراتية..

عادات وتقاليد»، مبينة أنه ينقسم إلى ثلاثة فصول (الضيافة الإماراتية، المطبخ الإماراتي، الطهاة والمطابخ)، ويشتمل الأول على طبيعة وأصول استقبال الأسر الإماراتية لضيوفها من خلال مجموعة عريقة من العادات.

وأشارت إلى أنه يشرح كيف يعود تاريخ الكثير من تقاليد الضيافة المحلية إلى زمن كان فيه لدى معظم العائلات، مقدار ضئيل للغاية من الممتلكات يفيدهم في تحضير وليمة سخية، حتى لو كان ذاك لضيف واحد فقط، غير أنه كان يجري استقبال الضيف دائماً بأحر التهاني..

فإضافة إلى توفير جميع وسائل الراحة الممكنة، بصرف النظر عن الوضع الاجتماعي والموقع الجغرافي للعائلة الإماراتية المضيفة، فإنها تحتفي بالضيوف، وبشكل تقليدي، بالقهوة العربية والفوالة والعود والدخون (البخور).

وبينت علياء أن الكتاب يشرح كيف تعكس الأسرة الإماراتية المعاصرة التوازن بين التقاليد والتطور، إذ تتميز العديد من البيوت المحلية الآن بالمبرز (المجلس)، وهو غرفة استقبال مجهزة بجلسات إماراتية تقليدية، حيث يمكن للضيوف الاسترخاء على التِكَيْ (الوسائد)، فضلاً عن مائدة طعام مع كراسي ومطارح (مراتب).

ولفتت علياء راشد الشنقيطي إلى أن الإصدار يبين أن هناك بعض العادات والتقاليد التي لا تزال ثابتةً كما كانت سابقاً، مثل تناول القهوة والفواكه الطازجة والحلويات في بداية كل زيارة اجتماعية، ولا تزال تشكّل عنصراً جوهرياً من الآداب المحلية، وهي رمز دائم للضيافة الإماراتية.

كما أن أطباق الطعام والشراب المقدمة كهدايا لا تزال متبادلة بين الجيران، وفي نطاق العائلة، وبين الأصدقاء، فضلاً عن تبرع العائلات الغنية بالطعام بسخاء للمساجد والجمعيات الخيرية، خاصة خلال شهر رمضان.

العطور والفوالة

استعرض الفصل الأول من الكتاب العطور والفوالة والمجلس والملابس التقليدية في الضيافة الإماراتية، إذ تطرق إلى تاريخ ابتكار العطور واستخداماتها، مبيناً أنه تعود الروائح الطبيعية لخشب الصندل والورد والحناء والزعفران والمسك، إلى آلاف السنين، إلا أنها تظل في دولة الإمارات، كما في أماكن أخرى في الخليج العربي، جزءاً لا غنى عنه من كرم الضيافة.

أما الفوالة، طبقاً لما بينه الكتاب، فهي تجسد عراقة وأصالة الضيافة الإماراتية، واحتراماً وتقديراً للضيف، إذ يجري دائماً، تقديم مجموعة من أطباق الوجبات الصغيرة التي يطلق عليها مسمى الفوالة، فور وصول الضيوف، فقبل ظهور الثلاجات، وأفران المايكروويف والأوعية الحافظة للحرارة، كانت العائلات الإماراتية تُبقي النار متقدةً ومشتعلةً لمدة طويلة، مع إعداد أطعمة جاهزة للأكل، ليتسنى لها استقبال الضيوف في أية لحظة.

كذلك شملت تفاصيل كتاب «الضيافة الإماراتية.. عادات وتقاليد»، المبرز المعروف بالمجلس، ووصفته بأنه عنصر رئيس في ثقافة الضيافة في دولة الإمارات، وهو حيز من المكان، ومؤسسة اجتماعية على حد سواء، باعتباره حجر الزاوية في هذه الثقافة، خاصة أنه يعد مؤسسةً اجتماعية وفكرية وإدارية، لكونه يتيح تواصل المواطنين المباشر مع الشيوخ، ويسهم في تعزيز اللحمة المجتمعية، من خلال خوض المناقشات العامة على امتداد أجيال عدة.

الملابس التقليدية

لم يُغفل الكتاب التطرق إلى الملابس التقليدية، على أساس أنها تمثل أحد أكثر تجليات المظاهر الخارجية وضوحاً، للثقافة الإماراتية والهوية الوطنية، سواء ارتديت في الحياة العامة أو الخاصة، أو بشكل يومي أو خلال المناسبات.

طقوس ومعدات

وتناول الكتاب في فصله الثاني، موضوع المطبخ الإماراتي في وقت غياب التقنيات المعاصرة، مثل: الكهرباء، المياه المتدفقة، أجهزة التكييف، الأجهزة المنزلية الأخرى. ويشرح الفصل أنه كان يعتبر طهي الطعام لأسرة كاملة في الماضي، تحدياً يومياً لجميع النساء على امتداد دول الخليج العربي، ففي كثير من الأحيان كانت المنازل المتواضعة لا تضُم مطبخاً مستقلاً..

