حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتذكُرينَ صبيّاً عادَ مُـكتهلا

مسربلاً بعذابِ الكونِ .. مُشتملا؟

أشعاره هطلتْ دمعاً ... وكم رقصتْ

على العيونِ ، بُحيراتِ الهوى، جَذلا

هُفوفُ! لو ذقتِ شيئاً من مواجعهِ

وسّدتِهِ الصدرَ .. أو أسكنتِه الخُصَلا

طال الفراقُ.. وعذري ما أنوءُ بهِ

يا أمّ! طفلُكِ مكبولٌ بما حَمَلا

لا تسألي عن معاناةٍ تمزّقني

أنا اخترعتُ الظما.. والسُّهدَ.. والملَلا

هل تغفرينَ؟ وهل أمٌّ وما نثرتْ

على عقوقِ فتاها الحبَّ والقُـبُـلا

ⅦⅦⅦ

يا أمُّ عانيتُ أهوالاً .. وأفجعُها

مكيدةُ الغدرِ في الظلماءِ مُختتِلا

ألقى الكُماةَ بلا رُعبٍ .. ويُفزِعُني

هجرُ الحبيبِ الذي أغليتُهُ .. فسَلا

أشكو إليكِ حسانَ الأرضِ قاطبةً

عشقتهنّ .. فكانَ العشقُ ما قََتَلا

ويلاهُ من حرقةِ الولهانِ ... يتركُهُ

مع الصبابةِ .. شوقٌ ودّع الأملا

أشكو إليكِ من الستّينِ ما خَضبَتْ

من لي بشيبٍ إذا عاتبتهُ نَصَلا؟!

ⅦⅦⅦ

أمَّ النخيل ! ... هبيني نخلةً ذَبُلتْ

هل ينبتُ النخلُ غضّاً بعد أن ذَبـُلا؟!

يا أمُّ.. رُدّي على قلبي طفولَته

وأرجعي لي شباباً ناعماً أفِلا

وطهّري بمياهِ العينِ .. أوردتي

قد ينجلي الهمُّ عن صدري إذا غُسـِلا

هاتي الصبيَّ... ودُنياه .. ولُعبـَتـَه

وهاكِ عُمري ... وبُـقيا الروحِ والمُـقَلا

 

من قصيدة "أمّ النخيل"

 

غازي القصيبي

شاعر سعودي (1940 - 2010)

Email