محمد الفهيم شاهد على التحولات النهضوية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعدني أن أطل أسبوعياً على أحبائي في دولة الإمارات الحبيبة، من خلال «البيان» الغراء، لأقدم هذه السلسلة التاريخية - الاجتماعية - البيوغرافية من المقالات، التي تسلط الضوء على شخصيات خليجية، من تلك التي لعبتْ أدواراً لا يمكن تجاهلها في بناء أوطانها، وتوطيد دعائم دولها، وإشاعة التنوير والتحديث في مجتمعاتها، والمشاركة في عملية التنمية السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية.

 

على طريقة بعض المؤلفين الأجانب، الذين وثّقوا لبدايات الأحوال الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الخليج قبل وبعد ظهور النفط، فقدموا سرداً ثرياً للأجيال الشابة التي لم تعش محنة آبائها وأجدادها المعيشية، يأخذنا رجل الأعمال الإماراتي محمد عبد الجليل الفهيم «صاحب مجموعة الفهيم، التي تعتبر واحدة من أنجح الشركات العائلية في أبوظبي، والتي تعمل في مشاريع النفط والغاز وبيع السيارات الفاخرة وإدارة الفنادق والمجمعات السكنية»، في رحلة مشوقة، للحديث عن عائلته وبداياته، معطوفاً على الحديث عن بدايات أبوظبي، وكيفية انتقالها من إمارة قاحلة، كان سكانها يهجرونها إلى دول الجوار بحثاً عن الرزق، إلى صرح نموذجي تتوق لها الأفئدة، وذلك من خلال كتابه «FROM RAGS TO RICHES, A STORY OF ABU DHABI»، «من المحل إلى الغنى..قصة أبوظبي».

ولعل ما يضفي المصداقية على كتاب الفهيم، أن صاحبه شاهد عيان على التحولات النهضوية الجبارة التي حدثت في الإمارة على مدى العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، ناهيك عن حقيقة قرب عائلته من باني نهضة الإمارات ومؤسسها، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

يقول المؤلف في كتابه الذي تـُرجم إلى العديد من اللغات العالمية، إنه تتبع أصول عائلته بالرجوع عدة أجيال إلى الوراء، فتبين له أنّ جده الأكبر، كان حاكماً يستقل بحكم قرية «هرمود» الواقعة بين جبال السواحل الجنوبية من بلاد فارس، المطلة على الخليج العربي، مضيفاً أن عائلته توارثت تلك السلطة أباً عن جد، وكانت منخرطة في تجارة الترانزيت طيلة الفترة الممتدة من القرن 17 وحتى القرن 19، بسبب وقوع هرمود على طرق القوافل التجارية المتجهة من بندر عباس ولنجة إلى مناطق إيران الداخلية.

مركز تجاري

ويضيف أنه منذ منتصف القرن 19، بدأت حكومة طهران المركزية تدريجياً، سياسة التمدد صوب المناطق الواقعة على سواحل الخليج، من تلك التي ظلت تـُحكم وتـُدار لمئات السنين من قبل القبائل العربية، باستقلالية تامة عن الإيرانيين، الأمر الذي جعل أجداده يدافعون عن سيادتهم بالقتال، على نحو ما فعله القواسم في لنجة، لكن بسبب التفوق الإيراني في العدد والعتاد العسكري، لم يكن أمامهم سوى الرضوخ على مضض للسلطة الفارسية، التي راحت تقمعهم وتميز ضدهم.

غير أنّ جده محمد، الذي كان وقتذاك شاباً وغير مكترث بالسياسة والحكم، قرر الهجرة إلى سواحل الإمارات، اقتداء بالكثيرين من أقرانه، الذين لم يستسيغوا البقاء تحت الحكم الفارسي، من بعد قرون تمتعوا فيها بإدارة شؤونهم باستقلالية.

وهكذا نزح جده إلى دبي للإقامة والعمل بها في عام 1880، حينما لم يكن عمره قد تعدى الخامسة عشرة. أقام الفهيم الجد لدى بعض أقاربة ممن سبقوه إلى دبي، وواصل تعليمه في كتاتيب الشارقة.

