فوتوغرافيا
دور الفنان في صناعة الحضارة
من الثقافات المنتشرة في المجتمع الغربي، أن الفنان ليس كباقي أفراد المجتمع، تلك ليست نظرة فوقية، بل هي نتاج ربط المعايير المتنوعة بعضها بعضاً، هناك يعتبرون الفنان من أهم الشخصيات في المجتمع مهما كان مستوى شهرته الفنية، يعطونه اهتماماً أكثر.. وبالمقابل ينتظرون منه أكثر.
تقييم المجتمع الغربي للفنان مختلف، فهم يعتبرونه مختلفاً في طريقة تفكيره وحياته وثقافته وما يمكن أن يقدّمه للمجتمع من إبداعاتٍ خارقة أو حلولٍ لمشكلات مستعصية.
الفنان في التناول المجتمعي هناك ليس مجرّد شخص يرسم أو يصور أو ينحت أو يعزف المقطوعات الموسيقية، الفنان عندهم هو مفكّر بالضرورة، وهو أكثر أهمية من أي مفكّر عادي أيضاً، ذلك أنه يرى التاريخ والحاضر والمستقبل من منظورٍ شديد الخصوصية والغرابة في الوقت نفسه، كما أن مساحة الخيال لديه أكبر، لذا فهو يرى أكثر، ويستطيع فهم ما يراه بشكل أفضل.
خلال وجودي في لندن تحدّثت مطولاً مع عددٍ من النقاد المختصين برصد الاتجاهات الفنية المعاصرة والباحثين في تاريخ الفنون على مدى التاريخ وعلاقتها بالحضارة والإنسان وجودة الحياة بثوابتها ومتغيّراتها، من أهم النقاط التي ناقشوها هي أن الفنان ليس متساوياً مع باقي أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، فالأعراف الاجتماعية الحديثة تعتبره من أهم المنتجين للمجتمع ليس في مجالات ممارسته للفن فقط، بل من حيث الواجبات الملقاة على عاتقه وفقاً لقدراته التي تفوق المعتاد.
حيث إنه يقرأ التاريخ بشكل مختلف ويفهمه أفضل حتى من المؤرخين «حسب اعتقادهم» ويستطيع لمس الحاضر وقراءة معطياته بدقة أكبر تستعصي على مختصي الاجتماع والعلوم وحتى السياسة، لذا من الطبيعي أن تكون علاقته مع المستقبل فريدة من نوعها، يقول أحدهم نحن نثق تمام الثقة أن الفنانين المبدعين وحدهم قادرون على رسم مستقبل مشرق قابل للتحقيق، هم فقط يمتلكون الهبة الربانية التي تمكّنهم من رؤية الصورة المتكاملة لأية حقبةٍ زمنية.
في الاتجاهات الفكرية الحديثة هنا لا يمكن للعالِم الباحث المخترع أن يكون مبدعاً إن لم يكن متصلاً بالفنون، العلم الجامد البحت لم يعد حسن السمعة كما كان، والسبب في ذلك الإفراط الذي أفضى به إلى مساحاتٍ غير مقبولة، لقد أصبح بحاجةٍ ماسةٍ للارتباط بالفنون كي يبقى في دائرة القيم الإنسانية الخيّرة.
بشكلٍ أو بآخر هناك اتجاه فكريّ واضح يعتبر كل من يحمل لقب «فنان» أنه يحمل الخير لهذا الكوكب وسكّانه، وكل من خارج هذا الإطار مطالبٌ بإثبات «حسن النية».
فلاش
الفهم العابر للفنون، إلى متى؟
الأمين العام المساعد للجائزة
@SaharAlzarei
