حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

لي حَبيبٌ قَدْ لَجّ في الهَجْرِ جِدّا

وأعَادَ الصّدودَ مِنْهُ وأبْدَا

ذُو فُنُونٍ، يُرِيكَ في كلّ يَوْمٍ

خُلُقاً من جَفَائِهِ، مُسْتَجَدّا

يَتَأبّى مُنْعماً، ويُنْعِمُ إسْعَا

فاً، ويَدْنُو وَصْلاً، وَيَبعَدُ صَدّا

أغْتَدِي رَاضِياً، وَقَدْ بِتُّ غَضْبَا

نَ، وأُمْسِي مَوْلًى، وأُصْبِحُ عَبدَا

وَبنَفْسِي أفْدي، عَلى كلّ حَال

شَادناً لَوْ يُمَسُّ بالحُسنِ أعْدَى

مَرّ بي خالِياً، فأطمَعَ في الوَصْـ

ـلِ، وعَرّضْتُ بالسّلامِ، فَرَدّا

وَثَنَى خَدَّهُ إليّ، عَلى خَوْ

فٍ، فَقَبّلْتُ جُلَّنَاراً وَوَرْدا

سَيّدي أنْتَ! ما تَعَرَّضْتُ ظُلْماً

فأُجَازَى بهِ، وَلاَ خُنْتُ عَهْدا

رِقَّ لي مِنْ مَدَامِعٍ لَيسَ تَرْقَا

وارْثِ لي مِنْ جَوَانحٍ ليسَ تَهدَا

أتُرَاني مُستَبْدِلاً بِكَ مَا عِشْـ

ـتُ بَديلاً، وْوَاجِداً منكَ بدّا

حَاشَ لله أنتَ أفْتَنُ ألحا

ظاً، وأحلى شَكلاً، وأحسنُ قَدّا

أكْرَمُ النّاسِ شِيمَةً، وأتَمُّ النّا

سِ خَلْقاً، وأكثرُ النّاسِ رِفْدا

أظْهَرَ العَدْلَ، فاستَنَارَتْ بهِ الأرْ

ضُ، وعَمَّ البِلاَدَ غَوْراً وَنَجْدَا

يا ثِمَالَ الدّنْيَا عَطَاءً وَبَذْلا

وَجَمَالَ الدّنْيَا سَنَاءً وَمَجْدَا

 

من قصيدة ( لي حبيب )

البُحتُرِيّ

شاعر عباسي ( 821 - 897 م )

Email