مخرج الفيلم يراهن على التجربة بعد شهرته في أفلام الكوارث

«المجهول».. رحلة الشك في هوية شكسبير

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد صالات السينما المحلية هذا الأسبوع، عرض فيلم "المجهول ـ Anonymous"، الذي أثار الكثير من الجدل، قبل وخلال عرضه بمهرجان تورينتو السينمائي الدولي في 11 سبتمبر الماضي، أو بعد طرحه في قاعات السينما العالمية في أكتوبر الماضي، فقد شكك في هوية الشاعر والكاتب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير الحقيقية، وعدم مقدرته على القراءة والكتابة، وبالتالي عجزه التام عن تأليف هذه الروائع التي ألهمت البشرية على مر العصور، حيث يقول الفيلم ببساطة إن مساعده إدوارد دي فيري الذي اشتهر باسم (ايرل اوكسفورد) هو الكاتب الحقيقي لهذه الأعمال.

الفيلم من إنتاج أميركي "كولومبيا بيكشرز" ومن إخراج الألماني "رولاند اميريتش"، الذي اشتهر بأفلام الكوارث مثل "يوم الاستقلال" و"2012" و"يوم بعد غد" و"10000 سنة قبل الميلاد"، وهو يبحث من خلال قصة تمزج الخيال بالواقع عن تاريخ بديل للمسرحي العالمي والشاعر الكبير وليام شكسبير، الذي ألف 37 مسرحية و154 قصيدة.

 

مكائد ومؤامرات

يقوم بدور (شكسبير) في الفيلم راف سبال، بينما يجسد الممثل رايس إيفانز شخصية (إدوارد دي فيري)، وتلعب النجمة الكبيرة فانيسيا ريدغريف دور (الملكة إليزابيث)، ولم يصور الفيلم في بريطانيا، بل صورت كل مشاهده في برلين، واستخدم المخرج التكنولوجيا العالية وبرامج الكمبيوتر من أجل إظهار ملامح لندن في القرن السادس عشر داخل الاستوديوهات، حيث تدور الأحداث على الشاشة في (130 دقيقة)، وتتمحور القصة حول التمرد ضد إسيكس الملكة إليزابيث الأولى، وترصد بذكاء المكائد السياسية والرومانسيات غير المشروعة في الديوان الملكي، ومخططات النبلاء الجشعين المتعطشين للسلطة والاستيلاء على العرش البريطاني.

وفي جو التشكيك الذي ساد انجلترا خلال تلك الحقبة، لا يمكن أن يقبل رجل نبيل أن يراه الناس يؤلف للمسرح الشعبي المتواضع، فأفكار شكسبير السياسية غالباً ما كانت معارضة للملكية، وايرل اوكسفورد كان أحد أقرباء الملكة إليزابيث الأولى، ومن ثم على طريقة نظريات المؤامرة في روايات شكسبير نفسها، يتم ظهور شكسبير في شخصية ممثل سكير جاهل، وكان البارون وايرل اوكسفورد يستخدمه في توقيع أعماله، بدلًا من أن يطرحها من دون توقيع مؤلف، حتى لا يدخل في مواجهات مع الرقابة الملكية.

ومن ثم فإن فيلم "المجهول" يخمن على القضية، التي ظلت لقرون تشغل الأكاديميين والعقول اللامعة بدءاً من مارك توين وتشارلز ديكنز، وهنري جيمس، وسيغموند فرويد، وهي: من هو مؤلف المسرحيات المنسوبة إلى وليام شكسبير؟ خبراء تجادلوا فيها، وكتبت مؤلفات حولها وعلماء كرسوا حياتهم لحماية أو فضح النظريات المحيطة بتلك الأعمال الأكثر شهرة في الأدب الإنجليزي.

 

حيرة وشك

الطريف في الأمر أنه مهما ثار الجدل حول شخصية الكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير، إلا أنه نجح في إبداع ثلاثة من بين أروع وأهم شخصيات أثرت في تاريخ الأدب العالمي على الإطلاق وهي: هاملت وعطيل ومكبث، وقد بذل المخرج رولاند اميريتش، جهداً كبيراً نحو السفر إلى الرؤيا من حيث الغموض، ونجح طاقم التمثيل في تجسيد الشخصيات التي فضحت موقفاً مأساوياً ترك تأثيراً سيئاً في نفوس البروفيسورات الإنجليز، ورغم ما سيراه الجمهور على الشاشة، إلا أن الفيلم الذي يجيب بوضوح عن هوية شكسبير الحقيقة، لن يغير شيئاً على الإطلاق في تخفيض قيمة إرثه الأدبي والمسرحي، بل يثير المزيد من الحيرة والشك حول كينونة شخصيته بعد 400 عام على وفاته، لنطلق جملته الشهيرة بعد الخروج من الفيلم، شكسبير الذي شاهدناه (يكون أو لا يكون) هو الذي نعرفه في كل ما تركه من كتابات؟!

 

غموض

 

رغم شهرته في الشرق والغرب، فإن الجدل لم ينته حول الكثير من الجوانب الغامضة في حياة الكاتب والمسرحي البريطاني ويليام شكسبير، ومن بينها شكله الحقيقي، فالبعض يشكك في التمثال الموجود خارج مقبرته، ويعتبر أنه يشبه الجزّارين، أكثر منه مجسّداً للهيئة الحقيقية لأحد أهم المؤلفين في العالم، أما الصورة المرسومة له على إحدى طبعات مسرحياته القديمة، فهي تعود، وفق المؤرخين، إلى رسام لم يقابله قط في حياته، وثمة صورة ثالثة له، يعرضها متحف لندن، ويظهر فيها المؤلف الراحل بعينين داكنتين وشعر أسود، مع قرط في أذنه، وهناك صورة رابعة له يبدو فيها في ريعان الشباب وتظهر عليه مظاهر الثراء بالنظر إلى نوعية الملابس التي يرتديها والموشّاة بالذهب.

Email