حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ

قَد قُلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّ بِهِ

مِن حَيثُ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِّفق فِي تَأنِيبِهِ بَدَلاً

مِن عَذلِهِ فَهوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ

فَضُيِّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ

مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ

رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلٍّ وَمُرتحلٍ

مُوَكَّل بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه

للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ

رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ

لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى

مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ

وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَّعِيم بِلا

شُكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

 

من قصيدة (لا تعذليه)

شاعر أندلسي ( 420 هـ / 1029 م )

Email