واعتادت النساء أن تطبخ الطعام في فناء المنزل باستخدام أفران الحطب (التنور) ومواقد الشواء.. عدد الكتاب في هذا الخصوص جملة من الصعوبات التي كانت لا تمنع الأسر من الالتزام بالضيافة بمستوى عالٍ، مهما بلغت درجتها.

كذلك يستعرض الفصل الثاني: معدات الطبخ التقليدي والوصفات التقليدية والمشروبات الإماراتية والمنتجات المحلية. وفي العموم، فإن الكتاب يؤكد عبر صفحاته أن المطبخ الإماراتي عدسة مدهشة يمكن من خلالها عرض جزء من تاريخ الدولة، وأن اختفاء وظهور بعض المعدات المستخدمة فيه، يعكسان تطور التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة..

ويشير مشهد اختفاء تلك الأدوات القديمة من المطابخ الإماراتية، إلى الانتقال السريع لدولة الإمارات. ولكن نظراً إلى الحفاظ عليه، فإن كل أداة من أدوات المطبخ تستحق أن توثق ضمن أصول الضيافة الإماراتية الفردية، لكونها أداة أساسية في خروج الضيافة بالشكل المأمول.

وصفات تقليدية

ويسلط الكتاب الضوء على مجموعة مختارة من أطباق إماراتية تقليدية، تعكس جزءاً من النكهات وأساليب الطهي في المطبخ المحلي، وتشتمل القائمة على الأطباق الرئيسة، مثل: فوقة لحم، مطبن اللحم، الجشيد، صالونة لحم، المالح، فوقة السمك، الخمير، الخنفروش، إلى جانب السلطات والحلويات.

ثقافة

يفصل الكتاب حول مجموعة من المشروبات الإماراتية، مبيناً أنه تعد خيارات المشروبات المنعشة، الساخنة والباردة، بمنزلة جزء لا يتجزأ من ثقافة نظام الطعام المحلي والضيافة، إذ تقدم القهوة الإماراتية على مدار اليوم، إضافة إلى وجبات خفيفة، حلوة ومالحة. وتتضمن المشروبات الشعبية الساخنة، مثل: الشاي المحلي، أنواعاً مختلفة من الحليب المُنكّه والنامليت، فضلاً عن الإضافات العشبية التي توضع لفوائدها الصحية.

تعاون

أعلنت «بطولة دبي العالمية للضيافة 2014»، على هامش فعاليات اليوم الثاني، عن تعاونها مع «فوغ فاشن شو دبي»، لاستقبال زوار وضيوف الفعالية على الطريقة الإماراتية التراثية، في دبي مول، خلال البطولة. وقال ماجد المري، مدير إدارة قطاع الضيافة والمسابقة الدولية، في البطولة: «نشارك (تجربة الموضة من فوغ في دبي) الطموح نفسه للترويج للإمارات عامة، ودبي بشكل خاص، وذلك على الساحة الدولية، ومن هنا جاء تعاوننا».

المائدة والحرف محط أنظار العالم في القرية التراثية

تؤدي «بطولة دبي العالمية للضيافة» في دورتها الثانية، دوراً كبيراً في الحفاظ على تقاليد وفنون الطهي الإماراتي، فالقرية التراثية في دبي، تحتفي هذا العام بكرم الضيافة الإماراتية، للتعريف بالأكلات الشعبية الإماراتية وتسليط الأضواء العالمية عليها وحفظها للأجيال القادمة، وأيضاً من أجل الحفاظ علي الهوية الوطنية وتعزيزها. وفي السياق، تضمنت القرية جملة أنشطة وفعاليات، منها: غزل الصوف وتلوينه، خياطة «الكيرخانة» والسعيفات، صبغ الخوص.

كما قدمت العديد من الفنون الشعبية، من بينها العيالة والهبان والحربية واليولة والمجلس الإماراتي للرجال والنساء. وتضمنت برامجها، إلى جانب ذلك، تقديم المأكولات الإماراتية، منها: جباب وخمير ولقيمات وخبز رقاق، كذلك تنوعت فيها أنشطة البيئة البحرية، من صناعة القراقير وفلق المحار وحرفة صناعة الأواني.

طبخ على الحطب

وفي حديثه إلى «البيان»، أكد سيف مصبح سيف، أحد المشاركين في فعالياتها الذي يقوم بالطبخ على الحطب ضمن القرية، أن أشهر الأكلات التي يطبخونها على الحطب هي: البلاليط والكباب والعصيدة والصالونة العربية ومكبوس الدجاج والعيش الأبيض..