بعدها بعدة سنوات، لاحت له فرصة الانخراط في العمل التجاري، فاقتنصها دون تردد. ولم تكن تلك الفرصة، سوى افتتاح محل في سوق دبي الشعبي، بالاشتراك مع قريبه إبراهيم رئيس، ومزاولة نقل البضائع والاتجار بها ما بين دبي ومدن الساحل الإيراني، الأمر الذي حقق فيه نجاحاً معتبراً. لكن لسوء حظه وحظ الكثيرين من أقاربه وأقرانه، احترق سوق دبي المبني من جذوع النخيل وسعفه، قبيل انعطاف القرن 19.

وهو ما دفع الجد محمد إلى الانتقال من دبي إلى منطقة أخرى. ولما كانت أبوظبي وجزيرة دلما تشهدان وقتذاك نمواً وحراكاً تجارياً، بسبب بروزهما كمركز لصيد اللؤلؤ والاتجار به، فقد انتقل الرجل من دبي إلى أبوظبي.

وفي الأخيرة، استطاع أن يمتلك أو يستأجر بعضاً من سفن الغوص على اللؤلؤ. وفي عام 1905، تزوج من سيدة تنتمي إلى قبيلة الهوامل، وكتقدير لمكانة الرجل، فقد حضر حاكم أبوظبي آنذاك، الشيخ زايد بن خليفة، حفل زواجه، الذي أثمر عن أربعة أبناء وثلاث بنات.

حريق دلما

ومرة أخرى، يتعرض الجد محمد الفهيم لكارثة حرائق في عام 1910، قضت على أصول كان يتاجر بها، من خلال دكاكين مستأجرة في سوق أبوظبي الشعبي. وملخص القصة، كما رواها حفيده محمد عبد الجليل، أن واقعة الحريق كان سببها خلاف بين مالك المحال وزوجته، التي لم تجد سبيلاً للانتقام منه إلا بإحراق أملاكه.

وعلى العكس من الآخرين، الذين خسروا كل شيء في واقعة الحريق هذه، كان الجد محمد عبد الجليل، يملك بعض الأصول التي يمكن أن يستند إليها للوقوف على قدميه مجدداً. فقد كان يمتلك عدداً من مراكب الصيد التي باع بعضها ليعيد تأسيس تجارته من جديد، لكن ليس في أبوظبي.

وهكذا، نرى أنه مثلما تسبب حريق دبي في ضياع حلاله، وقراره للانتقال إلى أبوظبي، فإن حريق أبوظبي وما خسره بسببه، كان دافعاً له للانتقال إلى جزيرة دلما، حيث عاش ما بين 6 ـ 7 سنوات، يمارس فيها الاتجار باللؤلؤ، من خلال ما تبقى له من مراكب، ويدير دكاناً لتزويد الغاصة والمترددين على الجزيرة بمستلزماتهم.

في عام 1928، تشاء الأقدار مجدداً، أن يخسر الجد محمد عبد الجليل كل أملاكه، بل ويخسرها مرة أخرى، بفعل الحرائق.

يروي الحفيد محمد عبد الجليل الفهيم تفاصيل هذه الواقعة، فيقول ما مفاده، إن جده كان يستضيف في منزله الملاصق لدكانه في جزيرة دلما، بعض الضيوف. وفي الصباح الباكر، استيقظ الطباخ وأشعل النيران لإعداد فطور الصباح، ثم ترك مكانه إلى الخارج لإحضار بعض الحطب.

وفي هذه الأثناء، هبت نسمة هواء قوية، كانت كافية لتطاير شرارة النار، وهكذا احترق كل شيء في دلما، وتحولت في إغماضة عين من مركز للغوص على اللؤلؤ، إلى مجرد بلدة صغيرة يسكنها نفر من الصيادين.

