من الرافدين حتى الياسمين الدمشقي

4 آلاف عام من الحضارة مهددة بالزوال

ثروة هائلة من التراث الانساني مهددة بالضياع في سوريا والعراق - ارشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تراث لا يقدر بثمن، كان شاهداً على تاريخ حافل يعود إلى أكثر من أربعة آلاف عام، يهدد اليوم بالزوال بسبب الحرب الدائرة في سوريا والعراق، حيث صنفت اليونسكو بعض المواقع الأثرية العريقة في كلا البلدين بأنها مهددة فعلاً بالانهيار إذا استمر الصراع، ما دفع بعض المختصين بالفن وعلماء آثار وبعض المنظمات بالمطالبة بحماية هذا التراث الإنساني من الضياع.

صحيفة «نيويورك تايمز» بدورها أوردت تقريراً عن الخطر الكبير الذي تتعرض له المناطق الأثرية في كل من سوريا والعراق بسبب الحرب الدائرة في المنطقة، وفي بداية التقرير يتذكر الأخصائي في مجال الفن والعمارة الإسلامية، ياسر الطباع، زيارة لمقام من القرن الثالث عشر مكرس للإمام «عون الدين» في الموصل، شمال العراق..

وكان واحداً من قلة نجت من الغزو «المغولي»، الطباع لم يستطع منع قلبه من الحزن عندما شاهد مقطع فيديو على الإنترنت يُظهر المقام وهو يتفجر ضمن سحابة من الغبار بعد أن تم نسفه من قبل تنظيم «داعش»، وقال بصوت كاد يغيب: «لقد اختفى. ببساطة».

حلب الفاجعة الثقافية

اقتفاء أثر الكنوز الثقافية بسوريا وشمال العراق أصبحت مهمة تفطر قلوب علماء الآثار، إذ إن هذه المنطقة كانت مركز العالم بالنسبة لأي امبراطورية عظيمة مسجلة في تاريخ الإنسان: هكذا قالت «كانديدا موسوف» من جامعة «نوتردام» في «إنديانا» وتتابع «نحن نتحدث عن أجيال متعاقبة من التاريخ، كلها في مكان واحد، وكلها تدمر دفعة واحدة».

فالقطع الأثرية المدمرة يمتد نطاقها من مآذن تعود لأوائل القرن العشرين وحتى كنوز عمرها آلاف السنين، والكثير من الخبراء اعتبروا أن الفاجعة الكبرى وقعت في مدينة حلب التي تعد محطة تجارية قديمة، وأكبر المدن السورية، حيث إن النيران التهمت معظم السوق المركزي الذي يحتوي على متاجر من القرن السابع عشر، هذا السوق كان القلب التجاري للمدينة..

ومادة مهمة لفهم نمط الحياة التي عاشها الناس في القرون الوسطى. كما أن الحرب آذت «الجامع الكبير» في مدينة حلب وهو واحد من أقدم الجوامع في سوريا، واحترقت مكتبته بما تتضمنه من آلاف المخطوطات الدينية النادرة، إضافة إلى إسقاط مئذنته التي بقيت صامدة لآلاف السنين.

كما آذت الحرب «قلعة الحصن» وهي واحدة من أكبر القلاع الصليبية وأقلها تضرراً في العالم.

سرقة ونهب

ومن المواقع الأكثر سلباً في سوريا هي مدينة «آفاميا» الأثرية، التي تقع غرب البلاد، وكانت من أكبر المواقع البيزنطية والرومانية وأقلها تضرراً في العالم، إلا أنها ورغم كل الحفر الناتجة من عمليات السلب أصبحت تبدو الآن كسطح القمر وفقاً للخبراء، وربما الأكثر خطورة هو النهب في «تل الصالحية» الذي يقع في الجانب الشرقي من سوريا.

وقد وجد على هضبة فوق «نهر الفرات»، ما كان عبارة عن نقطة عسكرية محصنة للإمبراطورية الرومانية، تتضمن كنيساً يعود للقرن الثالث وواحداً من أقدم الأمثلة لـ «كنيسة بيتية» وهو شكل من أشكال العمارة المسيحية المبكرة.

تطرف يحارب التاريخ

إن تنظيم «داعش» وغيره من المتطرفين، كان يدفعهم لارتكاب هذه الجرائم بحق الحضارة حجة معاقبة «الشِرك» أو تدمير الأصنام، وكنتيجة لذلك هشموا المواقع الشيعية والصوفية، وتماثيل الشعراء، وبعض الآثار التي تعود لبلاد ما بين النهرين من آشور وبابل، والمقامات السنية الخارجة عن حدود معتقداتهم. كما هاجموا الكنائس في البلدة المسيحية القديمة «معلولا»، وأتلفوا قطعاً أثرية في الرقة، وحطموا تمثالاً لأسد آشوري من القرن الثامن قبل الميلاد.

Email