سحَرَ عيون الأجانب بأناقته فاتجهوا لممارسته

مريم البلوشي: الإمارات عزّزت حضور الخط العربي

مريم البلوشي تُحلق في عوالم الخط العربي ـــ من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الشغف بالخط العربي إلى الاحتراف فيه، تتجسد حكاية طفلة وقعت في غرام الحروف الأبجدية، واستهوتها أشكالها وروعة تفاصيلها، لتتدحرج بين ثناياها مُعانقةً أوراقاً ودفاتر ومجموعة أقلام، وتُحلِّق في رحلة طويلة أثمرت عن خطاطة ماهرة تعيش قصة حب مع الحروفيات، وتستنشق في حضرتها أوكسجين الحياة والإبداع. هي الخطاطة والكاتبة المهندسة مريم البلوشي، التي تهرب من ضغوطات الحياة لتمارس شغفها في عوالم الخط العربي، فتستعيد توازنها من جديد.

«البيان» تواصلت مع مريم البلوشي، التي وصفت اللوحة بحالة مخاض، تبدأ بالتصميم وتنتهي ببث الروح، مشيرة إلى أن التفرغ مشكلة يعاني منها الخطاط لما تحتاجه اللوحة الخطية من وقت وطاقة وجهد في التصميم والتنفيذ، ولافتةً إلى المكانة الرفيعة التي يحظى بها الخط العربي اليوم، وأناقته التي سحرت عيون الأجانب.

عن أكثر أنواع الخط العربي قرباً من نفسها قالت: أحب النسخ والثلث كثيراً، لكني أمارس اليوم الجلي الديواني لما يمنحني إياه من حرية في التصميم والخروج لخيالات واسعة فيه، وأجد فيه روحاً وخيالاً يأخذاني لعوالم فيها الكثير من الاسترخاء والصفاء.

حضور وإبهار

وعن موقع الخط العربي في عصر التكنولوجيا الحديثة، ذكرت مريم، أن صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أسس قاعدة مهمة للخط في الإمارات والوطن العربي، لافتةً إلى أن اهتمام سموه ومتابعته الحثيثة وتأسيسه للمعاهد والمتاحف والجمعيات والمعارض الداعمة للخط العربي، ساهم في الالتفات لهذا الفن العريق بشكل ملحوظ.

وأشارت مريم إلى أن الإمارات عززت حضور الخط العربي بين الفنون الأخرى، إلا أن هذا الفن بحاجة لمزيد من الدعم والاهتمام، وأشادت بالمعارض التي تقيمها الدولة للخط العربي وتجمع من خلالها المبدعين فيه، كمعرض دبي الدولي للخط العربي وغيره، مؤكدةً أن جمهور الخط العربي يمتلك قدراً كبيراً من الثقافة والوعي بأهمية هوية الحرف وأثره وتأثيره في الحضارة الإسلامية، ولافتةً إلى أن دخول التقنيات والحروفيات والألوان اليوم يجعل من اللوحة الخطية حية، وقالت: كلما كان التصميم مبتكراً، وخارجاً عن المألوف والمعتاد، كلما كان جاذباً ومبهراً، فعنصر الإبهار مطلوب اليوم بشكل كبير ما يزيد تفاعل الجمهور مع الخطاط.

وعن الدور الفعلي للخطاط في مجتمعنا العربي، قالت: الخطاط كأي فنان، له دور إنساني عميق في تهذيب المجتمع ونقل الحالة الروحانية الأصيلة إلى المجتمع، فالفن صفة حاضرة لرقي المجتمع وتطوره، وقد حرص قادتنا على أن تكون الإمارات وجهة للحضارة الإنسانية، لأنها حضارة تهذب النفس والروح وترقى بنا إلى مصاف جديدة.

ولفتت إلى أن الخط يمتلك رونقاً خاصاً وجماليات كثيرة، مشيرة إلى أن الكثيرات من الفنانات الأجنبيات اتجهن لممارسته لما فيه من سحر، وقالت: لفت نظري اهتمام الأجانب بهذا الفن، إضافةً إلى كثرة الطلب على عرض الأعمال خطية خارج الدولة، وتصديرنا للأعمال الخطية هو انعكاس لاعتزازنا بهذا الفن.

التفرغ مطلوب

وعن المشكلات التي يعانيها الخطاطون، قالت: تكمن المشكلة الكبرى في عدم التفرغ، إذ لم نصل بعد لمرحلة يقدَّر فيها الفنان ويُمنح تفريغاً لفترة زمنية معينة يمارس فيها فنه، إلى جانب أن تقييم الخطاط الإماراتي كمحترف متمرس، يجعلنا نخسر وجود الكثيرين في المعارض القوية المهمة، لا سيما أن اللوحة الخطية تستهلك الكثير من الوقت والطاقة في التصميم والتنفيذ والتنظيف.

ووصفت مريم لوحة الخط بحالة مخاض، وقالت: تمر اللوحة الخطية حتى تكتمل بمراحل عدة، تبدأ بالتصميم، وبالنسبة لي، فاللوحة تنتج عن اندماج الروح بالتصميم، ومن ثم إخراجه على هيئة لوحة، ولا يمكن قياس الوقت والزمن الذي تحتاجه كل لوحة، فأي عمل فني هو حالة خاصة لا تشبه غيرها. ولفتت مريم إلى أن الصدق والتعايش الحقيقي هو الأهم، وقالت: متى ما كان العمل نابعاً من ذات المرء وتعايشه، ستكون له صفة جميلة، ونحن لا نبحث اليوم عن الكم، بل كيف نكوِّن حالة إبداعية متفردة تخلق الهالة المبهرة والصورة البصرية المتجددة الدائمة.

احتراف

شعرت مريم البلوشي بميل كبير نحو الخط العربي منذ طفولتها، إذ كانت مولعة برسم الحروف الأبجدية منذ الصغر، وكلما كبرت، كبر معها هذا الشغف، حتى قررت في المرحلة الثانوية تعلم أصول الخط على أيدي الأساتذة والمتخصصين، لتصبح من أبرز الأسماء على الساحة في هذا المجال، وتشارك بلوحاتها في أهم المعارض.

Email