تجارة العائلة

ويبدو أن الكارثة الثالثة في سلسلة كوارث الحريق التي لاحقت الجد، كان لها ضرر نفسي بالغ عليه، وآية ذلك، أنه قرر على إثرها العودة مع إخوانه وأبنائه الأربعة إلى أبوظبي، حيث تفرغ للعبادة، تاركاً لابنه عبد الجليل وبقية أبنائه، عملية ترميم تجارة العائلة، التي لم يكن قد بقي من رأسمالها آنذاك سوى مركب واحد. غير أنه إلى جانب هذا المركب، كان هناك رأسمال آخر، تمثل في عزيمة الأبناء وشبابهم وطاقتهم وحبهم للمغامرة.

وهكذا راح أبناء الفهيم، خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة التالية، يستخدمون المركب الوحيد الذي تركه لهم والدهم في الاتجار، ونقل البضائع ما بين أبوظبي ولنجة ودبي، وأحياناً إلى البحرين، التي كانت تمثل حالة ازدهار خاصة في تلك الحقبة. إلى جانب التجارة، مارس الأبناء وأعمامهم الغوص على اللؤلؤ، رغم تراجع الطلب على اللؤلؤ وضعف مردوده.

في هذه الأثناء، أخذت شركات النفط الأجنبية تبدي اهتماماً أكبر بأبوظبي، على أمل العثور فيها على البترول، خصوصاً، بعدما تم اكتشافه واستخراجه في البحرين والسعودية والكويت وقطر.

وبعد توقيع الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي الأسبق، اتفاقية النفط في عام 1935، قرر أن يبني لنفسه قصراً «يـُعرف حالياً بالقلعة القديمة»، فكان ذلك مشروعاً غير مسبوق، تطلعت إليه أبصار الكثيرين، بهدف المساهمة فيه والكسب من ورائه.

وكان ضمن هؤلاء، الجد محمد الفهيم وأبناؤه وإخوانه، الذين خصصوا مركبهم الوحيد لنقل الصخور وأحجار البناء من رأس خابور إلى أبوظبي، في رحلة كانت تستغرق يومين ذهاباً وإياباً.

وتشاء الصدف، أن تتسبب هذه الرحلات المتتالية في تعرف المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، على عبد الجليل الفهيم، وارتباطهما بصداقة متينة. وملخص القصة، كما رواها محمد عبد الجليل الفهيم في الصفحتين 52 ــ 53، أن الشيخ زايد قرر في إحدى رحلاته ما بين أبوظبي والعين، أن يتنقل في جزء منها بالبحر، فصادف أن رأى مركب الفهيم في رأس خابور، وهو على وشك الانطلاق نحو أبوظبي، فركب معهم.

وفي المركب، تعرف سموه على الوالد عبد الجليل، وأعجب بسعة اطلاعه، وأيضاً بمهارته في الكتابة والقراءة، التي كان سموه يبحث عنها لحاجته إليها، فما كان من الشيخ زايد، إلا أن عرض عليه القدوم إلى العين للبقاء بجانبه.

في عام 1946، تزوج عبد الجليل الفهيم في مدينة العين، وأنجب بنتاً في العام التالي، وفي عام 1948، رزق بابنه محمد «مؤلف الكتاب»، الذي يصف أبوظبي في عام 1950، وطوال السنوات التالية، بالمشيخة البدائية ذات العدد القليل من السكان، مضيفاً أن عدد سكان جزيرة أبوظبي بلغ في أفضل الأحوال 6000 نسمة فقط، وكان ذلك في بدايات القرن العشرين، ثم انخفض في منتصف الخمسينيات إلى ثلث ذلك العدد، بسبب الهجرات المتتالية إلى العين وواحة ليوه وإمارات الخليج.

ومن الأشياء التي أتى على ذكرها في وصفه للحياة في أبوظبي قديماً، قوله إن الانتقال إلى الإمارات الشمالية، مثل دبي والشارقة ورأس الخيمة، كان يتم بالمراكب، وأنه حتى الخمسينيات، كان امتلاك السيارات مقتصراً على عدد محدود من الشيوخ.

