حديث الروح
خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
وفرغتَ من صرحِ الفنونِ بناءَ
ما زلتَ تَذهبُ في السُّمُوّ بِركنِهِ
حتى تجاوزَ ركنهُ الجوزاءَ
دارٌ من الفنّ الجميلِ تقسَّمَتْ
للساهرين رواية ً وراواءَ
كالروْضِ تحتَ الطيرِ أَعجبَ أَيْكُه
لَحْظَ العيونِ، وأَعجَبَ الإصغاءَ
وتمايلتْ عيدانهنَّ تحية ً
وترنَّمَتْ أَوتارُهُنَّ ثناء
يا بانيَ الإيوانِ، قد نسَّقتَهُ
وحذوتَ في هندامها الحمراء
العبقرِيّة ُ من ضَنائنه التي
يحبو بها - سبحانه - من شاءَ
والفنُّ ريحانُ الملوكِ ، وربّما
خَلَدُوا على جَنباتِه أَسماء
لولا ابتسامُ الفنِّ فيما حَوْلَهُ
ظَلَّ الوجودُ جَهامة ً وجَفاءَ
بالفنِّ عالجتِ الحياة َ طبيعة ٌ
قد عالجتْ بالواحة ِ الصحراء
تأوي إليها الروحُ من رمضائها
فتُصيب ظِلاًّ، أَو تُصادِفُ ماءَ
وأكنَّتِ الفنّ الجميلَ خميلة ٌ
رمتِ الظِّلالَ ، ومدَّتِ الأفياءَ
بذَلَ الجهودَ الصالحاتِ عصابة ٌ
لا يَسأَلون عن الجهود جَزاءَ
إن التعاوُنَ قوّة ٌ عُلْوِيَّة ٌ
تبني الرجالَ ، وتبدع الأشياءَ
من قصيدة (خَطَّتْ يداكَ)
أحمد شوقي
شاعر مصري (1868 - 1932)