الشارقة تحتضن المعرض الأول في الشرق الأوسط لأعمال أديب المهجر

جبران خليل جبران يرسم بلوحاته معاني كلماته

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ينتاب الزائر إحساس بالرهبة والتوق في اللحظات الأولى التي تسبق دخوله معرض «البعد الإنساني في رسوم جبرانية»، لا سيما وأنه سيطالع وعن قرب وللمرة الأولى، إبداعات أديب المهجر والشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران «1883-1931»، الذي يعتبر أيقونة في عالم أدب الشرق والغرب.

 ضم المعرض، الذي افتتحه أول من أمس الشيخ خالد بن عبدالله بن سلطان القاسمي- رئيــس دائــرة الموانـــئ البحرية والجمـارك في الشارقة، بحضور سمو الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، 30 لوحة.. إلى جانب مخطوطات ودفاتر يوميات الأديب، ومراسلاته مع صديقته وراعيته الأميركية ماري هاكسيل وصديقته من العالم العربي الكاتبة مي زيادة. واستمع الحضور خلال جولتهم في المعرض، إلى شروحات الدكتور طارق شدياق- رئيس لجنة جبران الوطنية، التي ألقت الضوء على تجربة الأديب الفنية.

 صفاء روحي

 يتحول شعور الزائر خلال جولته في المعرض، الذي أتى ثمرة للتعاون بين القائمين على المتحف ولجنة جبران الوطنية في لبنان، إلى حالة من الصفاء الروحي والفكري، ليستغرق في جماليات تفاصيل كل عمل فني يعكس عمق إنسانية جبران وحساسيته العالية التي توازي أو تكمل شفافية أدبه ورشاقة كلماته، سواء بالألوان المائية أو الفحم أو الألوان الزيتية أو بكلمات خطها بيده في بداية القرن العشرين.

 وربما أن هذا المعرض من المعارض النادرة التي يحرص فيها الزائر على قراءة جميع المعلومات المصاحبة لكل لوحة، بما فيها العام الذي رسمت فيه والأمكنة التي سبق وعُرضت فيها. ويتبدى فيها جلياً أنه تهيمن المرأة على معظمها، إذ تبدو وكأنها، بالنسبة للكاتب، رمزاً للحياة نفسها.

 الأعلى مبيعاً

 تأخذه الغرفة الأولى الزائر في جولة داخل عقل وروح وحياة جبران، الأديب الذي يعد كما يقول د. شدياق، من الكتّاب الأكثر مبيعاً في العالم، إذ تفوق مبيعات كتابه «النبي» مبيعات مؤلفات شكسبير في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة حيث أقام الكاتب حتى وفاته.

 بعد فلسفي

 تضم الغرفة الثانية مجموعة من الرسومات أو الاسكتشات، إما بقلم الرصاص أو الفحم أو الألوان المائية، ويتجلى في الرسومات البعد الفلسفي الفكري، كما في دراسة الرجل الذي يحمل شعلة بيده «1914»، وصولاً إلى لوحة دراسة لخاتم، صور فيها يداً تتلقى زهرة «1919»، وصورة المرأة التي تبحث بعينيها ما تحمله لها الحياة «1917». ويتجلى في تلك الدراسات الأولى دعوة الفنان للسلام والمحبة، والتي تتضح في كتابه «بدائع وطرائف»، ومنها: «أنت أخي وأنا أحبّك، أحبّك ساجداً في مسجدك، وراكعاً في هيكلك ومصلّياً في كنيستك».

 رحيق الحكمة

 يطالع الزائر في الغرفة التالية، الأعمال المرتبطة بكتابه «النبي»، من صورة الغلاف التي حاول، كما يقول في رسالته إلى صديقته ماري هاسكل، رسم رحيق الحكمة في بورتريه رجل تنم ملامح المرسومة بالفحم عن الصمت البليغ. كما تحمل مسودتا الكتاب المطبوع، ملاحظات بالقلم الأحمر للمعنيين بالطباعة من عام 1923.

 ويــــنتقل بعدها إلى لوحات البورتريه بالألوان المــائية، بين استمرارية عطاء المرأة المسنة 1917، مقابل وجه الرجل المقارب في السن، الذي يحمل حالة انتظار ربما للموت، ومساحة التأمل التي في بورتريه آخر.

 ويفقد الزائر إحساسه بالزمن مع وصوله إلى غرفة اللوحات المرسومة بالألوان الزيتية، التي تتجلى فيها براعة جبران وموهبته في التعبير عن كوامن النفس الداخلية، في ملامح اختزل فيها التفاصيل إلى الحد الأدنى. ويذكر هنا، أن جبران رسم معظم لوحات معرضه الزيتية خلال دراسته للفنون الجميلة في باريس، لمدة عامين، ابتداءً من 1908.

 «بورتريه 4 وجوه»

 اللوحة التي تتملك مشاعر الزائر لتصبح جزءاً من جماليات ذاكرته هي «بورتريه 4 وجوه»، التي رسمها بقلم الفحم ليعكس وجه المرأة خلال تدرج حركته، من البروفيل الأيمن وحتى الأيسر، تعابير إنسانية مختلفة. أما الجماليات التي تأسر الزائر وتهيمن على إحساسه، فهي الشفافية العالية في الرسم بالفحم، من العيون التي تكاد تنطق بالحياة وخامة ملمس بشرة الوجه كما المرمر المصقول. وما عزز من التفاعل بين المتلقي وهذه اللوحة وغيرها، غياب حاجز الإطار الزجاجي الذي يقول د. شدياق، إنه يكـــسر التواصل التلقائي بينهما.

Email