عبدالله إسحاق

هم لا يعقلون

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويستطيع إقناع الآخرين بأفكاره، وهو في الحقيقة لا يكاد يفقه حديثاً. ومن الناس من يقول كلاماً منمقاً تفهم منه أن هذا الشخص الذي يتحدث أمامك هو نابغة في مجاله، ولكنه يسقط في أقرب اختبار يتعرض له أو في أقرب أزمة تواجهه، ولا يحميه سوى منصبه.

ومن الناس من يحاول إقناعك بأنه يفهم أكثر منك في عملك، وهو نفسه اعترف لك بأنه طلبك للاستعانة بخبراتك. ولكن عندما لا يتفق معك، يبدأ باضطهادك وإزاحتك للهامش ليطبق رؤيته الضيقة. بل ويتهمك باطلاً بأنك لا تفهم في عملك حتى وإن كنت تمتلك خبرة تمتد إلى أكثر من عقد من الزمان.

وإذا خرج من مكتبه لا همّ له سوى التجبر على زملائه. بل ويوزع مهام عملهم على دائرته الضيقة من المنافقين، فتعم الفوضى في المكان ويتحول إلى بيئة طاردة للموظفين.

مثل هؤلاء كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، «صم بكم عمي فهم لا يعقلون» بل مثلهم كمثل الأنعام السارحة لا تفهم ولا تعقل ما يقال لها. وردهم على النصيحة دائماً ما يحمل صفة الجحود والحماقة.

يزيدون في الضلال والعناد والإصرار على الخطأ في جهل مفرط بأبسط قواعد العمل الصادق والنزيه والجماعي. والمصيبة مع هؤلاء أنهم يعرفون تماماً كيف يفوزون ولو كانوا على باطل.

في مثل هذه الأجواء الكريهة تنتشر الآفات والأمراض المجتمعية من حقد وضغينة وبغضاء وبتشجيع من أمثال هؤلاء، وتفقد هذه الأماكن أفضل الكفاءات في وقت قصير جداً، لأن معيار التعيين والتقييم الأول هو النفاق والجهل وليست الكفاءة والعلم، وعندما تأتي لحظة المواجهة الحاسمة معهم يقولون لك وبكل وقاحة وفجاجة: النفاق مقابل الترقية، أو فارحل.

Abdulla.AlQamzi@albayan.ae

Email