شباب@قصة

عاشقة على شاطئ جميرا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتادت «خلود» الجلوس في وقت باكر على شاطئ «جميرا»، وكان جليسها الوحيد هو الكتاب، الذي لا يكاد أن يفارقها، «خلود» فتاة جميلة، تغلب على وجهها ابتسامة طفولية، ثرية، وهي ابنة تاجر معروف في إمارة دبي، جميلة، متعلمة، ولكنها لا تعمل، تلبية لرغبة والدها، فهو يريدها أن تستمتع بحياتها، وأن تحصل على ما تريد، لذا كان يودع لها مبلغاً مالياً كبيراً شهرياً عوضاً عن راتب أي عمل ممكن أن تقوم به، لم تكن خلود من اللواتي يقضين أوقاتهن في السوق للشراء أو اللهو، بل كانت مثقفة وتحب الاطلاع والقراءة إلى درجة كبيرة.

دائماً ما تصادف خلود أثناء قضائها أوقاتا على الشاطئ؛ شاباً وسيماً ورياضياً، يقوم بالجري كل صباح، مما جعل وجهه مألوفاً لديها، كان وجوده مرتبطاً بشاطئ جميرا العالقة صورته في ذهن «خلود»، أحبت استراق النظر لوجهه وهو يمر، بإيحاء منها للشاب بأنه شخص عادي كغيره. رسمت أحلامها الخيالية مع ذلك الشاب، أحلاماً أشبه بالروايات، فبمجرد التفكير فيه تشعر بسعادة غامرة.

الأيام تمر، وخلود بين روايتها التي تقرأها، وروايتها التي أصبح نصها مختوماً في قلبها مع ذاك الشاب المجهول. انقطعت «خلود» عن ارتياد الشاطئ لأيام، بسبب رحلتها مع والدها إلى فرنسا، هذه الرحلة التي جعلتها تشعر بأنها قد فقدت شيئاً ما في داخلها، كانت تشعر بالغربة، والشاغل لديها هو العودة مجدداً إلى دبي، لأنها اشتاقت لـ....شاطئ «جميرا». بعد انقضاء الأيام عادت مجدداً إلى شاطئ أفكارها، والصدمة غير المتوقعة أنها لم ترَ ذاك الشاب الوسيم. أصبح تفكيرها يأخذها للبعيد، ولكن لم تعط أي بعد للموضوع، أملاً في أن يكون اللقاء في يوم ما، مرت أيام، لم تر خلالها فارسها، ترك ذلك أثراً مؤلماً في نفسها.

تلقت خلود في أحد الأيام اتصالاً من والدها، طالباً منها العودة للحديث معها حول موضوع مهم، انطلقت إلى البيت، ولم تدرك ما ينتظرها من مصير خلف هذا الاتصال. علمت بأن هناك شاباً قد تقدم لخطبتها، وهو من عائلة مماثلة لمستوى ووضع عائلتها، ولكن ما يثير الاستغراب لديها هو أن والدها يفاتحها بموضوع هذا الشاب، وهي تعلم جيداً رفضه لزواجها.

لم تستوعب سؤال والدها، ولكن اتضح لها الأمر بعد فترة، أنه يريد أن يطمئن أنه لا وجود لأي علاقة خاصة بينهما، وذلك بسبب أصرار الشاب عند خطبتها على سؤالها، مؤكداً لوالدها على موافقتها. لم تكن لخلود أي قصة غرامية مع أحد، أو علاقة تخبئها، ولم يكن في فكرها سوى خيال قد رسمته بينها وبين نفسها، صدمت «خلود» بعد أن اصبح الموضوع أكثر وضوحاً، بأن الشاب المتقدم لها هو نفسه فارس أحلامها، أشعرها الأمر بالسعادة والغرابة في نفس الوقت، فهي لم تدرك أن ما قد شعرت به من أحاسيس تجاه هذا الشاب كان شعوراً متبادلاً، وأن أحاسيسه شاطرت أحاسيسها، ليتصرف بالمثل استراقاً للنظر إليها من بعيد، لذا كان يفضل وقت الصباح بالتحديد للجري وقت جلوسها على الشاطئ.

ما أن أدرك والدها أن الأمور تمت بعفوية، اطمأن لعفة وطهارة ابنته الوحيدة، ولكن جرت الأمور على عكس المتوقع، للأسف تحطمت كل تلك الآمال برفض والدها الشاب، دون تبرير!

حاولت خلود الكشف عن الأسباب، وسر هذا الرفض المتتالي لزواجها، لكن قبل حصولها على الجواب ساءت حالتها لتصبح طريحة السرير بسبب انتكاسة غير متوقعة. علم الشاب بالأمر ولم يتردد في السؤال عنها للاطمئنان، سائلاً والدها عن الأسباب التي أفقدته العاطفة تجاه ابنته الوحيدة كي يحرمها من هذه السعادة، فكان الرد من والدها بألم وحزنٌ شديد، أنه يتمنى لها السعادة كباقي أقرانها من الفتيات، ولكن القدر هو ما حرمها إياها، وهنا كانت الصدمة!.. الحقيقة التي خبأها والد خلود طوال تلك السنوات، فقد علم الشاب من الأب أن خلود قد ولدت ضعيفة البنية، وأن مرضها ليس بمرض عادي.

فمنذ الطفولة عانت خلود من مرض السرطان، وعاشت على جرعات علاجية ساعدتها على العيش طويلاً بشكل سليم وآمن، وخوفاً عليها حرص والدها على حياتها وسلامتها بتجنيبها أي خطر ممكن أن يحدث لها، فرغم امتلاكه للمال، إلا أن هذا المال لم يستطع إعطاء ابنته الحياة كغيرها.

Email