برقيات

مدارس متعددة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تميزت تجربة الفنانين التشكيليين في الإمارات منذ البداية بالتنوع، ومنذ تأسيس دولة الإمارات كان هناك مجموعة من الطلبة الذين أوفدوا إلى الخارج للدراسة ومنهم من اختار التخصص في مجال الفن، في مصر، وسوريا والكويت والمملكة المتحدة، وعاد كل واحد منهم بأفكار فيها الكثير من التنوع، في اللوحة وفي التجارب الحديثة.

وفي هذا الإطار نرى أن الكثير من التجارب الحديثة تتميز بالخروج عن التقليد، وهو ما جعلها متنوعة وتمشي بتوازٍ كبير، مع ما يوجد من أساليب أخرى، كما نراها الآن مرتبطة بالمخرجات التعليمية على مستوى البرامج الثقافية والمعارض.

ومن هنا فإن وجود الشكل التقليدي والحديث لا يشكل أي تعارض، فمنذ ستينات القرن الماضي، انتهت المدرسة الفنية المسيطرة والتي غطت ما سبقها، مثل «الانطباعية، التكعيبية وغيرها». وأصبحنا في عصر تعددت فيه المدارس وأصبح هناك مساحة كافية تحتوي على الفنون السابقة والمدارس الحديثة، التي ارتبط أغلبها بفكرة «المفاهيمية» ومدارس أخرى مثل التجريبية، كما وجد ما يسمى بـ«فنون اليوم» وكل يوم بيوم يحمل الجديد المختلف، الذي لا يرتبط بما قبله.

وما يهمنا في مجال الحديث أن ينتج الفنان عملاً جديداً في أسلوبه، مهما كان عمله هذا سواء لوحة، أو منحوتة، أو فكرة. وكل من يتقن عمله فهو فنان جديد، سواء كان الفنان مفاهيمياً، أو من ينتهج مدارس أخرى، فالمهم حقيقة هي التجربة العملية.

إذ تجمع «المفاهيمية» الجانب الفكري والمحتوى المعرفي والفلسفي، ويعتمد حينها الفنان على أدوات غير تقليدية، ويعتمد أيضاً على مهارات عقلية خلال عملية الإنتاج.

ويبقى الفاصل في النهاية الفنان الجيد والتمكن من أدوات «المفاهيمية» وخاصة أننا في زمن سيقل فيه الجديد في مجال اللوحة، بكل ما تحمل من أبعاد، في وقت تضج فيه المدارس التي تعتمد على أفكار وفلسفات، ويأتي هذا على العالم، وليس على مستوى الإمارات، إذ لم يعد هناك الكثير من المجددين والمبتكرين.

ويساعد هذا القصور في الساحة الفنية غياب النقد الفني، وفي هذا المجال نرى عدم الرغبة في تلقي النقد، وبطبيعة الحال لم تواجه الناس الضعيف أو السيئ، وعالمياً ما يحصل في مجال النقد الفني أصبح مرتبطاً بالقيمين الفنيين على المعارض، وجزء من هذه المهمة يعتبر عملية نقدية، إذ يُوجد القيم على المعرض «الثيمة» العامة، ثم يقوم بالعمل مع الفنان لتوجيه الأفكار والعمل عليها، بهدف تطويرها لأبعد حد، ويصل دور بعض القيمين في العمل إلى 50% .

وعموماً فإن الفنون المعاصرة تسير بشكل عام في إطار مجتمعي يعتمد على الاستهلاك، فطبيعة الاستهلاك المحصور في التكنولوجيا ومواكبة «الآب ديت» والشركات الكبرى، أصبح سلوكاً طاغياً على المجالات الثقافية، وأصبح هناك حاجة ملحة إلى تطوير الخطاب الفني، فتلك الفنون التي اتخذت السياق التاريخي معمول بها في أغلب الدول، ولكن هناك وبشكل مستمر نوع من تغيير الخطاب وتغيير أشكال الإنتاج الفني والرسائل التي يوجهها.

رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية

Email