أما عن منازل أبوظبي في تلك الحقبة، فقد كانت، بحسب قوله، عبارة عن أكواخ مصنوعة من سعف وجذوع النخل، باستثناء منازل الشيوخ، التي كانت مبنية من الطين ويحدثنا عن صراع سكان أبوظبي وما جاورها للتكيف مع شظف العيش، وقسوة المناخ صيفاً وشتاء، وقلة فرص العمل، وانتشار الأمراض، وانعدام الخدمات التعليمية والصحية، وصعوبة الحصول على الطعام الصحي المتنوع، وغير ذلك مما عاصره جيلا الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

على أن طفولة محمد عبد الجليل الفهيم، رغم هذه الحقائق، لم تكن قاسية، كطفولة أقرانه، لسبب بسيط، هو أنه ترعرع وشب في قصر الشيخ زايد، القريب من منزل والده في العين، والذي كان يقيم به الشيخ وحرمه، وابنهما الوحيد آنذاك، الشيخ خليفة، الذي ارتبط الفهيم معه بصداقة لتقارب سنهما. يقول الفهيم، إن ترعرعه في قصر الشيخ زايد، حرر والدته، على الأقل، من عبء طفل من أطفالها الثلاثة، وأتاح لها وقتاً أكبر لإدارة شؤون منزلها.

وفي حادثة تكشف المآسي التي كانت تقع في الإمارات بسبب افتقارها للخدمات الصحية، يروي محمد عبد الجليل، كيف أن أخاه الأصغر البالغ من العمر ست سنوات، كان يلعب صبيحة أحد الأيام مع أخته ذات السنوات الثلاث في حديقة المنزل، فعثر على علبة كبريت غير مستعملة، وبدأ بإشعال عيدان الثقاب ورميها، فسقط أحدها على ملابس أخته، فأصيبت الأخيرة بحروق خطيرة.

وبطبيعة الحال، لم تكن هناك عيادات أو أطباء أو مستشفيات لعلاجها، إلا في الشارقة، أي على مسافة يومين بالسيارات، ويضيف أن «خبر مصابنا وعجزنا عن علاج أختنا الصغيرة، بلغت مسامع الشيخ زايد، فأعارني سموه سيارته من نوع اللاندروفر، مع سائق لنقلي مع أبي وأمي وأختي المصابة إلى مستشفى القاعدة العسكرية البريطانية في الشارقة للعلاج، لكن مشيئة الله كانت أسرع، فماتت الصغيرة قبل الوصول إلى الشارقة».

بعد وفاة ابنته الصغيرة، بدا عبد الجليل الفهيم أقل رغبة في التنقل والحركة، هو الذي كان منذ تعرفه إلى الشيخ زايد مرافقاً لسموه في أسفاره ورحلاته واجتماعاته مع القبائل والأعيان، وقرر أن يعود إلى حياة الروتين اليومي، من خلال افتتاح متجر يبيع فيه المواد الغذائية والأقمشة.

ظروف المرأة

وعن ظروف المرأة الإماراتية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فيقول إن اهتماماتها وأنشطتها كانت محصورة في تربية أطفالها ورعاية شؤون منزلها، وجلب الماء والحطب، وحلب أغنامها وأبقارها، وتسلق النخيل لجني الرطب والتمر، وإعداد وجبات الطعام البسيطة، المكونة في الغالب من السمك والأرز.

كما يخبرنا أن والده عبد الجليل، رغم النكسات التي تعرض لها على الصعيدين العائلي والتجاري، لم يتراجع عن المغامرة والوقوف على قدميه والتجربة من جديد. وآية ذلك، أنه بمجرد أن رأى الشاحنات تغزو أبوظبي، قرر الدخول في أعمال النقليات، عبر شراء أو استئجار عدد من الشاحنات، التي لم تتوقف عن العطب بسبب الطرق الوعرة، وعدم توفر قطع الغيار والصيانة آنذاك.