موضحاً أنها تطبخ بالطريقة القديمة نفسها التي كانوا يطبخون بها قديماً، وعملية الطبخ تكون في تنور معدني، يوقد تحته الحطب، وأيضاً تضاف نكهات مميزة للأكلات، ومن بينها: البصل والليمون وقليل من البهارات. ولفت إلى أن جميع الأكلات صحية، وتكون خالية من الدهون، وكذلك تكتمل عملية طهوها وإعدادها خلال 3 إلى 4 ساعات.

السرود

«في حرفية وانسجام، تمرر أصابعها بين الخوص بشكل بديع، فتصنع منه أشكالاً مميزة، تعبّر عن جمال الماضي، هكذا تبدو»، قالت شيخة راشد، وهي تمارس حرفتها أمام الجمهور الزائر في القرية التراثية. وعندما سألناها عن هذه الحرفة اليدوية التي تتقنها بمهارة وفن، وتحتاج منها إلى صبر، أوضحت «أنه السرود (أو الصرود). تعلمته من أمي، وأقوم معه بصناعة أشكال كثيرة، وباستخدام ألوان مختلفة، كالأصفر والأحمر والأخضر والأزرق، ثم نخيطه لنشكّل العديد من الأشكال».

البراقع

أما عن البرقع وصناعته، فحدثتنا كلثم سهيل التي تمارس هذه الحرفة منذ زمن بعيد، موضحة أنها من أبرز الحرف التقليدية التي لا تزال موجودة، برغم تراجع الإقبال عليها، فالبرقع اقتصر ارتداؤه على «حريم أول»، كما قالت. وأضافت «أن البرقع هو عبارة عن قطعة نقصّها، وهي خامة معروفة باسم طبقة براقع، نشتريها من السوق. وفي الخصوص، أيضاً، شرحت موزة مطر أن البرقع كان قديماً من أدوات الزينة عند النساء، ويستخدم لتغطية الوجه للحشمة والوقار..

ويستخدم في حياكة الإبرة والخيط، وهو يختلف في تصميمه، فبرقع الفتاة يتميز بلونه الذهبي المائل إلى الأصفر اللامع، وبفتحتي العينين الواسعتين، أما بالنسبة إلى السيدات كبار السن، فالبرقع لديهن له تصميم خاص، إذ تضيق فيه فتحة العين، وتتسع مساحته لدرجة تغطي مساحة الوجه..

ولونه يكون بنفسجياً يميل إلى الأحمر اللامع. وتابعت أن «السيف» هو الذي يفصل بين فتحتي العين، وهو عبارة عن عصا تكون على الأنف حين يجري ارتداء البرقع، ويوضع أيضاً في البرقع من أجل تثبيته.

لقيمات

التقت «البيان» فاطمة عبيد، خلال فاعليات القرية التراثية، وهي تستقبل الزوار باللقيمات، على الطريقة الإماراتية، فهي من أشهر الحلويات الموجودة في كل بيت. وشرحت لنا كيفية إعداد اللقيمات..

مشيرة إلى أنها عبارة عن طحين وخميرة وسكر ودبس وخميرة حليب وسمن وملح، تعجنها جيداً مع الزعفران والهيل وماء الورد، حتى تصبح العجينة لينة وتترك حتى تتخمر، فتوضع في وعاء كبير مملوء بالزيت، وتقسم العجينة على شكل دوائر، ثم تحول باستخدام اليد إلى دوائر، وتوضع في الوعاء المغلي بالزيت وتحمر في الزيت حتى يصبح لونها ذهبياً، وتقدم مع العسل أو الدبس.

«المنتجات التقليدية».. كميات كبيرة ومواد غذائية لا تتلف

يعرض قسم المنتجات التقليدية، في الكتاب، بعضاً من المواد الغذائية الأساسية غير القابلة للتلف التي يميل الطهاة الإماراتيون إلى إعدادها بكميات كبيرة، وكذا تخزينها، بغية استخدامها في مجموعة واسعة من الأطباق، بدءاً من التوابل، ووصولاً إلى المواد الدهنية والمجففة. ويستعرض الكتاب، بشكل وافٍ، كيف استخدمت هذه المؤن الغذائية الإماراتية في المطابخ المحلية على امتداد أجيال، قبل زمنٍ طويل من وصول الثلاجات إلى المنطقة.

كما يبين كيف أنها اعتمدت على مواد أساسية لا تتأثر بعوامل المناخ، وذلك إلى جانب الالتزام بطرائق تقليدية ناجعة، في عمليات الحفظ وعدم تعرضها للتلف.

ضيافة دول الخليج العربي..أوجه شبه

استعرض الكتاب مضامين تقاليد الضيافة في الخليج العربي، موضحاً أن الصلات التاريخية والثقافية والجغرافية تعددت بين دول الخليج العربي: الإمارات، السعودية، البحرين، الكويت، قطر، سلطنة عمان. وتتجسد تلك الصلات في اللغة والدين والهوية. والأمر، طبقا لما يبينه الكتاب، لا يقتصر على هذا، فهناك العديد من أوجه التشابه بين ثقافات تلك الدول، ومن بينها تراث ضيافتها وطعامها التقليدي.

Email