سعيد بن صقر القاسمي يفتتح الدورة الثالثة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي

«فردة دماغ» كوميديا سوداء لتداعيات المُهمّشين

سعيد بن صقر القاسمي لحظة وصوله إلى المهرجان بحضور عبد الله العويس وأحمد بو رحيمة | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

صفق الجمهور بحماس بعد انتهاء عرض مسرحية «فردة دماغ» لفرقة المسرح الحديث الإماراتية الذي افتتح عروض الدورة الثالثة من «مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي» للمؤلف الشاب جاسم الخراز والمخرج إبراهيم سالم.

وحضر افتتاح المهرجان الذي يقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي يستمر حتى 26 فبراير الجاري، الشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بخورفكان وعبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة وأحمد بورحيمة مدير المهرجان وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات والوفود المشاركة في المهرجان. واللافت في العرض الذي يندرج ضمن الكوميديا السوداء لتداعيات الإنسان المهمش، والذي قاربت مدته 45 دقيقة، عدم خروج أي فرد من الصالة حتى نهايته.

إشكالية الحذاء

أخذ الأستاذ الجامعي جليل الجبار «إبراهيم سالم» وماسح الأحذية فرج «مرعي الحليان»، الحضور في رحلة إنسانية خارج حدود بيتهما المتداعي وحالهما الذي يشي بفقرهما، عبر حوارات تحمل الكثير من الدلالات والمفارقات.

وبعد هدنة ومصالحة يتطوع فرج لتلميع حذاء جليل الذي سيذهب إلى مقابلة عمل لدى أحد الأثرياء، والتي ستشكل له بوابة الخلاص لانتشاله من مستنقع الفقر. ونتعرف على السبب الذي دفع ذلك الأستاذ صاحب الشهادات إلى مشاركة ماسح الأحذية سكنه.

ونصل إلى ذروة التراجيديا التي بدأت حينما أخل أحد الطلبة في محاضرته بالنظام، ولدى توبيخه لم يتردد الطالب برميه بالفردة الأولى من حذائه لتصيبه في وجهه ليتبعها سريعاً بالثانية بين ضحك الطلاب وسقوط هامته، ليتم بعكس توقعاته طرده من الجامعة إرضاءً لوالد الطالب صاحب النفوذ، وليقول بعض العبارات التي تترك أثرها في النفس مثل «العدل والتسامح نتيجة للآخر» و«درس في المقامات» و«الحذاء كنز لا يفنى».

حوار متوتر بين مرعي الحليان )ماسح الأحذية( وابراهيم سالم )الأستاذ( | البيان

 

درب اليائس

ونصل إلى ذروة الحبكة عندما يفشل كلاهما في تلميع حذائه مما أغضب فرج الذي لم يستعص عليه أي حذاء وأخرجه عن طوره ليضرب الحذاء يميناً وشمالاً حتى تمزق، مما دفع الأستاذ إلى الانهيار ويحاول فرج عبثاً إيجاد حذاء بديل له مما لديه من مخزون الزبائن، وفي النهاية يرى جليل الحذاء النسائي البراق الذي يخبره فرج أنه للجارة التي تسكن فوقهما التي تعيش في نعيم من عملها كراقصة، وبعد لحظات من التفكير يصرّ جليل على انتعال حذائها والذهاب إلى المقابلة معتبراً إياه درب خلاصه الجديد.

شهادة في العرض

تختزل «البيان» تقييم مسرحية «فردة دماغ» في شهادة جان قسيس نقيب الممثلين في لبنان، والذي في رصيده نحو 50 مسرحية الذي يقول فيها: «هذا النص من أذكى النصوص التي شاهدتها في مهرجانات عربية، كنت دائما أشتكي خلالها من شح وضعف النصوص.

وأهنئ الشباب على الأداء والرؤية الإخراجية. عمل جميل جداً. برأيي أن ما شاهدناه اليوم هو نتاج تراكم التجربة والتفاعل والتلاقي والذي ستكون عليه قريبا مستوى العروض في المسرح العربي».

 

تجربة المسرح المغربي

التقت «البيان» على هامش فعاليات اليوم الأول من المهرجان بالممثل المغربي عصام الدين محريم المشارك في عرض مسرحي وأحد ضيوف الوفد المغربي، والذي حدثنا عن تجربة المسرح المغربي قائلاً: حصد المسرح المغربي في العامين الأخيرين خلال المهرجانات العربي العديد من الجوائز مثال عليها في الدورتين الأخيرتين من مهرجان الهيئة العربية للمسرحي وهما «الخريف» و«صولو» الذي سيعرض في الدورة المقبلة من «أيام الشارقة المسرحية». والمسرح المغربي لم يشهد طفرة ليحصد لجوائز، إنما الانفتاح العربي على المسرح ساهم في الكشف عن قدراته.

الوفد المغربي وفي المقدمة عصام الدين محريم | البيان

 

ويعطينا لمحة عن تاريخ وخصوصية المسرح المغربي قائلاً: تتلقى الفرق المسرحية حالياً في المغرب الدعم من عدة جهات ومؤسسات حكومية بما فيها البلديات. وتاريخ مسرحنا يعود إلى العشرينيات من القرن الماضي مع زيارة الفرق المسرحية المصرية واللبنانية وعلى رأسهم مارون نقاش للمغرب، مما شكل دافعاً لتأسيس بعض الفرق.

أما الطفرة النوعية فكانت في الخمسينيات مع البعثة الفرنسية التي ترأسها المسرحي أندريه فوازان، حيث كان يقيم مخيمات تدريب وورش عمل واستمر ذلك لعدة سنوات، وخرج منها الرواد المؤسسون للمسرح مثل الطيب الصديقي وأحمد طيب العلج وغيرهم والذين أسسوا بدورهم مسرحاً حرفياً، وشكل تأسيس المعهد العالي للمسرح عام 1986، رافداً لاستمرارية تطوره بالمعايير العالمية ومع استضافة الخبراء الأجانب واكبنا مستجدات المسرح العالمي وتبلورت تجربتنا.

ولدينا اليوم فن مسرح الشارع الذي يذهب فيه العمل إلى الجمهور، وهو مسرح قديم من تراثنا وإن اختلفت اكسسوارات الممثلين بين دفّ وناي في الماضي إلى ديكور ومهارات أخرى في الحاضر.

Email