وعن دراسته، يقول إنه تعلم القرآن وشيئاً من الكتابة في مدرسة بدائية، كان يديرها «الملا درويش كرم»، مضيفاً أن مدرسته كانت تخلو من الطاولات والمقاعد والسبورة، دعك من المقررات والقرطاسيات والحمامات ومياه الشرب.

صدمة حضارية

الصدمة الحضارية الأولى التي تلقاها محمد عبد الجليل الفهيم، كانت ـ بحسب قوله في الصفحات من 88 إلى 89 ـ في البحرين، التي وصلها مع والده جواً، بواسطة إحدى طائرات شركة الخليج للطيران Gulf Aviation في عام 1961، لرد الزيارة لآل كانو، الذين كان عبد الجليل الفهيم استضافهم في منزله، حينما زاروا أبوظبي في العام نفسه من أجل التفاهم، دون جدوى، مع الشيخ شخبوط، حول افتتاح فرع لأنشطتهم في الملاحة والشحن.

ويقول الفهيم «كانت زيارة البحرين، مثل الانتقال إلى كوكب آخر»، ويضيف: «كان كل شيء فيها حديثاً: الطرق والشوارع الفسيحة المزودة بإشارات المرور والمباني العالية، وكانت هناك فنادق بغرف مكيفة، وقاعات طعام واسعة، ومطبخ متنوع، أما الأسواق، فقد كانت مزدحمة وعامرة بشتى أصناف البضائع المستوردة من أقمشة ومجوهرات وألعاب وأجهزة مذياع وأدوات مــنزلية ومواد غذائية وأثاث». ويصف ميناء المنامة قائلاً، إنه كان كبيراً، وبإمكانه استقبال عدة سفن في آن واحد.

أما ما خرج به والده عبد الجليل من البحرين، فقد تمثل في ما سيشكل لاحقاً حجر الزاوية في ثراء العائلة. حيث عزم الوالد عبد الجليل، وهو في البحرين، أن يدخل قطاع الاتجار بقطع غيار السيارات، ولا سيما سيارات اللاندروفر، التي كانت تزداد عدداً في أبوظبي، مع تواصل أعمال التنقيب عن النفط، وكانت بحاجة إلى من يوفر قطع غيارها. وفي فترة لاحقة، قرر الفهيم الأب، أن يستورد بضائعه مباشرة من بريطانيا، بدلاً من الوكيل البحريني.

ويقول المؤلف، الذي تلقى الصدمة الحضارية الثانية في بريطانيا، التي سافر إليها مع أخيه عبد الله في منتصف الستينيات لدراسة اللغة الإنجليزية، بـُعيد اختياره من قبل الوكيل السياسي البريطاني لهذه المهمة، وتكفل الشيخ زايد بمصارف رحلته ودراسته وإقامته، إنه بعد عودته من تلك الرحلة، كان الشيخ زايد قد تولى الحكم في أبوظبي، فهاله ما رآه من تطورات وحراك تنموي، لم يكن ليتم لولا حكمة الشيخ زايد وسياساته في إسعاد مواطنيه، واعتماده على السواعد الوطنية، التي عادت من دول الجوار بخبرات ومؤهلات متنوعة، وبعض المدخرات.

كما يخبرنا أنه تولى شخصياً أعباء تجارة والده، بعدما تفرغ الأخير لمساعدة الشيخ زايد، وهو يخطو بأبوظبي قدماً إلى الأمام، فعمل جاهداً على النهوض بتلك التجارة، عبر توفير كل ما كانت أبوظبي في حاجة إليه، وهي تخوض معركة البناء والتحديث.

فقد بنى الورش والكاراجات ومرافق الصيانة، وضاعف من استيراد إطارات السيارات والبضائع الأخرى ذات الصلة بحركة النقل، ودخل مشاريع البناء والإنشاءات، وتوفير الخدمات الفندقية، التي لم تكن موجودة أصلاً، وخاض معركة بناء المجمعات التجارية والسكنية، خصوصاً مع الدعم المتوالي، الذي كان يقدمه الشيخ زايد للمواطنين لتأسيس أنفسهم.

* كاتب وباحث أكاديمي من البحرين

Email