في محاضرة لكامل يوسف حول كتاب «مآذن الرحمن في مدار الزمان»

عوالم المآذن.. رحلة تاريخية وجغرافية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما أضافت المآذن على اختلاف أشكالها وتصاميمها إلى المساجد جمالاً ورونقاً أخاذاً، لتبدو وكأنها جواهر مصاغة بحرفية، تشبه في شموخها وعناقها للسماء، الأيادي المرفوعة بالدعاء لله.

ورغم اختلاف أشكالها في معظم الدول الإسلامية، إلا أن المآذن ظلت محتفظة بفلسفة معمارية خاصة، تؤكد في مضامينها على مجموعة قيم فكرية، وحالة الارتباط بين الصلاة وتصميم المئذنة، التي شكلت بكل ما تحتفظ به من تاريخ وتوزيع جغرافي، مادة خصبة للمحاضرة التي قدمها الزميل كامل يوسف حسين رئيس قسم الترجمة في «البيان» أول من أمس، في النادي العربي في الشارقة، لتشكل هذه المحاضرة رحلة تاريخية وجغرافية في عوالم المآذن.

حيث استند الزميل يوسف في محاضرته إلى قراءته في كتاب «مآذن الرحمن في مدار الزمان» للفنان والناقد التشكيلي ورئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين د. غازي إنعيم. خلال قراءته لمضمون الكتاب الذي أصدرته دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، بمناسبة الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية 2014.

قال يوسف: «الكتاب يلقي الضوء على المآذن التاريخية، من حيث نشأتها وتطورها عبر التاريخ، والخصائص التي تميز طرزها منذ أقدم أمثلتها من عصر الخلفاء الراشدين إلى العصر العثماني»، ليعرج في حديثه إلى طبيعة الأسماء التي أطلقت ولا تزال على المآذن في عموم العالم الإسلامي، ومن بينها «الصوامع» و«المنائر».

وقال يوسف: «بعض هذه الأسماء مفضلة في بعض الدول الإسلامية، ففي الوقت الذي يطلق أهل المغرب على المآذن تعبير (الصوامع)، فإن أهل مصر وبلاد الشام يسمونها (مآذن)». كما تطرق يوسف في حديثه إلى تاريخ إنشاء المآذن، مشيراً إلى أنها لم تكن معروفة في فترة صدر الإسلام، قائلاً بأن أول صلة للمسلمين بالمآذن كانت عندما قام معاوية بن أبي سفيان بإنشائها في المسجد الأموي بدمشق.

عمارة المآذن

تطور المآذن من الناحية المعمارية وما طرأ على تصاميمها من تغييرات، كان له نصيب من محاضرة يوسف والتي جاءت عبر استعراضه للصورة الإسلامية للمساجد بدءاً من المسجد النبوي الذي يعد الجد الأعلى للمساجد.

وذكر يوسف، بأن عمارة المآذن وتطورها، ارتبط مباشرة بطبيعة التفاعلات والمؤثرات التي تحيط بالدولة التي أنشئت فيها، فمثلاً لا تأخذ المآذن في الصين طولاً كبيراً، معتمدة في ذلك على طبيعة العمارة الصينية التي أقيمت على معتقد أن الصين تشكل قلب العالم، في حين أن تصميمها في الهند جاءت مختلفاً وأشهر مآذنها «منار قطب» والتي جسدت فيها شغف المعماري الهندي بالطبيعة وميله إلى التجسيد، أما في تركيا فجاءت مدببة الرأس.

العروس

تطرق يوسف في محاضرته إلى مئذنة «العروس» أو (الخيرالدا) كما يطلق عليها الإسبان المعاصرون، وهي في الأصل مئذنة إسلامية لجامع المنصور الموحدي الذي شيده بأشبيلية قبل أن يقوم فرناندو الثالث ملك قشتالة بهدم المسجد وتحويل مئذنته إلى برج للنواقيس، وأكد يوسف أن فلسفة عمارة المآذن تجمع في أساسها بين ميل المعماري المسلم نحو التجريد وبين اعتبارها كياناً مهيباً في السماء.

Email