من خلال قراءة لمحمد شحاته العمدة في إصداره الجديد «كتيبة التنمية»
معطى أنثروبولوجي لمسار التنمية في الإمارات
في قراءة للمعطى الأنثروبولوجي لمسار التنمية في الإمارات، صدر أخيراً عن دار «روائع» بالقاهرة، كتاب «كتيبة التنمية قراءة في أنثروبولوجيا التنمية بدولة الإمارات العربية المتحدة» للكاتب المصري محمد شحاته علي العمدة، قدم فيه المؤلف قراءة في ميكانيزمات التحولات التي اعتمدت ترسيخ الهوية في مختلف القطاعات نهجاً، والكتاب عبارة عن قراءة في أنثروبولوجيا التنمية لأفرع التنمية المختلفة بدولة الإمارات، وقد قدم للكتاب الدكتور أحمد مولود الهلال - أستاذ وباحث ومدير المركز الجامعي للدراسات الصحراوية بجامعة نواكشوط في موريتانيا، والذي ذكر أن الكتاب يمثل إحدى بواكير دراسات أنثروبولوجيا التنمية بصحرائنا العربية، ذات الفضاء الرحب الممتد من الخليج إلى المحيط، بعد أن فُكت عُزلتها الأزلية فيما بعد الحداثة؛ إذ لم تعد الصحراء ترمز اليوم لا إلى التيه ولا إلى المجهول وفق ما حملته النصوص القديمة من معان، وتحطمت تلك الصور النمطية التي ظلت راسخة لدى كثيرين بأن الصحراء رمال وفياف وقفار لا تصلح لحياة البشر.
مفاتيح التنمية
وأضاف أن محمد شحاته أدرك في هذا العمل القيّم أن من أهم مفاتيح نجاح مخططات التنمية في الإمارات ما تُوليه من عناية بالمحافظة على تراثها الوطني والعربي أيضاً وعياً منها بأن أمة لا ماضي لها لن تتمكن من بناء الحاضر على أسس متينة، ولن تفلح في استشراف المستقبل، ومن هذه المنطلقات التي تدخل في صلب أنثروبولوجيا التنمية كانت عناية الإمارات بتنمية قطاع الرياضات التقليدية مثل الصيد البري ورياضة الفروسية وسباقات الهجن لما لها من دور في ترسخ الهوية ووعياً منها بالمخاطر التي تهدد التراث في مواجهة تنميط الثقافة، الناتج عن تيار العولمة وما بعد الحداثة الجارف للخصوصيات الثقافية، ولم تبخل دولة الإمارات في هذا الإطار في توظيف الإمكانيات اللازمة للبحث العلمي من أجل تطوير رياضاتها التراثية.
وفي تقديم آخر للدكتور تامر جاد راشد - مدرس الأنثروبولوجيا بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة - مصر، ذكر أنه باستعراضه للدراسة التي قام بها الباحث محمد شحاته في كتابه «كتيبة التنمية» بدولة الإمارات، نستطيع أن نقول إن دولة الإمارات تعد واحدة من أبرز الدول العربية، إن لم تكن أنجحها على الإطلاق في تحقيق تنمية شاملة داخل الدولة تلك التنمية التي قامت في الأساس على تنمية المواطن الإماراتي في كافة جوانب حياته، العقلية، من خلال نهضة تعليمية شاملة على كافة المستويات والمراحل التعليمية، الاجتماعية، من خلال الاهتمام بتوفير حياة اجتماعية تليق بالإنسان وتجعله يحيا حياة كريمة، فالتنمية في الإمارات قامت على الوحدة التي جمعت مواطن الإمارات، بدءاً من المواطن العادي وصولاً إلى الحكام في الإمارات السبع، ليتوحدوا جميعاً تحت مظلة عَلَم واحد، وهو عَلَم الإمارات، وعلى هدف واحد، هو تنمية وطنهم ليكون نموذجاً يحتذى به.
سياسات وتخطيط
ثم قدم الباحث محمد شحاته لكتابه وتحدث في المقدمة عن هدفه الرئيسي من هذا العمل، وهو إبراز تجربة التنمية في الإمارات ووضعها في الترتيب الأول للتجارب العالمية الناجحة في مجال التنمية في كافة المجالات، ثم تحدث عن وجود أنثروبولوجيا عربية وذكر عدة تجارب ترجع إلى ما قبل التاريخ تدل على ذلك واستشهد بتجارب من القرآن الكريم. ثم قسم كتابه لستة فصول، خصص الفصل الأول للحديث عن أنثروبولوجيا التنمية وعلاقتها بالسياسات والتخطيط والموارد والعلم، أما الفصل الثاني فعرض فيه الباحث لتجربة المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تنمية قطاع الزراعة والمياه بدولة الإمارات، وكيف جعل الإمارات واحة خضراء. وفي الفصل الثالث عرض الباحث لتجربة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في التنمية الأسرية بالإمارات وما قدمته للمرأة والطفل. وفي الفصل الرابع عرض الباحث لتجربة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تنمية المواطن الإماراتي ورفع من شأنه ليفخر بانتمائه لدولة الإمارات.
وفي الفصل الخامس عرض الباحث لتجربة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في التنمية الثقافية بالشارقة وكيف جعل الكتاب هو زاد المواطن الإماراتي والعربي. وفي الفصل السادس والأخير عرض الباحث لتجربة سمو الشيخ سلطان بن زايد في تنمية قطاع الرياضات التراثية وكيف تغلب على العقبات التي واجهت رياضة ركوب القدرة وسباقات الهجن.
واختتم الباحث كتابه على أمل أن تتاح له الفرصة لإنجاز جزء آخر من كتابه ليرصد باقي قطاعات التنمية في دولة الإمارات، لتكون نموذجاً ناجحاً لكل الدول العربية ودول العالم الثالث.
إضاءة
مؤلف كتاب «كتيبة التنمية» محمد شحاته علي العمدة هو باحث في الثقافة الشعبية والأنثروبولوجيا من مصر، وحاصل على مقررات الماجستير بتقدير ممتاز بقسم الأنثروبولوجيا بجامعة القاهرة، وله العديد من الأبحاث المنشورة في مجال التنمية بدولة الإمارات، من ضمنها منشورات في مجلة «تراث»، وصدر له العديد من المؤلفات في مجال الشعر والثقافة الشعبية.
