اتكأ على فكرة الخيانة ونال شهادة النقاد

«التهافت» عرض متماسك في النص والإخراج

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تتحرر عروض «الشارقة المسرحية» في رابع أيامها، من سوداوية الواقع، فبعد معاناة «غصة عبور»، وصراعات «خفيف الروح»، وانتظار الشخصيات المهمشة لـ«غودو» ليخلصها من حالة العبث الذي تعيشه، أطل، أول من أمس، الممثل والمخرج علي جمال بمسرحية «التهافت» التي تميزت بتماسك نصها ورؤيتها الإخراجية، وبحملها لإسقاطات تعكس حالة الراهن العربي، ليتواءم العرض في فكرته مع أحداث مسرحية «سكن سكن مهما كلف الثمن» القصيرة، التي سبقته إلى الخشبة.

السوداوية التي حملها عرض «التهافت» الذي استضافته خشبة معهد الشارقة للفنون المسرحية، لم تقف حجر عثرة في طريقه، حيث تمكن في النهاية من تجاوز اختبارات النقاد بنجاح، مقتنصاً إشادتهم، بالاعتماد على ما تسلح به من مفاتيح جوهرية، شكلت خطوطه الرئيسية.

فحكاية العرض تتكئ على فكرة الخيانة بكافة أشكالها، وتدور حول شخصين ملتصقين في جسد واحد اعتادا دفن الجثث، مرتدين مرة عباءة «السيد الجشع والطماع»، ومرة ثانية عباءة «الخيانة» على اختلاف صورها، سواء كانت للناس أو الأهل أو المبادئ أو للوطن وقيم الكرامة والشرف الإنساني.

مسرح تعبيري

صاحب مسرحية «ليلة» التي قدمها في دورة «الأيام» الماضية، اتبع في عرضه الجديد منهجا إخراجيا يمزج بين قوالب المسرح التعبيري والواقعي، مقدماً فيه حبكة مسرحية لم تخل من التهكم على واقع شاحب، عبر سرده لقصة الإنسان الخائن الحامل لأشد الصفات الممقوتة والذميمة.

وفقاً لآراء النقاد الذين مدحوا العرض خلال ندوته التطبيقية التي أدارها محمد سيد أحمد، فقد تضمن مستويين من الصراع، أولهما خارجي تمثل في الخيانة، وثانيهما داخلي تمثل في الجسد الواحد وما يشهده من صراع، وهو ما أدى إلى التشابك في خطوط العرض الرئيسية.

«انتقاء في الموضوع وتكثيف في الطرح»، بهذا الرؤية قدم العماني عبد الكريم جواد قراءته في العرض، والذي قال «رغم تكدس الجثث على الخشبة إلا أن العرض تضمن كماً كبيراً من الرومانسية»، مشيراً إلى سلاسة دخول الممثلين إلى الخشبة وما صاحبه من تنسيق عال، الا أن جواد رأى في عملية دخول الممثلين من عمق الصالة في البداية، اشتغالاً زائداً، كان بالإمكان الاستغناء عنه.

في حين، رأى ناصر كرماني أن المسرحية كانت «محكمة الصنع في نصها وفكرتها ورؤيتها الإخراجية وحتى تقديمها على الخشبة».

وقال: «التهافت» نموذج جميل لأعمال مسرحية محكمة الصنع، وأهنئ المسرح الإماراتي على هذا الجهد والفكرة، بينما خالف الجزائري عبد الناصر خلاف آراء زملائه بقوله إن «المسرح الإماراتي يتجه نحو السوداوية، ولا أعرف إن كان ذلك نتيجة الاستعجال أم أنه تأثر بالواقع العربي الراهن».

كوميديا سوداء

وقبل أن يفتح علي جمال مقبرة التهافت، كان جمهور «الأيام» على موعد مع المسرحية القصيرة «سكن سكن مهما كلف الثمن» المستدعاة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، حيث حمل العرض بصمات الكاتب المسرحي الإيطالي كارلو مانزوني، فيما تولى دفة إخراجه الإماراتي أنس عبد الله.

المسرحية جاءت في إطار الكوميديا السوداء وحملت اسقاطات على ما خلفته الحروب في العالم من حالة التوهان، وتدور فكرته حول زوجين يبحثان عن سكن دون جدوى، وبعد فشلهما في العثور على غرفة في الفنادق، يضطران إلى الذهاب ناحية مستشفى لعلاج الأمراض النفسية أملاً في الحصول على غرفة. ويحاولان إيجاد طريقة ما لإقناع إدارة المستشفى بأن لديهما خللاً عقلياً للسماح لهما بالمبيت.

Email