في رسالته إلى باولو كويلو

نائب رئيس الدولة: تعلمنا من الدرس التاريخي ولا انفتاح أو إبداع وابتكار وريادة بغير كتاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصديق باولو كويلو

تأملت في رسالتك وتجربتك..وتأملت في الخلاصة التي توصلت إليها بأن سر الحياة واكتشاف الذات يمران بطريقين لا ثالث لهما..القراءة وخوض التجارب..

ولنا تجربة ورسالة أحببت أن أشاركك بها..رسالة بأنه لا مستقبل بغير كتاب..وتجربة عمرها ألف عام أكدت لنا هذه الخلاصة..

كانت لنا تجربة اهتمت فيها شعوب منطقتنا بالكتاب، فسادت وقادت وانفتحت على الحضارات الأخرى، وأصبحت منارة للبشرية ومهدت لعصر النهضة الأوروبية. هل تعرف يا باولو بأنه في القرن التاسع الميلادي كان عدد دور الوراقة (ما نسميه اليوم دوراً للنشر) في ضواحي بغداد وحدها أكثر من 100 دار بلغت إنتاجاتها مئات الآلاف من الكتب، ولم تكن فقط دوراً للنشر بل أشبه ما تكون بالمقاهي الثقافية التي يجتمع فيها العلماء والباحثون والمفكرون والمترجمون من مختلف الديانات والأطياف والحضارات للنقاش والمناظرات، فضلاً عن بيت الحكمة الذي كان يضم أكثر من مليون كتاب ويضم المئات من العلماء والأدباء المتفرغين.. كانت بغداد يا صديقي منارة العالم في الفلك والطب والرياضيات والفلسفة عندما اهتمت بالكتاب، أين بغداد اليوم؟

لا أريد أن أطيل في ذكر المكتبات المليونية الأخرى في الإسكندرية والقاهرة والأندلس والمغرب العربي، ولكن ما أريد قوله بأننا تعلمنا الدرس التاريخي بشكل جيد جداً، لا مستقبل بغير كتاب، لا انفتاح وتقبل وتعايش وتسامح بغير كتاب..لا إبداع وابتكار واختراع بغير كتاب..لا اقتصاد وريادة وقيادة بغير كتاب.

صديقي العزيز، ولكني متفائل، هل سمعت يا باولو عن فتاة المغرب..كوثر..التي تلقت نبأ إصابتها بالسرطان بعد 3 أيام من اشتراكها بتحدي القراءة، ليزيدها ذلك إصرارا على قراءة 166 كتابا في أشهر معدودة، هل سمعت عن الفتاة الكفيفة من الأردن راما التي لم تجد كتاباً بلغة بريل فاستعانت بصديقتها التي ترى بعين واحدة فقط لتقرأ الفتاتان كتباً كثيرة بعين واحدة..أنا سمعت عن عشرات القصص من التحدي الذي شارك فيه أكثر 3.5 ملايين طالب.

أنا متفائل يا باولو بهذا الجيل، ومتفائل بروح التحدي التي رأيتها، ومتفائل بمستقبل عظيم تحت ظلال الكتاب..

محمد بن راشد آل مكتوم

Email