أطفالنا يغمضون أعينهم خوفاً أو حياءً مما يُعرض

«كرتون» اليوم سيناريوهات مشوهة تغتال البراءة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على مفترق طرق نقف اليوم، بين برامجٍ تقتل براءة أطفالنا، تغتال طفولتهم، وتوقعهم في أفخاخ العنف تارة، والتفاهة تارة أخرى، لنجد أمامنا أطفالاً يطرحون أسئلة الكبار، تتحول الملاعق الخشبية في أيديهم إلى مسدسات، وتبني عقولهم سيناريوهات مشوهة للعلاقات الإنسانية الراقية، فـ«عدنان ولينا» ليس لهما مكان في عصرنا الحالي، و«سالي» المسكينة لم تعد تلفت أنظار الفتيات برقيها ورقتها، و«توم سوير» المشاكس لا ينتمي لعالمنا، فما تعرضه الفضائيات اليوم، يبرمج عقول الأطفال وأذهانهم على عالم لا تحكمه الأخلاقيات، يعلو فيه الصوت بلا أي محاذير، وتتهاوى فيه القيم، ليتربع العنف على القمة، يرافقه كل ما هو خارق، وخارج عن نطاق الواقع والمنطق.

«البيان» قرعت جرس الإنذار، من خلال حديثها مع بعض الأمهات اللواتي أكدن أن كرتون الأطفال اليوم يقتل براءتهم بدم بارد، ويشوه تفكيرهم ويغذيهم بأفكار غير سوية، مطالبات بمضاعفة الرقابة على ما يشاهده الأطفال في ظل الفوضى التي خلقتها الفضائيات اليوم.

حب وتعاطف

أكدت علياء العوري موظفة وأم، أن كرتون اليوم لا يشبه كرتون الأمس لا من قريب ولا من بعيد، مسترجعة بعض المسلسلات التي لا تزال تعيش في وجدان «الطيبين» وتعلموا منها الكثير، وقالت: كرتون «زمان» كان معجوناً بالحب، فـ«سالي» كان يعزز في دواخلنا قيم التعاطف ومحاربة الظلم بشكل غير مباشر، و«افتح يا سمسم» كان مدرستنا التي تعلمنا فيها أجمل القيم، والنسخة الجديدة منه رائعة، أما «توم سوير» فكان محباً لأصدقائه رغم شقاوته، وهو ما تفتقده المسلسلات الكرتونية اليوم.

ولفتت العوري إلى أننا نفتقر إلى برامج عربية تعليمية تفاعلية خاصة بالأطفال، لتصبح الأجنبية هي الخيار الأول، كونها تمتاز بحرفيتها وروعتها وإتقانها.

وذكرت أن كرتون اليوم مملوء بالعنف، وهو ما يؤثر سلباً على الطفل، لينعكس على تصرفاته، مؤكدة أنها لا تسمح لطفلها بمشاهدة التلفزيون أكثر من ساعة يومياً، وتحت إشرافها.

خطر

عبَّرت روان عمران، أم ومرشدة نفسية واجتماعية ومدربة حياة للأطفال، عن استيائها مما يقدَّم للطفل اليوم، عاقدةً مقارنة بين كرتون «زمان» الذي كانت فيه اللغة قريبة للطفل بالمصطلحات الجميلة والسلوكيات الراقية، على عكس كرتون اليوم الذي يفتقر لكل ذلك، وقالت: كانت البرامج بالأمس إرشادية ذات دور توجيهي وتعليمي، وأكثر من مجرد تعبئة ساعات بث، فلا أزال أذكر «افتح يا سمسم» و«المناهل» حتى هذه اللحظة، أما الآن، فقد أصبح أطفالنا يغمضون أعينهم بين مشهد وآخر، إما خوفاً أو حياءً، وهذا يؤكد على أننا أمام خطر حقيقي.

وذكرت روان أن كرتون الماضي كان مبنياً على الحب، وقالت: لم يعد هذا الحب الراقي هو سيد الموقف، بل شابه التشوه، وهو ما غذَّته المسلسلات الكرتونية في أطفالنا، حتى شاب أبناؤنا قبل الأوان.

ومن خلال خبرتها في هذا المجال، نصحت روان الأهالي بغرس القيم وتعزيزها في نفوس الأبناء، وقالت: علينا أن نبدأ بأنفسنا، و«نمذجة سلوكنا» بأن نكون قدوة لأطفالنا نطبق تعليماتنا على أنفسنا قبل تطبيقها عليهم، فلا نشاهد مسلسلات وأفلام العنف، ونمنعهم عنها، لأن ذلك التناقض يشتت الأبناء.

أسئلة كبيرة

اعترفت دانا بارطو، أم ومدربة حياة للأطفال، أنها تعاني من نفس المشكلة، فالكرتون الذي يعرض اليوم جعل الخيارات صعبة جداً أمام الأهالي، وقالت: كرتون الأطفال غير لائق اليوم، ويخلو من القيم والأخلاقيات، والمشاهد التي يحتويها من عنف وانعدام حياء، ستتسبب في مشكلات كبيرة لهم.

Email